العارف بالله سيدي ابراهيم الدسوقي وله منهج وطريقة انتشرت في مصر وسوريا ومصر والحجاز وتركيا واليمن.. ولد بمدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ والكائن بها مقامه ومسجده. وابراهيم الدسوقي هو الوحيد بين الأقطاب الكبار الذي ولد في مصر, فأبو الحسن الشاذلي والمرسي أبو العباس, وعبد الرحيم القناوي, وأحمد البدوي, كلهم وفدوا إلي مصر من المغرب. ولد الدسوقي سنة623 هجرية.. وهو ابراهيم بن أبي المجد بن قريش الذي ينتهي نسبه إلي الحسن بن علي بن أبي طالب, ووالد الدسوقي هو الشيخ أبو المجد له مقام ببلدة قرقص المقابلة لمدينة دسوق. وأبو الحسن الشاذلي خال ابراهيم الدسوقي, ويلتقي مع الشيخ أحمد البدوي عند الجد العاشر جعفر التركي بن علي الهادي. وكان ابراهيم الدسوقي يرتدي عمامة خضراء, فاتخذت الطريقة البرهامية هذا اللون رمزا لها.. وعاش الدسوقي في فترة تاريخية تعد من أخطر الفترات التي مرت بالعرب والمسلمين والتي تعرض فيها المسلمون للغزوات الصليبية, وكان للدسوقي دور في الدعوة للجهاد ومثال الغزاة وحماية الديار الإسلامية. وكانت هذه الفترة مواكبة لحروب التتار أيضا, ولهذا شغل الشيخ بالدعوة للجهاد ضد الصليبيين ثم التتار, وعرض السلطان بيبرس علي الشيخ الدسوقي أن يتولي منصب شيخ الإسلام, وكان شرط قبوله للمنصب ألا يتقاضي عليه أجرا, وأن يذهب راتبه ومخصصاته لفقراء المسلمين ولما توفي الظاهر بيبرس اعتذر عن المنصب ليتفرغ لتلاميذه وأتباعه ومريديه. وأرسل الشيخ ابراهيم الدسوقي رسالة شديدة اللهجة بسبب ظلم اقترفه مع الشعب, فغضب السلطان وأرسل في استدعاء الشيخ, ولكن الدسوقي رفض الذهاب إليه, وقال أنا في مكاني ومن يريدني عليه الحضور للقائي.. ولم يجد السلطان مفرا من النزول علي إرادة الشيخ عندما عرف قدره ومكانته عند الناس, فقدم إليه واعتذر له.. وشهد الدسوقي القضاء علي آخر معاقل الصليبيين حيث زاره السلطان خليل قلاوون وأحسن الشيخ استدعاءه وبشره بالنصر علي الصليبيين الذي فتح عكا في مايو سنة1291 م, واسترد المسلمون مدينة صور بعدها.. وللدسوقي كلام كثير علي لسان أهل الطريق منشور في كتابه جوهرة الدسوقي وكما جاء في طبقات الشعراني: عاش الدسوقي43 عاما لم يغفل خلالها عن مجاهدة النفس والهوي والشيطان, ومذهبه كله في حرفين كما يقول: من عرف الله وعبده فقد أدرك الشريعة والحقيقة, فأحكموا الحقيقة والشريعة, ولا تفرطوا إن أردتم أن يقتدي بكم, ولم يكن اسم الحقيقة إلا لأنها تحقق الأمور بالأعمار, ومن بحر الشريعة تنتج الحقائق, والشريعة هي الثمرة, والشريعة أصل والحقيقة فرع والشريعة تجمع كل العلوم المشروعة, والحقيقة تجمع كل العلوم الخفية ويقول الدسوقي: إن مقصوده من طريقته أن يكون أولاده من الذائقين لا الواصفين, فإن الصوفية لم يتكلموا من الضروس وانما من الصدور, لما ذاقوا وامتلأت قلوبهم بعطاء الله ومواهبه, ففاضت منها قطرات من ماء الحياة هي علومهم. ويفسر الصوفي سبب تسميته للمريدين بأولاد القلب, إن ولد القلب خير من ولد الصلب, فولد الصلب له إرث الظاهر من الميراث وولد القلب له إرث الباطن من السر, ويبدو أن الدسوقي كان من أصحاب الغناء علي شهوي السوتي, ومن شعره في الحب الإلهي ما يقضي للغناء وشهود الوحدة وينمو فيه منحي ابن الفارض ويقول: تجلي لي المحبوب في كل وجهه وخاطبني مني يكشف سريرتي فأنت منائي, بل أنا أنت دائما مشاهدته في كل معني وصورة فقال أتدري من أنا؟. قلت منيتي إذا كنت أنت اليوم عين حقيقتي إلي أن يقول: وما شهدت عيني سوي عين ذاتها بذاتي تقوم الذات في كل ذروة فليلي وهند والرباب وزينب عبارات أسماء بغير حقيقة وإن سواها لا يلم بفكرتي أجدد فيها حلة بعد حلة وعلوي وسلمي بعدها وبثينة ومالوحوا بالقصد إلا لصورتي