تناولنا في المقال السابق ماهية البريكس, وهي اختصارات للأحرف الأولي لأسماء خمس دول هي البرازيل, وروسيا, والهند, والصين, وجنوب إفريقيا, وكيف أن الصين تتخذ هذا التجمع وسيلة كي يكون منافسا قويا للهيمنة الأمريكية علي الاقتصاد العالمي. كما أشرنا في المقال السابق عن إعلان الصين مجددا عن مبادرة طريق الحرير, والتي هي بالأساس استراتيجية تنموية تركز علي التواصل والتعاون بين الدول ال68 التي وافقت علي المشاركة ومنها مصر, ومن خلال تلك المبادرة ستنفق الصين حوالي150 مليار دولار سنويا في تلك الدول, لتنفيذ مجموعة من الاستثمارات في مجال البنية التحتية والطاقة والموارد الطبيعية والصناعة والتجارة. ونستطيع أن نوجز أن المارد الصيني قد أدرك أهمية الاستثمار في البنية التحتية, ودورها في نمو التجارة والصناعة والسياحة, وأكد علي أهمية التعاون الدولي لتحقيق أكبر مكاسب تنموية. وهو ما يؤكد علي أن مصر تسير علي الطريق الصحيح, فنحن نعمل علي تحديث بنيتنا التحتية, ولم نغفل دور التنمية الصناعية, وتهيئة البيئة المواتية لجذب الاستثمارات, ونعمل علي الاندماج في التكتلات الإقليمية, لزيادة حركة التبادل التجاري والسياحي, ونقل الخبرات الدولية التنموية. ولعل مشاركة مصر البارزة في القمة الاقتصادية, خير دليل علي قوة الاقتصاد المصري, ومستقبله المزدهر الذي يجذب الدول الاقتصادية الكبري للاستثمار فيه. وجاءت تلك القمة لتروج لسياسات الإصلاح الاقتصادي التي اتبعتها مصر منذ بداية2016, واستغلال تلك الإصلاحات في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وهو ما أكده السيد الرئيس في كلمته أمام العالم قائلا أنه فيما يتعلق ببيئة الاستثمار والأعمال, فقد أقر البرلمان المصري قانون الاستثمار الموحد, والذي قامت الحكومة بمشاورات موسعة حوله مع المستثمرين المصريين والأجانب, واستجاب لكثير من المطالب التي طالبتم بها. ومنذ عدة أيام فقط, أقرت وزارة التجارة والصناعة المصرية بمنح التراخيص الصناعية للشركات, خلال7 أيام فقط, بدلا من600 يوم كما كان متبعا من قبل; وهذا يعبر عن إدراكنا لحجم العقبات التي كانت تؤثر علي مناخ الاستثمار, ويؤكد رغبتنا في توفير بيئة صديقة للاستثمار والأعمال, وفقا لأفضل المعايير العالمية. تلك الكلمات التي ألقاها السيد الرئيس, تابعت الصين مراحل تنفيذها, فأدركت أن مصر علي طريق التنمية, فاستجابت لذلك, وعملت علي زيادة عدد الشركات الصينية العاملة بمصر من40 عام2014 إلي أكثر من100 شركة حاليا, وزيادة حجم استثماراتها في مصر لتصل إلي700 مليون دولار, وفي مجال السياحة ارتفعت أعداد السائحين الصينيين الوافدين إلي مصر في الأشهر الخمسة الأولي من العام الحالي بنسبة94% مقارنة بنفس الفترة من عام2016, لتصبح الصين بذلك رابع أكبر مصدر للسياحة لمصر هذا العام. إضافة إلي توقيع اتفاقيات عديدة ما بين مصر والصين بهدف تنفيذ مشاروعات مستقبلية عديدة, منها التعاون الاقتصادي والفني حول تخصيص الصين منحة قدرها300 مليون يوان صيني لمصر لتنفيذ القمر الصناعي المصري سات2, و تنفيذ مشروع القطار الكهربائي الذي سيربط مدينة السلام بالعاشر من رمضان وبلبيس بقيمة أكثر من2,1 مليار دولار, وكذلك تأكيد رؤساء الشركات الصينية علي رغبتهم في الدخول في مشروعات جديدة في مجالات البنية التحتية خاصة النقل و والكهرباء. تلك الخطوات التعاونية في إطار تجمع البريكس, يشير إلي شيء واحد وهو أن انضمام مصر لهذا التجمع لم يكن مصادفة, وإنما يشير إلي اهتمام دول التجمع بالتعاون مع مصر, ومن ثم فهو اعتراف بالتوجهات التنموية المصرية المستقبلية. [email protected]