تعيش مصر أجواء البناء بكل ما تحمله الكلمة من معان. ويأتي البناء الاقتصادي والسياسي ليتصدر المشهد الوطني, فنجد أن كل أجهزة الدولة المعنية بالاقتصاد القومي تشترك في إرساء تلك القواعد, فتعمل جميعها بهدف جذب الاستثمارات العربية والأجنبية, وتسعي لزيادة الصادرات وترسيخ جذور الصناعة الوطنية بهدف زيادة معدلات النمو الاقتصادي, وهو الأمر الذي سينعكس بلاشك بالإيجاب علي مستويات المعيشة, كما تسعي مصر لاستعادة بناء شبكة علاقاتها الدولية, ونجحت بالفعل في إرساء قواعدها, سواء علي المستوي العربي أو الافريقي وما هو أبعد من ذلك. وحينما نتحدث عن جهود البناء الوطني المعنية بزيادة معدلات النمو الاقتصادي, فلن نستطيع إغفال دور البناء المؤسسي كأهم ركائز البناء الوطني; فنجد أن مصر تعمل علي إعادة هيكلة مؤسساتها وما يلزم ذلك من إصدارات تشريعية مساندة للإصلاح المؤسسي والإداري. ولكن ما فائدة تلك الجهود في بقعة من الأرض تعج بالصراعات؟ ما فائدة ذلك إذا كان الوطن لا يتمتع بعنصر الامان؟ فهل تسألنا عما إذا كانت تلك الجهود ستكلل بالنجاح أم بالفشل؟. بالطبع إذا كانت لا تنعم الدولة بعنصر الامان, فلن يتأتي لها تحقيق ما تأمله من إرساء قواعد البناء بمختلف أركانه. وهو ما أدركته القيادة المصرية, فعملت علي إرساء قواعد الأمن الداخلي والخارجي, وذلك حماية لركائز البناء التي تم ترسيخها في شتي المجالات الاقتصادية والسياسية والمؤسسية. وأحدث تلك الركائز الأمنية هو قاعدة محمد نجيب العسكرية التي تم تدشينها في منطقة الحمام لتحل محل المنطقة العسكرية التي تم إنشاؤها عام3991, في الركن الشمال الغربي من مصر, كاحد أكبر القواعد العسكرية في إفريقيا والشرق الأوسط. فجاءت قاعدة محمد نجيب لتضم5511 مبني ومنشأة, كما تضم فوجا لنقل الدبابات يسع نحو154 ناقلة حديثة, بالإضافة إلي إنشاء27 ميدانا متكاملا يستخدم في التدريب التخصصي, ومجمع ميادين الرماية التكتيكية الالكترونية باستخدام أحدث نظم ومقلدات الرماية, كما تضم القاعدة مدينتين سكنيتين للضباط وضباط الصف, بالإضافة إلي رفع كفاءة وتطوير2 مبني مجهز لإيواء الجنود بطاقة1000 فرد, كما تضم قاعة للمؤتمرات متعددة الأغراض تسع1600 فرد, بالإضافة إلي إنشاء قرية رياضية تضم صالة رياضية مغطاة وملعب كرة قدم, ومسجد يسع لأكثر من2000 مصل. ولم يتم بناء قاعدة محمد نجيب بمنأي عن مبادئ التنمية المستدامة, فتم تشييد50 وحدة للطاقة الشمسية, وإيمانا بمبدأ أهمية المساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي, فجاءت القاعدة لتضم مزرعة علي مساحة973 فدانا ستخصص للزراعة بالأشجار المثمرة وأخري1600 فدان ستخصص لزراعة النباتات الموسمية. وإذا ما تساءلنا عن أهمية تلك القاعدة بتلك التجهيزات وتلك المساحة وهذا الموقع تحديدا, تأتي الإجابة أن مصر بصدد إنشاء محطة الضبعة النووية بالإضافة إلي حقول البترول التي تم اكتشافها علي الحدود الغربية لمصر, فغرب مصر سيحمل الخير المستقبلي إلي مصر, ولكن هل يمكن تحقيق تلك الخطوات دون تأمين حدودنا الغربية التي أصبحت معرضة لهجمات إرهابية عن طريق حدودنا مع ليبيا؟. فالحدود الغربية لمصر باتت في أشد الحاجة للتأمين, فقد أصبحت معرضة لهجمات إرهابية, من عدة طوائف, مثل عناصر داعش الواردة من العراق وسوريا, وداعش ليبيا, ولم تسلم ليبيا من جماعة بوكو حرام النيجيرية, التي بدأت إرسال عناصرها للانضمام إلي صفوف داعش ليبيا. فيا لها من مهمة ثقيلة, ولكن جاءت قاعدة محمد نجيب العسكرية لتكون القوة الرادعة والذراع الأمني الداعم لركائز البناء في تلك المنطقة.