في كلمته أمام نخبة من ممثلي مجتمع الأعمال والاقتصاد والمال التي استعرض فيها التجربة المصرية في الإصلاح الاقتصادي, قدم الرئيس عبد الفتاح السيسي مصر الجديدة بما حققته من نجاحات, وما تخطط لتحقيقه في ضوء إمكاناتها الخاصة لتعلن مصر عن نفسها أمام قمة بريكس, الأمر الذي حظي بإشادة جماعية من ممثلي دول التجمع الخمس وضيوف شرف القمة, بما يؤكد أن انضمام مصر لتجمع بريكس يؤسس لوضع دولي جديد لها بإقامتها روابط تجمع القاهرة بكل الكيانات المهمة علي مستوي العالم سياسيا, واقتصاديا وعسكريا وأمنيا, ولتصبح مصر جزءا من النسيج الدولي علي مستوي كبار لاعبيه. ومن أجواء القمة ومتابعة فعالياتها يمكن تحديد عدد من النقاط المهمة التي تعكس رؤية الجموع المشاركة لمصر وتجربتها الاقتصادية ومن أهمها: 1 إن مصر الجديدة التي يقودها الرئيس السيسي تخطو بقوة نحو مستقل واعد عبر شبكة علاقات ترتبط مباشرة بالتكتلات التي تحقق مصالح مصر العليا, وإن كل التحركات المصرية تؤكد بلا شك حرص الرئيس السيسي علي مصر وإعدادها لتتسلمها الأجيال القادمة قيادة وشعبا علي أرض صلبة تمتلك كل مقومات الريادة والاستقرار والرخاء. 2 إن صانع القرار المصري في ضوء الاستحقاق للانضمام إلي بريكس يستطيع التفاوض سياسيا من واقع مشاركته في التكتلات الاقتصادية. وفي الوقت ذاته بإمكانه وبقوة التفاوض اقتصاديا استنادا إلي روابطه وعلاقاته السياسية, مستثمرا ارتباط مصائر دول وتكتلات كبري بصورة مباشرة بمصر. 3 إن رؤية القيادة المصرية وحساباتها جعلتها تضع في اعتبارها شكل التجارة العالمية علي مدي العقدين المقبلين, ولذلك فإن مصر وربما للمرة الأولي في تاريخها تتحرك نحو تحقيق مصلحتها القومية الآنية, ونصب عينيها احتمالات المستقبل,ومن هنا كانت قراءتها المستقبلية لبزوغ النجم الصيني ليحل محل الهيمنة الأمريكية علي المجريات الاقتصادية والتجارية والثقافية عالميا. 4 إن التحركات المصرية التي تتم بحسابات دقيقة, تقود نحو انضمام مصر لتجمع بريكس في ضوء استقلالية وشجاعة قرارها السياسي في المرحلة الراهنة, متجاوزة ما كان في السابق من ضغوط مارستها واشنطن علي القاهرة أوقفت حينها سعي مصر نحو العضوية هذا التجمع, ولكن مصر الجديدة غير قابلة لأي ضغوط أيا كان مصدرها, وأعتقد أن هذا التحرك بمثابة رسالة ضمنية من مصر للولايات المتحدة بعد قرار قطعها للمعونة تؤكد أن مصر الجديدة أمامها بدائل متاحة دائما لتحقيق مصالحها القومية العليا. 5 ويعكس التوجه المصري نحو الانضمام لتجمع بريكس والذي يلقي ترحيبا ودعما من دوله إدراك القيادة السياسية لما يمكن أن يحققه ذلك, فعلي الصعيد السياسي يكرس لاستقلالية القرار المصري, والحرص علي إقامة علاقات متوازنة مع كل الأطراف الفاعلة إقليميا ودوليا في مختلف المجالات. وعلي الصعيد العسكري فإن الاتجاه المصري نحو الشرق يمثل ضمانة لها لتنوع مصادر السلاح, وتخرج من دائرة احتكار دولة بعينها, قد تفرض عليها قيودا سياسية وهو أمر تربأ مصر أن تقبله تحت أي ظرف, إضافة إلي ذلك, فإن بإمكان مصر الحصول علي حصص تسويقية أو تأييد تسويقي في المحافل الدولية, سواء باتخاذ قرار سياسي, أو ترشيح مصري لمنصب دولي. 6 علي الجانب الاقتصادي فإن مصر بسعيها نحو الانضمام إلي بريكس تفتح مجالات التعاون مع دوله لتفتح الأسواق الواعدة في العالم أبوابها أمام مصر للتصدير, وزيادة استثمارات هذه الدول بها وتستطيع مصر استثمار علاقاتها المتميزة مع كبار دول التجمع الصينوالهند وروسيا, إضافة إلي مكانتها الإستراتيجية المهمة في الشرق الأوسط والعالم العربي وشمال القارة السمراء, وهي نقطة جذب لدول بريكس. ووفقا لما هو مقرر في برنامج زيارة الرئيس السيسي تأتي المباحثات التي يجريها مع عدد من القادة المشاركين في القمة حيث يلتقي مع الرئيس الصيني شي جين بينج ويشهد الرئيسان في ختام مباحثاتهما التوقيع علي ثلاث اتفاقيات للتعاون بين البلدين, كما يلتقي الرئيس السيسي مع جاكوب زوما رئيس جنوب إفريقيا, وألفا كوندي رئيس غينيا, وناربندرا مودي رئيس وزراء الهند. ويستعرض الرئيس مع عدد من رؤساء كبري الشركات الصينية التقدم الذي تم إحرازه في المشروعات التي تنفذها هذه الشركات في مصر, إضافة إلي طرح الفرص الاستثمارية المتاحة بها في مشروعات جديدة. ويطرح الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته اليوم خلال جلسة الحوار مع الأسواق البازغة والدول النامية رؤية مصر بشأن سبل تعزيز دور الدول النامية في النظام الاقتصادي العالمي, وسبل تطوير التعاون بين مصر ودول تجمع بريكس وما يمكن أن تتيحه مصر من فرص استثمارية واعدة في مجالات عدة. ويبقي في النهاية رهان الرئيس السيسي علي وعي الشعب المصري وإدراكه للتحديات الراهنة والمستقبلية, والذي تثبت الأحداث يوما بعد يوم, أن شعب مصر يدرك مصلحة بلاده, ويضعها في مقدمة أولوياته, موقنا بأن الغد الذي يسعي الرئيس إلي تحقيقه سيكون الأفضل لوطن يستحقه.