الخصخصة كلمة لها واقع سيئ لدي المصريين, في ظل تجربتهم معها خلال فترة التسعينيات, عندما نفذت مصر برنامج الخصخصة لبعض شركات قطاع الإعمال, فبدلا من تحسن أحوال تلك الشركات وتطويرها بعد خصخصتها تم تصفيتها وبيع أصولها وتسريح عمالها, أو خروجهم بنظام المعاش المبكر, كلمة الخصخصة تظهر كثيرا عند حدوث أية مشكلة داخل إي قطاع خدمي في الدولة, وكان أخرها حادث قطاري الإسكندرية الشهر الماضي الذي أدي إلي سقوط36 قتيلا وإصابة و172 آخرين, بعدها انطلقت الدعوات المطالبة بخصخصة السكة الحديد, بعد تدهور أحوالها وفشل الحكومة في إصلاح أحولها, فهل صحيح أن الخصخصة هي الحل بالنسبة لهذا القطاع الحيوي للمواطن المصري؟ الباعة في البداية استعرض الركاب المشكلات التي تواجههم مع السكة الحديد بعيدا عن الزحام والمستوي المتدني للخدمة والتهالك الذي أصاب معظم عربات القطارات, وهنا لأ فرق في الإهمال بين قطارات الدرجة الأولي الممتازة والدرجات الأخري فتقول سها طالبة بالفرقة الأولي الجامعية أعاني من ظاهرة الباعة الجائلين والزحام الشديد لأني دائما ما أستقل القطار العادي حتي أذهب إلي كليتي فهم يمثلون مصدر ازعاج شديدا لجميع الركاب وأحيانا يكونون لصوصا.
المكيف أما نبيلة35 عاما فتقول أتردد باستمرار علي القطار المتجه من القاهرة إلي أسوان ودائما ما أستقل القطار المكيف والمثير للدهشة إن الإهمال طال هذه القطارات فطوال فترة السفر والتكيف يسرب مياه من فوق المقعد الذي أجلس عليه حاولت أن أبحث عن مسئول أو حتي أي فني ولكن دون جدوي وتم إبلاغ أكثر من شخص بالقطار ولم يفعلوا شيئا حتي تبرع أحد الشباب بالجلوس بمكاني وتبديل الأماكن.
التدخين أما أحمد فيقول أحرص أن أركب القطار المكيف والبعد عن المدخنين لأنني مصاب بحساسية في صدري ومع ذلك أجد المدخنين يدخنون في عربات القطار الممنوع التدخين فيها, وعندما تناقشت معه لم يستجب وأصر علي استكمال التدخين.
الرواتب بالنسبة للأجور فرغم إنه يعمل بالهيئة منذ23 عاما إلا إن راتبه لا يتعدي3000 جنيه بجميع مشتملاته والمهنة لا تحتوي علي ترقيات فهي ثابتة وأعلي حاجة فيها هي رئيس قطار, وفقا لما ذكرة احد المشرفين رفض ذكر اسمه. وهذا الوضع ينطبق علي جميع العاملين بالسكة الحديد بعيدا عن المناصب العليا
الخصخصة ليست حلا وبسؤال الدكتور عبد الرحمن عليان خبير اقتصادي عما يحدث في السكة الحديد؟أجاب قائلا إننا لا نستطيع إلغاء السكة الحديد بالرغم من وجود الحوادث المتكررة والخسائر المادية والبشرية لأن ملايين الركاب يعتمدون عليها يوميا, والعيب الرئيسي إن السكك الحديدية نفسها مستهلكة والوحدات والقطارات انتهي عمرها الافتراضي والسائقين والفنيين غير مؤهلين بما فيه الكفاية ولحل تلك الأزمة لابد من وجود أموال فكيف نمول السكة الحديد وهي في الأساس شبه مجانية فالإيرادات التي تحصل منها لا تغطي تكلفة الخدمة نفسها. وأضاف أن سبب المشكلة له بعد آخر من وجهة نظري وهو الزيادة السكانية, فبالرغم من وجود كثرة سكان في بعض الدول مثل الصين والهند إلا إن حكوماتهم تستفيد منهم بينما نحن لا نستطيع الاستفادة من سكاننا, وأشار إلي أن المواطن المصري وصل إلي مرحلة الكسل والخمول وأن يفتقد الضمير مع الوضع في الاعتبار قلة الموارد وركود السياحة وقلة الإنتاج. ولذلك أطالب بسرعة توفير الموارد المالية لشراء ما يكفي من وحدات وقطارات طبقا للأسعار الحالية لأن السنوات المقبلة ستكون الأسعار بضعف القيمة الحالية ويجب التعجيل بالخطة لأن إنجازها سيستغرق من3 إلي4 سنوات. وقال الدكتور عليان إن هيئة السكة الحديد كانت تحتل المنصب الثاني بعد بريطانيا, ولكن الآن تأخرنا لأن العمر الافتراضي للقطارات انتهي, وذكر إنه يجب تأهيل عمال المزلقان والسائقين لتفادي وقوع الحوادث من خلال خطة إستراتيجية للسكة الحديد. وبسؤاله عن إمكانية خصخصة السكك الحديدية أجاب قائلا: الخصخصة ليست هي الحل لأنها مستحيلة في بعض القطاعات في مصر كما إن معظم المصانع التي تم خصخصتها فشلت فشلا ذريعا, وأضاف قائلا إن دول كثيرة مثل إنجلترا وألمانيا رفضت تخصيص السكة الحديد واعتبروها من المؤسسات الأساسية المستحيل خصخصتها. وأضاف أن إذا تم خصخصتها ستعلو أسعار التذاكر فالخصخصة صعبة علي المستهلك المصري لأن الطبقة المتوسطة لا تستطيع تحملها, ولكن الحل السليم هو المشاركة بين القطاع الخاص والحكومة فالقطاع يستثمر والحكومة تدير وتعوض الفرق حتي تستطيع الحكومة أن توازن بين مصلحة المستثمر ومصلحة المواطن المصري فالمشكلات الأساسية تكمن في الفساد وسوء الإدارة وزيادة عدد السكان.
