تتجه أنظار العالم إلي قمة بريكس التي تعقد بمدينة شيامين الصينية, حيث يصل الرئيس عبد الفتاح السيسي إليها مشاركا الدول الخمس ذات الاقتصادات الناهضة, كأول زعيم عربي توجه إليه الدعوة لحضور هذه القمة, حيث يعرض خطط الإصلاح الاقتصادي التي أعدتها وتنفذها مصر, كما يشرح رؤيته الواضحة, لكشف مدي خطورة انتشار ظاهرة الإرهاب عالميا, والتي يترتب عليها تعطيل حركة الاستثمار بشكل عام, ويسعي الرئيس السيسي بما لمصر تحت قيادته من مكانة وتأثير إلي فتح قنوات اتصال بين مصر وكل من البرازيل, وروسيا, والهند, والصين, وجنوب إفريقيا دول البريكس. وبداية يمكن القول بأن مشاركة الرئيس في هذه القمة إنما تعكس عمق العلاقات التاريخية والثنائية المشتركة التي تربط مصر بهذه الدول, كما أنها تمثل عاملا مهما في تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والسياسي مع هذا التجمع العالمي الاقتصادي, كما أن توجيه الدعوة للرئيس إنما تحمل عدة رسائل مهمة يمكن رصدها في نقاط محددة أهمها: (1) حرص مصر علي أن تتبني سياسة خارجية ثابتة تعتمد أساسا علي التعاون والتضامن مع دول العالم, في إطار من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية. (2) إن مصر تسعي إلي فتح قنوات اتصال مع دول هذا التجمع خاصة, ومع دول آسيا بصفة عامة تمهيدا لتوقيع الاتفاقيات والبروتوكلات التي تخدم الاقتصاد المصري. (3) إن الرئيس السيسي منذ توليه المسئولية وهو يعمل بكل السبل علي إيجاد حلول للمشكلات القائمة عالميا, وأبرزها ظاهرة الإرهاب بما تمثله من عائق خطير أمام حركة الاستثمار علي المستوي العالمي. (4) علي العالم أن يثق ثقة تامة في نجاح سياسة مصر الخارجية وما حققته من خطوات ملموسة علي مختلف المستويات بما جعل استعادتها لدورها الفاعل إقليميا ودوليا أمرا واقعا وليس موضع خلاف علي الإطلاق. وأستطيع أن أضيف في هذا السياق أن الدائرة الاقتصادية احتلت في رؤية القيادة السياسية لمصر مرتبة متقدمة علي أجندة صانع القرار, ومن هنا, مثلت هذه الرؤية نقطة تحول كبري لتعزيز فرص التعاون مع دول العالم والحرص علي فتح آفاق أرحب للتنمية وتعزيز الحوار البناء حول قضاياها, والتصدي بعقلانية وحكمة ومنطقية للتحديات المشتركة وتعظيم فرص التعاون الإقليمي والدولي في هذه المواجهة. ولعل شعار القمة شراكة أقوي من أجل مستقبل أكثر إشراقا يكشف مدي أهمية المشاركة المصرية ودورها المحوري باعتبار دعوتها إدراكا للنجاحات التي حققتها في مجال المشروعات الكبري, والآفاق الواعدة للتقدم الاقتصادي بها, خاصة في ظل منظومة الإصلاحات التي تحققها, كما أن هذه الدعوة تؤكد أهمية مصر ومكانتها بين بلدان الجنوب, وصلابة وعمق العلاقات المصرية الصينية, حيث تحرص بكين علي توطيد علاقاتها بالقاهرة لأنها محور مهم في الشرق الأوسط والقارة السمراء. ومن متابعتي للاستعداد للقمة هنا في شيامين يمكنني الإشارة إلي أن هناك اهتماما إعلاميا كبيرا من وسائل الإعلام الصينية, وتركيزها علي أهمية المشاركة المصرية, حيث ذكرت وكالة شينخوا في مقال لها بعنوان مشاركة السيسي في قمة بريكس قفزة جديدة في التعاون بين الصين ومصر, مؤكدة أنه سيشارك في حوار إستراتيجي حول تنمية الأسواق الناشئة والدول النامية, سيقام علي المستوي الرئاسي علي هامش قمة بريكس. فيما أضافت الصحف الصينية أن القمة سيتم خلال مناقشاتها استكشاف الفرص الكامنة في السوق العالمية وتبادل الرؤي حول تنسيق السياسات في مجالات الاستثمار والتجارة والتعاون المالي, والربط البيئي, والاقتصاد الأزرق القائم علي الموارد البحرية, بما يسهم بفاعلية في فتح آفاق أوسع للتنمية. وحسبما هو مقرر في برنامج زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي وتقديرا لدوره ومكانته, وحرص التجمع علي الاستماع لما يطرحه الرئيس خلال مشاركته في القمة, فإن الرئيس سيلقي كلمتين, إحداهما خلال جلسة الحوار للدول النامية في الأسواق الناشئة والأخري في منتدي الأعمال لدول البريكس, حيث تشارك مصر في وضع نظام اقتصادي عالمي. ويعقد الرئيس لقاءات ثنائية مع عدد من القادة المشاركين في القمة, والدول التي تمت دعوتها كضيف شرف وتتصدر هذه اللقاءات قمة الرئيس السيسي مع الرئيس الصيني شي جين بينج, وتتناول مجمل تطورات العلاقات الثنائية وفي مقدمتها الاقتصادية والتجارية, وما تم تنفيذه من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعتها القاهرةوبكين في مجالات متنوعة ومشاركة العديد من الشركات الصينية في مشروعات البنية التحتية التي تنفذها مصر, إضافة إلي القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك كالإرهاب, والقضايا السورية, والأوضاع في ليبيا واليمن, وتطورات عملية السلام. ووفقا للمصادر هنا, فإن الرئيس السيسي سيلتقي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيث يبحثان سبل تعزيز العلاقات بين القاهرة وموسكو, في مجالات الطاقة, وآفاق استئناف الرحلات الجوية بين البلدين, إضافة إلي القضايا الإقليمية والدولية, وفي مقدمتها الأوضاع في سوريا. ومن المقرر أيضا أن يلتقي الرئيس مع رئيس الوزراء الهندي ناربندرا, لبحث تعزيز التعاون الثنائي, ولاسيما ما يتصل بالجوانب الاقتصادية, والتجارية حيث يضم الوفد المصري وزراء التجارة, والصناعة, والاستثمار, والتعاون الدولي, والنقل, والخارجية. إن المتأمل لدلالة المشاركة المصرية في قمة تجمع الدول الخمس بريكس مصر ليست ضمن دول هذا التجمع يستطيع أن يكتشف وبوضوح مدي تقدير دول هذا التجمع لدور مصر وقيادتها وما تمتلكه من إمكانات تعطي دلالة ثقة واضحة في أن مصر رغم كل ظروفها فإنها ضمن الدول ذات الاقتصادات الواعدة, وهو ما يعكس حرص دول بريكس علي تعزيز التعاون والحوار مع الاقتصادات البازغة والنامية مصر نموذجا والعمل علي زيادة مساهمتها في هياكل الحركة الاقتصادية الدولية.