تولد في الشارع المصري خلال السنوات القليلة الماضية, العديد من الأحداث نتج عنها فوضي متعددة المجالات, حيث فرض علي الأمن القومي المصري مجموعة من التحديات الهائلة, التي كثيرا ما وقفت حائلا دون تحقيق وتأمين المصلحة القومية والوطنية, والتي بالتالي أعاقت الدولة عن توفير ضمانات الانطلاق نحو التنمية الشاملة, ودائما ما كان يتم الضغط من قبل قوي الشر في الداخل والخارج لإحداث خلل في المعادلة الرئيسية التي تؤدي لتحقيق الاستقرار الشامل. فلكي يتحقق الاستقرار الشامل, فإن الدولة مطالبة بأن تضمن توفير كامل احتياجات المواطنين, بالتزامن مع كفالة الحريات, وتوفير مناخ إعلامي جيد يكون عونا للدولة في معركتها علي طريق الانطلاق نحو التنمية الشاملة. وفي تطور مهم, قامت ثورة30 يونيو الشعبية, من أجل المضي قدما علي طريق تحقيق المطالب الرئيسية للشعب وفي إطار مجموعة من المبادئ المصرية التي تتمثل في: 1استقلالية القرار المصري وفقا للإرادة الوطنية المصرية وبما يحقق الأمن القومي المصري. 2علاقات مصر الخارجية تقوم علي تحقيق المصالح الوطنية والقومية المصرية, وفي ظل الانفتاح الكامل والمساواة والتوازن في إدارة العلاقات مع كل دول العالم. .3 الأمن القومي العربي هو مكون رئيسي من الأمن القومي المصري, ولا مجال للانفصال بينهما. 4 مصر دولة لا تتبني العداء مع أي دولة أخري, ولا تتدخل في الشئون الداخلية لأي دولة. 5 لا حق لأي دولة في أن تتدخل في الشأن الداخلي المصري. وعلي ما يبدو, فإن هذا الأمر قد سبب انزعاجا شديدا لقوي الشر الخارجية, التي ما إن بدأت تتبلور ملامح الدولة المصرية في الظهور, حتي بدأت في إعمال كل آليات إعاقة الدولة المصرية عن استكمال طريقها عبر قوي الشر في الداخل علي اختلاف مسمياتها. وفي هذا الإطار, بدأت الحرب غير المعلنة علي الدولة المصرية, فمن فرض لحصار اقتصادي غير معلن, يشمل ضرب حركة السياحة, وضرب قيمة العملة المصرية الوطنية, وتطبيق مخطط لتحقيق عدم إشباع حاجات المواطن من السلع الأساسية, إلي تشويه صورة النظام المصري علي الصعيدين الداخلي والخارجي, عبر مجموعة من الأحداث التي تم إعداد تقارير لها بمعرفة منظمات حقوق الإنسان العالمية, كهيومان رايتس ووتش, والعفو الدولية, بما يؤدي إلي إشاعة أن النظام المصري نظام قمعي لا يراعي الحقوق والحريات, وصولا إلي تدمير المنظومة الإعلامية المصرية, وجعلها تسير في اتجاه مخالف لدورها اللازم أن تضطلع به في ظل هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن, الأمر الذي يؤدي في النهاية إلي أن يكون المجتمع مهيأ في أي لحظة للانقلاب علي النظام, والخروج عليه, رغبة في تحقيق ما سبق أن فشلوا فيه منذ ثورة25 يناير. هم يريدون تفكيك وتقسيم الدولة المصرية, هم يريدون استهداف القوات المسلحة المصرية والشرطة المدنية, عبر إدخالهما كطرف مباشر في علاقة صراعية مع الشعب, هم لا يكفون عن محاولة تطبيق مخططهم القديم الذي يعتمد علي سياسة فرق تسد, والذي يجددون آلياته ولاعبيه بين الحين والآخر, هم يعملون علي إشعال المناطق الحدودية الطرفية التي دائما ما تكون النقاط الأضعف في الدول المركزية, ليكون ذلك الطريق نحو خلق مناطق لا يمكن للدولة أن تفرض سيادتها عليها, ومن ثم تصبح الدولة فاشلة. ولن نكون معنيين هنا بشرح كل ماسبق, ما يعنينا هو هذه الحالة التي تمكنوا خلالها من تنميط العقل الجمعي للمصريين, والتحكم فيه وإدارته عن بعد ما يعنينا هو التحديات الاجتماعية التي يفرضونها علينا, والتي تتمثل في: 1 استيراد قيم ومبادئ وعقائد لا تتفق مع السائد في المجتمع. 2 استخدام الحروب المعنوية, والنفسية, والدعاية المضادة لهزم إرادة وعزيمة المجتمع. 3 نشر الشائعات, والعمل علي ضمان تدفق هائل للمعلومات المغلوطة. 4 كسر منظومة الإعلام القومي, وإعلاء نموذج الفوضي الإعلامية الخربة, والذي يتزامن مع فن وثقافة لا يرقيان لتحصين المجتمع. فمع اندلاع ثورة يناير, كان لابد من كسر الذراع الإعلامية للدولة, وهو الأمر الذي تحقق بسهولة شديدة في ظل التراخي الشديد الذي تعامل به نظام الرئيس مبارك مع ملف الإعلام, وترك المجال الإعلامي يعمل في ظل فوضي لم يتمكن من السيطرة عليها, ولم يهتم بإصدار التشريعات التي تضمن أن تكون الأدوات والوسائل الإعلامية المختلفة تعمل وفقا لمنظومة تراعي قواعد المهنية والشفافية والحداثة. تزامن ذلك مع تزاوج المال بالسلطة السياسية, والقبول بتضخم مؤسسات إعلامية غردت خارج السرب الوطني, إضافة إلي الشيخوخة الشديدة التي كان يعانيها الإعلام المصري, نتيجة لعوامل ترتبط بمستوي القيادات الإعلامية في هذا التوقيت, والذين كانوا نتاجا لتفريغ المناصب القيادية لمصلحة قيادات سيطرت علي مقاعدها لفترات زمنية طويلة, وأعدمت كل طموحات وآمال أجيال أخري كانت متأكدة من أن الفرصة لن تأتي لها بحكم انعدام فرص التغيير والتدوير في المناصب. انكسرت الذراع الإعلامية للدولة, وسادت الفوضي الإعلامية, وبدأنا في استيراد غير منظم لأشكال من الصحافة والإعلام تعمل بدون ضابط أو رابط. فقط كان هم القائمين عليها تحقيق أكبر قدر من المكاسب عبر إعلانات كانت تخصص لبرامجهم, وتمويلات تمنح لصحفهم, وقادوا معا أكبر عملية هدم لقيم وتقاليد مجتمع, وحولوه من مجتمع متسامح, ومحب, وبشوش, ومتفائل, إلي مجتمع مختلف تماما يسوده الغل, والعنصرية, والغضب, واليأس. وتمكنوا من ذلك عبر تفعيلهم والصرف ببذخ علي مواقع التواصل الاجتماعي, والمواقع الإلكترونية, وما ارتبط بها من أنماط الإعلام الجديد, مثل صحافة المواطن والتدوين.