يقف العالم بكل حكوماته وثرواته وإمكانياته الهائلة ومنظماته الإنسانية والحقوقية والصحية موقف المتفرج إزاء ما يجري من أحداث جسيمة في اليمن, وكأن ما يجري في هذا البلد التعيس فيلما سينمائيا, أو قصة من وحي الخيال, فلا الدول الكبري فعلت شيئا لوقف نزيف الدماء الذي يتدفق منذ ما يقرب من ثلاثين شهرا, ولا المنظمات الدولية فرضت عقوبات علي المتسبب في هذه الحرب المجنونة التي لا يبدو في الأفق أي أمل في توقفها, فيما تواصل إيران شحن المتمردين بالأسلحة والذخائر لمواصلة انقلابهم علي الحكومة الشرعية, ولا قدم يد المساعدة لشعب يتعرض للموت قتلا وجوعا ومرضا, حتي جاء وباء الكوليرا لينهش ويقضي علي ما تبقي من بشر يعيشون في أحلك الظروف بأعداد هائلة. وبات مصير شعب بأكمله رهنا بصحوة الضمير العالمي الذي راح في سبات عميق منذ سنوات طويلة. فقد دخلت الحرب الأهلية في اليمن عامها الثالث مخلفة ورائها حوالي8400 قتيل جراء الاشتباكات المسلحة بين قوات التحالف العربية من ناحية والحوثيين وأنصار المخلوع علي عبدالله صالح من ناحية أخري, غير أن ما سببته الحرب من انهيار البني التحتية وضعف الخدمات الطبية وشح الأدوية وصعوبة توفير المياه النظيفة الصالحة للشرب ما أدي إلي تفشي وباء الكوليرا الذي بلغ انتشاره بين اليمنيين مستويات خطيرة جدا تنذر بكارثة إنسانية لم يشهد لها العالم مثيلا من قبل. فقد أكد روبير مارديني المسئول عن منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف منذ أيام من أن وباء الكوليرا الذي يجتاح اليمن يمكن أن يصيب نحو850 ألف شخص بحلول نهاية2017, ما وصفه بأسوأ السيناريوهات, محذرا من بلوغ الوباء مستويات ضخمة, يمكن وصفها بأنها الأكبر والأكثر خطورة في العالم. وقال مارديني أن الوباء لا يزال خارج السيطرة, مع وجود647 ألف حالة اشتباه في الإصابة بالوباء. وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت في وقت سابق أن2065 شخصا قضوا إثر إصابتهم بالكوليرا, بينما أكد مسئول المنطقة بالصليب الأحمر أن وتيرة انتشار الوباء عاودت الارتفاع مع وجود4700 حالة اشتباه بالإصابة بالمرض يوميا, وهو ما يعد أسوأ أزمة صحية بالنسبة لمرض يمكن تفادي الإصابة به في التاريخ الحديث. ولم تخف منظمة الصحة العالمية أسباب سرعة انتشار الوباء, بل أكدت أنها تعود إلي تدهور الخدمات الصحية مع وجود ملايين الأشخاص من دون مياه شرب نظيفة, مع ندرة الأدوية الضرورية في البلاد. الأممالمتحدة من جانبها وصفت الأوضاع اليمنية بأنها أسوأ أزمة إنسانية في الكرة الأرضية, بينما وباتت مناطق واسعة من هذا البلد الفقير علي مشارف المجاعة. من ناحيته بحث الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي مع المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية احتياجات بلاده من مواد الإغاثة والاحتياجات الإنسانية وسبل تعزيز التنسيق المشترك للخروج من الأزمة التي أطبقت علي خناق اليمنيين, مؤكدا ضرورة توحيد الجهود مع منظمات المجتمع المدني والمجتمع الإقليمي والدولي لمساعدة اليمن حتي تتجاوز أزمتها.