ما حكم تربية الكلاب داخل المنزل بغرض الحراسة؟ تجيب دار الافتاء فتقول جاء في السنة النبوية الشريفة ترتيب نقص الأجر علي اقتناء الكلاب واتخاذها ما لم يكن ذلك لغرض من أغراض الانتفاع التي أباحها الشرع; كالصيد والماشية والزرع; فقال النبي صلي الله تعالي عليه وآله وسلم: من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره كل يوم قيراط متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه, وفي رواية أخري: قيراطان, وقد قاس الفقهاء علي هذه الأغراض غيرها من وجوه الانتفاع الصحيحة; كحفظ البيوت وحراسة الدروب وغيرهما مما يمكن أن ينتفع بالكلاب فيه, علي اختلاف بينهم في توسيع ذلك; نظرا للعلة المفهومة من الحديث وهي الحاجة, أو تضييقه; وقوفا عند مورد النص. أما أثر وجود الكلب في المنزل علي دخول الملائكة: ورد في ذلك قول النبي صلي الله عليه وآله وسلم فيما رواه الشيخان- واللفظ للبخاري- من حديث أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل, غير أن العلماء متفقون علي أن هذا الحديث ليس علي ظاهر عمومه, وأنه يستثني من ذلك الحفظة وملك الموت وغيرهم ممن لا يفارقون ابن آدم, ثم اختلفوا: هل هذا خاص بالكلاب التي لا يؤذن في اقتنائها, أم أنه عام في كل الكلاب: علي قولين, أرجحهما الأول; بقرينة الإذن, علي أن من العلماء من يخصص ذلك بملائكة الوحي, فيكون ذلك خاصا بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم. وذكر العلماء أن سبب نقصان الأجر هو امتناع الملائكة من دخول البيت بسبب الكلب; لأن رائحته كريهة, والملائكة تكره الرائحة الخبيثة, وقيل: لما يلحق المارين من الأذي من ترويع الكلب لهم, وقيل: عقوبة لاتخاذ ما نهي عن اتخاذه وعصيانه في ذلك, وقيل: لما يبتلي به من ولوغه في غفلة صاحبه ولا يغسله بالماء. وهل يسبب الكلب نجاسة لمكان الناس حالة يوجد فيه؟! بالنسبة لنجاسة المكان الذي يوجد فيه الكلب: فجمهور الفقهاء يرون نجاسة الكلب مستدلين بقوله صلي الله عليه وآله وسلم: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب متفق عليه, ويري الإمام مالك طهارته; لأن كل حي طاهر عنده, وأول هذا الحديث بأنه علي سبيل التعبد من غير علة, وعلي قول الإمام مالك يكون مكان الكلب طاهرا. ما حكم تطهير الإناء الذي ولغ فيه الكلب؟ وما هي كيفيته؟ ذهب الشافعية والحنابلة إلي أنه يجب غسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبعا إحداهن بالتراب, إذا أراد الإنسان أن يستعمل الإناء بعد ولوغ الكلب فيه, واستدلوا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب, أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب رواه مسلم. وذهب المالكية إلي استحباب غسله بالماء سبعا; تعبدا, لا لكون لعاب الكلب نجسا, ولا يسري هذا الحكم عندهم إلي غير الآنية. وذهب الحنفية إلي استحباب غسله ثلاث مرات, مع القول بنجاسة لعاب الكلب; لقوله صلي الله عليه وآله وسلم: يغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثا رواه الدار قطني. ويستحب جعل التراب في الغسلة الأولي; لقوله صلي الله عليه وآله وسلم: أولاهن بالتراب رواه مسلم, ويجوز استبدال التراب بما يقوم مقامه في هذا العصر من وسائل النظافة الحديثة; إذ المعول عليه الطهارة مطلقا. وبناء علي ذلك: فلا مانع من اقتناء الكلاب التي يحتاجها المكلف في حياته وعمله, بشرط ألا يروع الآمنين أو يزعج الجيران. واقتناء الكلب المحتاج إليه لا يمنع من دخول الملائكة علي قول كثير من أهل العلم. أما عن نجاسة الكلب ومكانه فيمكن الأخذ في ذلك بمذهب السادة المالكية في القول بطهارة الكلب, وينصح بوضعه في حديقة الدار إن وجدت, وإلا فليجعل الإنسان لنفسه في بيته مصلي لا يدخله الكلب.