تشتهر مصر بكونها دولة زراعية, فالزراعة يعمل بها أكثر من6 ملايين فرد, ويصل متوسط نصيب العمالة في القطاع الزراعي المصري إلي نحو21% من إجمالي العمالة في القطاعات الاقتصادية, في حين يصل متوسط نصيب العمالة في القطاع الصناعي إلي نحو9%, كما تصل قيمة الصادرات من الحاصلات الزراعية إلي نحو2.1 مليار دولار, وذلك بما يمثل نسبة11.5% من إجمالي قيمة الصادرات المصرية خلال عام.2016 كما يوجد جهود لا يمكن إغفالها تستهدف التوسع في زيادة الرقعة الزراعية, واهتمامات حكومية وبحثية تركز علي زيادة الإنتاجية. كما تتوافر في مصر مقومات كثيرة للنهوض بالتصنيع الزراعي مثل العمالة الوفيرة وتوافر المواد الخام, بالإضافة إلي توافر شبكة توزيع وخدمات لوجيستية, ولا يمكن إغفال الموقع المتميز لمصر, والمناخ الملائم للتوسع في المحاصيل الزراعية, وهو الامر الذي ينعكس علي انخفاض تكلفة الإنتاج. وتعد إمكانات قطاع التصنيع الزراعي هائلة, حيث لم تتعد نسبة المحاصيل الزراعية المستخدمة في الصناعة10% من إجمالي الناتج الزراعي, ويكشف ذلك عن الفرص المتاحة للتوسع في هذه الصناعات, إضافة إلي أن استغلال هذه الإمكانيات من شأنه أن يزيد من الاستثمار في قطاع الزراعة ويزيد من عائد الفلاح ودخله ويخلق المزيد من فرص العمل ويضيف طاقات جديدة للنمو الاقتصادي. ومع اتجاه العالم نحو زيادة المكون الصناعي المرتبط بالأنشطة الزراعية, بهدف زيادة القيمة المضافة للحاصلات الزراعية, وتقليص الاهتمام بالتوسع الزراعي بصورة منفردة, بهدف خلق المزيد من فرص العمل الناتجة عن التتابع في المراحل الإنتاجية للحاصلات الزراعية, وانعكاس الأثر علي خفض معدلات البطالة والفقر. فقد استطاعت العديد من الدول ومنها الهند وتايلاند وماليزيا والبرازيل أن ترتقي بصادراتها الصناعية الزراعية, بتنمية التجمعات الزراعية الصناعية المتكاملة, فالاستثمار في إقامة التجمعات الزراعية الصناعية المتكاملة, يستهدف تنفيذ سياسة الدولة بالتركيز علي زراعة منتجات محددة, يمكن أن تحل محل وارداتها من السلع الاستراتيجية الزراعية, وستسهم في زيادة قيمتها المضافة, من خلال تنمية الصناعات المرتبطة بالنشاط الزراعي, وبالتالي سيتم القضاء علي مصطلح الفاقد الزراعي, نظرا لاتجاه الإنتاج الزراعي مباشرة نحو المراحل التصنيعية التالية, ومن ثم ستزيد القيمة المضافة للمنتجات وذلك دون إغفال لمبادئ التنمية المستدامة. وفي إطار خطوات تلك الدول, دعونا نتساءل أين نحن من فكر التنمية الصناعية الزراعية المتكاملة؟ نجد أننا أبعد ما يكون, فما نفتقده هو وجود حلقة الوصل الفعالة التي يمكن من خلالها تحقيق الترابط ما بين الصناعة والزراعة, ما نفتقده أن يكون هناك تنسيق كامل وخطوات ثابتة لتنفيذ أهداف محددة, تصب جميعها في بوتقة الارتقاء بالتصنيع الزراعي وصادراته, والحد من وارداته. وبالتالي يواجه تنمية التجمعات الزراعية الصناعية المتكاملة, عددا من التحديات تتمثل في ضعف المصادر التمويلية اللازمة, بالإضافة إلي عدم توافر المياه والبنية التحتية, والعمالة المدربة, والمشاكل المرتبطة بالتسويق والتوزيع. وفي ذلك الإطار أجد أنه يمكن استغلال التقارب المصري الأفريقي في تطبيق تنمية التجمعات الزراعية الصناعية, علي أن يتم الاستعانة بالقوة التمويلية لدول الخليج, فتعاون الاطراف مجتمعة يمكن أن يسهم في الوصول إلي تحقيق أفضل النتائج, فهذا التعاون سيتيح استغلال التربة الزراعية ومصادر المياه المتوافرة في عدد من الدول الإفريقية, وبمساهمة كل من أموال الخليج, والعمالة والإدارة المصرية, سنستطيع التغلب علي نقاط الضعف التي يمكن أن تقف حائلا أمام تطبيق التنمية الزراعية الصناعية المتكاملة, وستسهم تلك المشروعات في تحقيق الهدف الأسمي وهو التأكيد علي التقارب المصري-الخليجي-الإفريقي.