التدخين و تعاطي المخدرات عنوانان لأكبر المشكلات التي تواجه الأسرة المصرية وتهدد مستقبل أولادها وهو ما كشفت عنه نتائج المسح القومى عن التدخين والمواد المخدرة والكحوليات بين طلبة المدارس الثانوى العام والفني حيث أكدت أن نسبة التدخين في المدارس 12.8 % ونسبة تعاطي المخدرات 7.7 % ، ونسبة التدخين و تعاطي المخدرات بالنسبة للذكور أعلي منها للإناث 20 % إلي 3 % ، و بالنسبة للمدارس الثانوية بلغت نسبة التدخين وتعاطي المخدرات 58.3 % وأوضحت أن نوع التدخين ينقسم إلي 28.5 % سجائر و 21.3 % شيشة و 50.3 % سجائر وشيشة . يوسف مصطفي- طالب بكلية التجارة جامعة القاهرة- يقول: بدأت رحلتي مع التدخين في المدرسة الثانوية مع الأصدقاء في المقهي حين أعجبتني الشيشة وأصبحت أدخنها كل فترة حتي تعودت عليها, فالأصدقاء هم العامل الأكبر للاتجاه للتدخين بنسبة99% تقريبا فإذا كان الأصدقاء لا يدخنون فمن الصعب حدوث هذا والعكس صحيح إلا في وجود قدوة في البيت يقوم بالتدخين ففي هذه الحالة يمكن التقاط العادة من هذا الشخص. وأكد أن المدخن يقنع نفسه أن الابتعاد عن التدخين سهل ولكن عند الشكل العملي يجد صعوبة; حيث تقل نسبة النيكوتين في الجسم ويصبح التدخين نوعا من أنواع الإدمان ولكن يمكن الانقطاع عن التدخين إذا كان هناك هدف أو غاية كبيرة للمدخن, وان من الأسباب التي تؤدي للتدخين أن الشاب يري نفسه قوي الشخصية وسيد قراره ويبدأ بإقناع نفسه أن السجائر تنسيه الهموم وكثيرا ما يكون الأصدقاء وراء هذه التبريرات. هدي محمد- ولي أمر ومدرس أول لغة إنجليزية- تقول إن التعامل مع حالات التدخين التي يتم ضبطها بالمدرسة بشكل تربوي عن طريق إقامة جلسات مع المدخن لتعريفه بأضرار التدخين نفسيا وجسديا وعواقبه ومحاولة إقناعه بشكل عقلاني لأن العنف يمكن أن يؤدي لنتيجة عكسية ويتولي الأخصائيون القيام بهذا الدور ولا يراها المدرسون شخصيا, كما لا نحبذ إبلاغ ولي الأمر مباشرة بهذا الأمر خاصة إذا كانت المرة الأولي للطالب حتي لا يتم التعامل معه بشكل عنيف, مما يؤدي لنتيجة غير مرغوبة فيستمر الطالب في خطئه. وحول اتهام البعض للمدارس بأنها تلعب دورا في انتشار هذه الظاهرة قالت: قد يحدث هذا نتيجة أصدقاء السوء ولكن نسبتها أقل كثيرا بالمقارنة بمسئولية البيت عن انتشار هذه الظاهرة, وأنها تعاملت بشكل سليم عند معرفة أن أحد أولادها يقوم بالتدخين, فبعد أن لاحظت خروجه المستمر من المنزل دون أسباب مقنعة فاستنتجت أنه يدخن فتحدثت معه بشكل عقلاني وحذرته أنه يقوم بإضاعة وقته ويضر صحته واقتنع بعدم فائدة السجائر فأقلع عنها. وأضافت أن جهل الأهالي سبب من الأسباب التي تؤدي بالطفل إلي التدخين فإذا كان ولي الأمر غير متعلم وغير مثقف وغير مدرك لما يمكن أن يواجهه الطفل في هذه السن فسيتم التعامل معه بشكل خاطئ وبشكل عنيف مما يمكن أن يؤدي بالطفل لتعاطي المخدرات بدلا من التدخين فقط. وقالت إن هناك علامات تدل علي تعاطي وإدمان المخدرات وهي التدهور البدني: هفوات في الذاكرة وصعوبة عملية التذكر وضعف ووهن في الجسم وعدم ترابط الحديث والتعب والخمول. وعلامات داخل الفصل المدرسي أو قاعة المحاضرات وهي تدهور ملحوظ في مستوي كفاءة الطالب وكثرة الغياب والتأخر في الحضور وحدوث تغيرات سلوكية وعد الأمانة من كذب وسرقة وخداع والمراوغة في الحديث مع الأصدقاء وارتفاع درجة العداء وكثرة المشكلات مع الشرطة والقلق الزائد وانخفاض معدل النشاط وضبط النفس والإقلال من الاهتمام بالأنشطة والهوايات. ويؤكد محمد كمال( مدرس علم النفس والفلسفة) أنه يتم ضبط حالات تدخين في المدرسة خاصة المدارس