ما حكم تربية الكلاب داخل المنزل بغرض الحراسة, وهل وجود الكلب داخل المنزل لهذا الغرض يمنع دخول الملائكة, أو يسبب نجاسة المكان الذي يوجد فيه؟ تجيب دار الإفتاء فتقول جاء في السنة النبوية الشريفة ترتيب نقص الأجر علي اقتناء الكلاب واتخاذها ما لم يكن ذلك لغرض من أغراض الانتفاع التي أباحها الشرع; كالصيد والماشية والزرع; فقال النبي صلي الله تعالي عليه وآله وسلم: من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره كل يوم قيراط متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه, وفي رواية أخري: قيراطان, وقد قاس الفقهاء علي هذه الأغراض غيرها من وجوه الانتفاع الصحيحة; كحفظ البيوت وحراسة الدروب وغيرهما مما يمكن أن ينتفع بالكلاب فيه, علي اختلاف بينهم في توسيع ذلك; نظرا للعلة المفهومة من الحديث وهي الحاجة, أو تضييقه; وقوفا عند مورد النص. قال الحافظ ابن عبد البر المالكي في التمهيد(219/14-220, ط. وزارة الأوقاف بالمغرب):, وكذلك ما كان مثل ذلك, كما يقتني للصيد والماشية وما أشبه ذلك, وإنما كره من ذلك اقتناؤها لغير منفعة وحاجة وكيدة; فيكون حينئذ فيه ترويع الناس وامتناع دخول الملائكة في البيت والموضع الذي فيه الكلب, فمن ها هنا- والله أعلم- كره اتخاذها, وأما اتخاذها للمنافع فما أظن شيئا من ذلك مكروها; لأن الناس يستعملون اتخاذها للمنافع ودفع المضرة قرنا بعد قرن في كل مصر وبادية فيما بلغنا والله أعلم, وبالأمصار علماء ينكرون المنكر ويأمرون بالمعروف ويسمع السلطان منهم, فما بلغنا عنهم تغيير ذلك إلا عند أذي يحدث من عقر الكلب ونحوه] اه. وهل وجود الكلب في المنزل علي أثر علي دخول الملائكة؟! دار الإفتاء أجابت فقالت.. فقد ورد في ذلك قول النبي صلي الله عليه وآله وسلم فيما رواه الشيخان- واللفظ للبخاري- من حديث أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل, غير أن العلماء متفقون علي أن هذا الحديث ليس علي ظاهر عمومه, وأنه يستثني من ذلك الحفظة وملك الموت وغيرهم ممن لا يفارقون ابن آدم, ثم اختلفوا: هل هذا خاص بالكلاب التي لا يؤذن في اقتنائها, أم أنه عام في كل الكلاب: علي قولين, أرجحهما الأول; بقرينة الإذن, علي أن من العلماء من يخصص ذلك بملائكة الوحي, فيكون ذلك خاصا بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم. وذكر العلماء أن سبب نقصان الأجر هو امتناع الملائكة من دخول البيت بسبب الكلب; لأن رائحته كريهة, والملائكة تكره الرائحة الخبيثة, وقيل: لما يلحق المارين من الأذي من ترويع الكلب لهم, وقيل: عقوبة لاتخاذ ما نهي عن اتخاذه وعصيانه في ذلك, وقيل: لما يبتلي به من ولوغه في غفلة صاحبه ولا يغسله بالماء. أما بالنسبة لنجاسة المكان الذي يوجد فيه الكلب: فجمهور الفقهاء يرون نجاسة الكلب مستدلين بقوله صلي الله عليه وآله وسلم: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب متفق عليه, ويري الإمام مالك طهارته; لأن كل حي طاهر عنده, وأول هذا الحديث بأنه علي سبيل التعبد من غير علة, وعلي قول الإمام مالك يكون مكان الكلب طاهرا. وبناء علي ذلك وفي واقعة السؤال: فلا مانع من اقتناء الكلاب التي يحتاجها المكلف في حياته وعمله, بشرط ألا يروع الآمنين أو يزعج الجيران. واقتناء الكلب المحتاج إليه لا يمنع من دخول الملائكة علي قول كثير من أهل العلم. أما عن نجاسة الكلب ومكانه فيمكن الأخذ في ذلك بمذهب السادة المالكية في القول بطهارة الكلب, وينصح بوضعه في حديقة الدار إن وجدت, وإلا فليجعل الإنسان لنفسه في بيته مصلي لا يدخله الكلب.