أكد الدكتور طارق حماد عميد كلية التجارة السابق بجامعة عين شمس أن الاقتصاد المصري يمر حاليا بمرحلة حرجة تتطلب الدراسة الدقيقة لجميع القرارات التي تفكر الحكومة في إطلاقها وفي مقدمتها زيادة حجم الديون سواء الخارجية أو الداخلية. وأشار إلي أن الديون ارتفعت بشكل مخيف سواء الخارجي أوالداخلي مع استسهال الحكومات السابقة والحالية الحصول علي القروض سواء بالجنيه أو الدولار كحل للأزمة مما يزيد من تفاقم الأوضاع الاقتصادية, وهو ما يتطلب وضع خطة محددة لعدم الاعتماد علي الاقتراض خلال الفترة القادمة لانها مجحفة مما يؤدي الي ارتفاع خدمة الدين بنسبة كبيرة. وأوضح أنه بعد عدة أشهر من المفترض ان الدولة سوف تبدأ في سداد شهادات قناة السويس وغيرها وبعد عام ونصف الشهادات ذات العائد المرتفع والتي تصل الي20% وذلك بالجنيه المصري, فضلا عن أقساط القروض الاجنبية وفوائدها مما يضغط علي الموازنة العامة للدولة. وأضاف أن السندات الدولارية التي طرحتها الحكومة في يناير الماضي والتي تبلغ4 مليارات والتي تم تغطيتها حوالي3 مرات ليست لان الاقتصاد المصري مستقر أو في حالة نمو وإنما لارتفاع العائد من جانب والذي تراوح من6 الي5,8% تبعا لأجل كل شريحة وهي نسبة مرتفعة جدا مقارنة بفوائد السندات التي تطرحها الدول النامية والتي تتراوح بين4 و6% ومغرية لرؤوس الاموال الأجنبية في ظل حالة الركود التي يعاني منها الاقتصاد وحركة التجارة العالمية, فضلا عن ضمان الحكومة لهذة السندات. وأكد أن السندات الدولارية التي يتم إصدارها من الدول بالخارج منخفضة جدا مقارنة بالسندات المصرية نظرا لارتفاع نسبة مخاطر الائتمان في مصر من جانب في ظل معاناة الاقتصاد من أزمة توفير العملة الاجنبية وهو ما يدفع الفائدة للارتفاع لجذب رؤوس الاموال. وأكد ضرورة تقشف الحكومة في الاتجاه إلي الاقتراض الاجنبي إلا في حالات الضرورة القصوي لزيادة القدرة علي السداد لهذه الديون التي سوف يتحمل أعباؤها الاجيال القادمة. وأعرب عن دهشته من اتجاه الحكومة لطرح سندات دولارية جديدة خلال الأسابيع القادمة والتي تتراوح بين5,1 و2 مليار دولار بالرغم من حصول البنوك المصرية علي21 مليار دولار من المواطنين من تغيير العملة بعد قرار تعويم الدولار طبقا لتصريحات نائب رئيس البنك المركزي وأين ذهبت هذه المبالغ الطائلة. وطالب د. طارق حماد الحكومة بإشراك الاستثمار الاجنبي المباشر وغير المباشر في عمل مشروعات وتشجيع رؤوس الاموال لضخها في مصر عبر الحوافز الإستثمارية الجاذبة ليكونوا شركاء في التنمية وليسوا مصدرا للإقراض بفائدة مرتفعة. وأشار إلي أنه لا يمكن الجزم بتوجيه الحكومة لهذه السندات الدولارية التي سوف تطرحها خاصة في ظل ارتفاع حجم الاحتياطي الاجنبي والذي قارب علي29 مليار دولار وإن كان نسبة كبيرة منه من ودائع الدول الخليجية لمساندة الاقتصاد المصري فضلا عن القروض التي حصلت عليها الحكومة خلال الاشهر الماضية لدعم الاحتياطي وليس نتاج ايرادات سواء مشروعات قومية أو قناة السويس أو السياحة أو مصادر إيرادية أخري. وأعرب عن اعتقاده أن مصر تعاني من عدم قدرة الحكومات علي استخدام الاموال وتوجيهها في نصابها الصحيح لتحقيق أفضل عائد منها, سواء في سداد عجز الموازنة العامة للدولة أو لتحقيق ايراد, مشيرا الي أنه تم الحصول علي عدد من القروض ولم يتم ضخها في مشروعات وإنما تم استهلاكها. وأضاف عميد التجارة السابق أنه من المتوقع أن الحكومة سوف تطرح السندات الدولارية لرفع نسبة الاحتياطي الاجنبي من جانب وسداد أقساط القروض المستحقة وفوائد الديون التي حل موعدها وأوضح أن سياسة الإقتراض التي تنتهجها الحكومة يجب أن توجه الي تقليل الواردات التي تتعدي حاليا6 مليارات دولار شهريا الي أضيق الحدود وزيادة حجم الصادرات التي تبلغ ملياري دولار من خلال زيادة الانتاج ومساندة الصناعة وتشغيل المصانع المتوقفة لزيادة القدرة التنافسية مما يساهم في تقليص الفجوة التمويلية من العملات الاجنبية وبصفة خاصة الدولار. وأشار إلي أنه وإن كان الاستيراد منخفضا قليلا عن ذي قبل إلا أنه لابد من تضييق الحكومة الخناق علي واردات السلع الكمالية والترفيهية وغير الملحة للمواطن البسيط بنسبة كبيرة والتركيز علي السلع الاساسية والضرورية لتقليل الضغط علي العملات الاجنبية.