الحكومية ويتم التعامل مع الحالات بأن يتم إلقاء علبة السجائر أمام الطالب أو القيام بعملية استدعاء ولي أمر الطالب, ومن العوامل الرئيسية لقيام الطالب بالتدخين التقليد واستجابة لإغراءات الإقران فيري الطالب زملاءه يدخنون فيراها شكلا من الرجولة فيقوم بتقليدهم وإذا كان لا يدخن يقوم أقرانه بالاستهزاء به والسخرية منه ونعته بالجبن فيثبت نفسه وقدرته بأن يدخن مثلهم. وقال: إن تأثير التدخين علي الدراسة أقل وطأة من المخدرات التي تؤثر علي تركيز الطالب وتتم معرفة أن الطفل يقوم بالتدخين عن طريق علامات معينة تظهر عليه مثل رائحة السجائر الملازمة له وتغير لون شفتيه ولكن علامات تعاطي المخدرات تظهر بالسلوك العصبي للطالب وقد يقوم بسرقة النقود من المنزل لتوفير المبالغ لشراء المواد المخدرة وتقطع النوم والأرق وظهور أعراض الاكتئاب والقلق. الدكتور محمد رفعت الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة يري أن البرامج التليفزيونية لا تتعرض لمشكلة التدخين وتعاطي المخدرات في المدارس والجامعات بشكل كاف, وأن البرامج التليفزيونية والأفلام والمسلسلات الدرامية تلعب دورا أساسيا في انتشار ظاهرة التدخين وتعاطي المخدرات بين طلبة المدارس والجامعات والشباب في المخدرات بعرض الممثلين يقومون بمثل هذه الأفعال فيتخذهم الشباب قدوة. وطالب بضرورة أن تركز البرامج التليفزيونية والسينما علي السلبيات ومناقشة قضايا المخدرات وتأثيرها السيئ ومناقشة جادة للقضية غير مرتبطة بالإثارة الإعلامية فقط, وزيادة حملات التوعية الإعلانية. وتؤكد الدكتورة صفاء إسماعيل مرسي أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة أنه وفقا للأبحاث التي اجريت بالمركز القومي للبحوث العلمية والاجتماعية1967 حتي الآن, يبدأ تدخين السجائر من سن7 سنوات ويصل للذروة بمرحلة المراهقة من سن12 إلي18 عاما, فيبدأ الطفل بالتجريب والتقليد ويستمر75% منهم بالتدخين و25% يتوقفون عن هذه العادة. وأوضحت أن من الأسباب النفسية والاجتماعية التي تؤدي للتدخين هي غياب القدوة, وفقدان دور الأسرة, واتباع أساليب تنشئة اجتماعية خاطئة, وظهور نماذج سلبية في وسائل الإعلام خاصة الميديا المرئية, وانخفاض الوازع الديني. وقالت: إنه من الآثار السلبية المتعددة للتدخين, آثار صحية; فأثبتت الدراسات أن العديد من السرطانات كسرطان الفم والحنجرة والرئة يتسبب بها التدخين, وارتفاع عدد الوفيات كنتيجة للتدخين الكثيف من علبة سجائر يوميا فأكثر. وتابعت أن التدخين يؤثر علي ميزانية الأسرة من الجانب الاقتصادي, ومن الجانب الاجتماعي النبذ المجتمعي للمدخن, ومن الجانب الديني فأصدرت دار الإفتاء أن التدخين مكروه وما هو مكروه من الله سبحانه وتعالي فهو محرم. وحول كيفيه علاج هذه الظاهرة قالت الدكتورة صفاء إسماعيل إنه يجب خفض الطلب عن طريق تقليل نسبة العرض في الإعلام; فالإعلانات والأفلام والمسلسلات الدرامية من أكثر الوسائل التي تؤثر علي نسبة التدخين فيتخذ الأطفال والشباب من الممثلين قدوة في التدخين وشرب الخمور, وفرض ضرائب وجمارك علي السجائر مما يؤدي لرفع أسعارها طريقة من الطرق التي يمكن معالجة الظاهرة بها. وعند سؤال بعض الأهالي عن ردود أفعالهم عند اكتشافهم أن أولادهم يدخنون كان رد البعض أنهم سيمنعونهم ويتعاملون معهم بالعنف إذا تطلب الأمر, والبعض الآخر قالوا إنهم سيتعاملون بالأسلوب الإقناعي حتي لا يؤثر سلبا علي نفسيات أولادهم, والرأي الأخير كان أنها من حرياتهم الشخصية ولا يجب التدخل فيها بشرط أن يكونوا قد تعدوا السن القانونية وأن يتحملوا نتائج أفعالهم.