عدم اتزان اما اللواء سعيد طعيمة رئيس لجنة النقل بمجلس النواب فقال: لا أرغب في أن أتحدث عن التصريحات القديمة فهي أخذت وقتها بما فيها الكفاية وما يهمني الآن هو تدعيم المسئولين عن السكة الحديد لأننا إذا ما هاجمنهم لا نستطيع أن نحل ولكن يهمني الحل الآن, فأنا ذكرت الحقيقة كاملة التي لم يستطع أحد التصريح بها لأنني قبل وقوع حادث الإسكندرية بثلاثة أيام حذرت من حدوث كارثة ولكن لم يهتم أحد فالقيادة كفيلة بأن تجعل أي مكان غير منتج مثمر فأي مكان يوجد فيه فساد تستطيع الحكومة جعله متقدم فأنا أطالب من الجميع مساندة الشباب الموجود بالمحطة ودعمهم ومحاولة الأخذ بأيديهم, وإبراز النقاط الإيجابية خصوصا إن هيئة السكة الحديد في حالة عدم اتزان فيجب أن ندعمهم ونقف بجانبهم للمساهمة في التطوير.
اصلاح المنظومة و أضاف أنه بدلا من الحديث عن الخصخصة وغيرها في الوقت الراهن, فيجب إصلاح منظومة السكة الحديد, بسبب سوء حالها في الفترة الأخيرة, فالسكة الحديد لا يوجد بها أوناش جاهزة, وتلك الهيئة تحتاج إلي قيادات تعمل من الشارع وتكون في حالة طوارئ مستمرة, وللأسف ليس السبب ضعف الإمكانيات, فيجب إحكام السيطرة, لأن هناك فسادا داخل المنظومة,وأنا دائما ما أطالب المسئولين في وزارة النقل بضرورة الاهتمام المباشر والعاجل بالسكة الحديد, من خلال إجراء صيانة شاملة للقطارات والبنية التحتية للهيئة, والمحطات الرئيسية, لا سيما الإسراع في التطوير البطيء للمحطة الرئيسية بالإسكندرية محطة مصر.
تعديل القانون و حول امكانية تعديل قانون هيئة السكة الحديد قال بالطبع نحن ندرس وضع تعديل في قانون هيئة السكة الحديد, لمناقشته خلال دور الانعقاد الثالث, بالتنسيق مع وزير النقل هشام عرفات, لأن القانون الحالي لا يصلح, فنحن نحتاج لإشراك القطاع الخاص في إدارة الهيئة لعمل تطوير شامل, لاسيما علي مستوي نقل البضائع, بالإضافة إلي إني دائم التواصل مع وزير النقل لبحث مستجدات خطة التطوير.
مشكلات متوارثة وبسؤال الدكتور حسن مهدي أستاذ هندسة النقل والمرور بجامعة عين شمس قال بالنسبة للمشكلات فنظم التحكم والإشارات قديمة للغاية والنظام الميكانيكي كذلك وهذه هي وجهة نظري الشخصية والقانون سوف يأخذ مجراه, ولكن مما لا شك فيه إن المرفق متهالك بشكل عام,فالمشكلات متوارثة فكل وزير يرث مشاكل الوزير السابق ونظم الإدارة والتحكم في السكك الحديدية يعتمد علي الإشارات التي تعمل85% ميكانيكيا معتمدة علي العنصر البشري وال15% منها إلكتروني, لافتا إلي أن الدولة تعمل علي3 مشروعات لتحييد العنصر البشري من السكك الحديدية. واستطرد قائلا: السكة الحديد قنبلة موقوتة تسببت في إقالة العديد من وزراء النقل فهي تعاني من تدني المستوي الفني والإداري, ولذلك أري أن أول خطوة في طريق الإصلاح والتطوير هي الاعتراف بوجود خطأ وخلل في المنظومة لأن هذا يعتبر جزءا من روشتة العلاج ونطالب بعناصر الأمن والسلامة والاهتمام بمصادر التمويل. وأضاف أن هيئة السكة الحديد تحتوي علي54 ألف عامل وموظف يجب توعيتهم بثقافة الوعي وخبراتهم بالفنيات,ويوجد4000 مزلقان عشوائي و1400 مزلقان رسمي, فهيئة السكة الحديد تعتمد علي نظم التحكم والإشارات وهذا النظم لم يعد موجودا الآن ولذلك نطالب بالتطوير, ويكفي القول بأن هيئة السكة الحديد المصرية كانت تحتل المركز الثاني, أما الآن فهي تحتل المركز78, مشيرا علي أن الخلل موجود بالمنظومة وأن هذا الخلل لا يتغير بتغيير الأفراد.