دائما ما كان يؤكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أن الحرب في أفغانستان مضيعة للوقت والمال وإهدار لأرواح الجنود الأمريكيين, مطالبا بضرورة عودتهم إلي ديارهم, إلا انه سرعان ما عدل عن تصريحاته معلنا إستراتيجيته الجديدة بزيادة عدد القوات الأمريكية هناك لمحاربة إرهابيي حركة طالبان التي قال إنها تخطط لاحتلال أفغانستان وهو ما لم يسمح به. ورغم الترحيب الذي بدا علي تصريحات كثير من القيادات الأفغانية الذين ابدوا سعادتهم بالتدفق العسكري والاقتصادي الأمريكي, فإن وسائل الإعلام الأمريكية حذرت ترامب, مؤكدة أن الرهان علي إرساء السلام والاستقرار في أفغانستان خاسر, وان إرسال المزيد من الجنود سيؤدي إلي حمامات دم وسيمهد لحرب لا نهاية لها. فقد أكدت مجلة سكواير الأمريكية أن إرسال المزيد من القوات الأمريكية إلي أفغانستان لا يرتقي لمسمي إستراتيجية أو خطة, مؤكدة أن الجنود الأمريكيين يعيشون في جحيم أفغانستان منذ15 عاما و10 أشهر, وهي فترة كافية للغاية تحمل فيها الأمريكيون الكثير. وقالت مجلة آسيا تايمز إنه طوال ال15 عاما الماضية اعتمدت واشنطن علي سياسة القصف, ولم تنظر إلي الفساد الحكومي المستشري في البلاد أو الانقسامات الداخلية التي تعانيها الحكومة المتهالكة في الأساس, وهو الأمر الذي يمكن حركة طالبان من الازدهار والتوسع وشن الهجمات التي راح ضحيتها الآلاف. ويري المحللون أن ترامب يعي جيدا أن الإستراتيجية الجديدة لن تفلح في أفغانستان إلا انه يسعي إلي تحسين صورته وحفظ ماء وجهه أمام خصومه, وأكدوا انه سعي الي زيادة عدد القوات الأمريكية لتجنب إعلان الخسارة خاصة انه علي علم بأن الحرب لن تنتهي ولن تخرج واشنطن منتصرة كما يتوقع البعض, والطرفان سيخرجان منها خاسرين. يختلف رأي الخبراء الاستراتيجيين عن رأي ترامب بان كسب الحرب في أفغانستان ليس بزيادة عدد الجنود, لأن أطول حرب في تاريخ الولاياتالمتحدة لا يمكن كسبها دون مواجهة الإرهاب وتجارة المخدرات. فبعد16 عاما وإنفاق المليارات من الدولارات الأمريكية فإن أفغانستان تورد الآن أكثر من75% من الهيروين في العالم, حيث تدعم أكبر جماعات الاتجار بالمخدرات في العالم, وتستضيف أكبر تركز للجماعات الإرهابية ولن يكون هناك أي نجاح لسياسة ترامب في أفغانستان دون مواجهة هذه الحقائق المظلمة. وفي أفغانستان هناك علاقة وطيدة بين تجار المخدرات والإرهابيين بل إنه في كثير من الأحيان تعمل الجماعات الإرهابية في تهريب المخدرات للإنفاق علي عملياتها وهجماتها الإرهابية. وأصبحت مقاطعة نانجارهار الأفغانية مركزا لهذه السوق السوداء للمخدرات وهناك علاقة تكافلية قوية بين تجار الهيروين والجماعات الإرهابية مثل شبكة حقاني وحركة طالبان, ويقدم مهربو المخدرات نسبة من عائداتهم من المخدرات إلي حركة طالبان كشكل من أشكال الزكاة, كما يطلب قادة طالبان من تجار الهيروين شراء أسلحة ولوازم لهم. وفي مقابل هذا الدعم, توافق طالبان علي حماية مروجي الهيروين من الشرطة والجيش الأفغانيين. وتقوم حركة طالبان بترهيب أو قتل مواطنين أفغان يتعاونون مع السلطات وتجري جهادا نشطا ضد الحكومة, وتهيئ بيئة غير قانونية يزدهر فيها الاتجار بالمخدرات والإرهاب. وكان حاجي باجشو, وهو أكبر تجار المخدرات في العالم, يقوم بالعديد من عمليات تهريب الهيروين في مقاطعة نانجارهار الأفغانية, وكان مسئولا عن نحو20% من عمليات توزيع الهيروين حول العالم, وذلك وفقا لتقديرات مكتب الأممالمتحدة للمخدرات والجريمة حول إنتاج الهيروين في جميع أنحاء العالم.