من المؤكد أن ثورة30 يونيو كانت بمثابة نقطة تحول بل ما هو أكثر لا في تاريخ مصر فحسب بل والمنطقة العربية إذ كانت بمثابة عودة الروح لمصر لتنتفض في وجه ذلك الطاغوت .. لم تكن30 يونيو مجرد ثورة كتلك الثورات التي عرفتها مصر منذ فجر التاريخ فالشعب المصري رغم أنه يتسم بالهدوء والدعة شأنه شأن نهر النيل الذي ينساب رقراقا مانحا الخصب والنماء سرعان ما يغضب ويثور خلال الفيضان الذي يعني بالنسبة للمصريين البعث وإعادة الحياة.. هذا الاعتقاد الذي حكم المصريين الذين عرفوا البعث وإعادة الحياة مرة أخري قبل الديانات السماوية قد أطلق عليه المؤرخون روح مصر وهو الذي يفسر لنا طبيعة ما حدث في30 يونيو تلك الثورة التي أبهرت العالم كله وقيل عنها إنها أكبر احتجاج جماهيري عرفته البشرية حيث خرجت الملايين من كافة الأعمار والأطياف ليطالبوا حاكما بالرحيل.. لقد تمثل ذلك الطاغوت في حكم جماعة الإخوان التي طالما تاقت لا لأن تحكم مصر بل أن تثأر من هويتها وحضارتها والتي كانت بالنسبة لعقليتهم المريضة أنها مجرد أحد الأمصار التي تتبع الخلافة المزعومة التي سيطرت علي عقولهم.. لذلك كان لابد وأن يتخلصوا من مصر الحضارة وأن يمحوا هوية ذلك الوطن الذي يؤمن بالتنوع والاختلاف والحوار بين الأديان والحضارات والتعايش مع مختلف الثقافات.. إن مصر هي الدولة التي جمعت في ظل جناحيها ثلاث حضارات قد شكلت وجدانها في انسجام ووئام دون خلاف أو صراع لا تعدو أن تكون بالنسبة لهم سوي حفنة من التراب العفن.. كانت ثورة30 يونيو بمثابة عودة روح مصر تلك الروح التي تستحضر اللحظات المجيدة والانتصارات التليدة في تاريخ الأمة فتستنفر لديها روح التحدي لمواجهة التحديات وتخطيها.. لقد كانت تلك السنة العجفاء من حكم الطاغوت كافية لاستنهاض تلك الروح لاستعادة مصر وإنقاذ حياة المصريين من ذلك المصير المجهول المعلوم.. ولكن كان لابد وأن يكون هناك من يقود الشعب ويحقق له آماله في الأمان والاستقرار ويؤمنه من خوف ولم يوجد سوي جيش مصر الوطني الذي ينتصر دائما وينصر إرادة الشعب.. لقد ظن الإخوان أن ذلك الجيش يمكن أن يكون مجرد سيف في أيديهم وأداة ردع وتأديب لذلك الشعب الذي هم منه وهو لهم وإذا بذلك السيف قد صار علي رقبة الطاغوت ليقتلعها.. كانت ثورة30 يونيو هي التجسيد الحقيقي لإرادة الشعب باعتباره هو مصدر الشرعية وحده يمنحها لمن يشاء ويحجبها عمن يشاء وهو ماتحقق له بسواعد أبناء جيشه.. وقد طلب الجيش توكيلا من الشعب لخوض معركته ضد ذلك الطاغوت الذي حاول أن يحول بين المصريين وبين تحقيق آمالهم وأحلامهم وكما قال الرئيس السيسي إنه في30 يونيو استعاد المصريون هويتهم وأصبحت إرادة المصريين هي القوة التي تقود وتحدد مستقبل الأمة.. وعلي الرغم من تلك الوقائع المؤسفة والأحداث المؤلمة للإرهاب الأسود من قتل وتفجيرات واستهداف للأقباط من أجل إشعال فتنة طائفية بين أبناء مصر فقد استعاد المصريون حياتهم وأصبحت مصر رأسا وقائدا للأمة العربية تعضد دولها وتأخذ بيد شعوبها لينهضوا ويلملموا جراحهم ويستعيدوا أوطانهم.. لقد كانت ثورة30 يونيو بمثابة إعلان واضح للعالم أجمع عن أن المصريين لا يمكن أن يقهروا وأن لديهم العزم والإرادة لصنع المستقبل المشرق والحياة الأفضل..ولكن وجب علينا أن نطرح ذلك التساؤل علي أنفسنا وهو ماذا لو أن30 يونيو لم يأت وماذا كان حالنا ومصيرنا؟ الإجابة لا تحتاج لجهد كنا سننزلق في مستنقع حرب أهلية تأتي علي الأخضر واليابس كنا سنصبح عراق تمزقه الطائفية وسوريا أخري ينعق فيها البوم ومدوسة من جيوش الأمم كنا سنصبح يمن متطاحن وليبيا يمرح فيها الدواعش سفاكو الدماء وسودان منقسم لشمال وجنوب.. ولكن روح مصر التي تبعث في وقت الأزمات والشدائد قد اسستنفرت إرادة مصر التي تجلت في30 يونيو واستعادت مصر وأعادتها للمصريين.. إن30 يونيو هو طوق النجاة الذي تعلقت به مصر من وهدة هلاك تلك الجماعة المارقة وذلك الطاغوت الذي أراد بها سوءا فقصمه الله.