قال الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي: نحن ورثة لتاريخ من الاضطهاد عبر قرون, لكن لا نذكره أو نتحدث عنه, ونبذل جهدا كبيرا في ترجمة كتب تكشف هذا التاريخ في الغرب, . لكن من الأولي أن يقوم المثقفون علي إنجاز مؤلفات عن هذه الفترات التي منع فيها الإبداع الحر, لترسيخ حرية الرأي والتعبيرجاء ذلك خلال ندوة لمناقشة كتاب محاكمات فنية وأدبية وفكرية ترجمة د. رمسيس عوض بصالون المركز القومي للترجمة بقاعة المجلس الأعلي للثقافة وناقش الكتاب المفكر السيد يسين, وأنيسة حسونة, وبهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان, وشهدت الندوة حضورا لعدد من المثقفين والشخصيات العامة منهم الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي, والكاتب المسرحي ابو العلا السلاموني, ود. نبيل علي خبير المعلومات. وأوضح حجازي أن هناك عددا من المصطلحات التي يستخدمها بعض المثقفين المصريين بشكل مغرض ومضلل يخدم أحيانا مصالحهم, مثل مصطلح العلمانية الذي يستخدم باعتباره مرادفا للكفر أو الإلحاد, كما أن هناك عددا من المثقفين والكتاب ومن يعتبرون أنفسهم موجهين للرأي العام يكتبون عن العلمانية بجهل, وأشار حجازي إلي الشيخ يوسف القرضاوي علي خلفية حديثة مؤخرا لجريدة يومية مستقلة. ومن جانبه قال المفكر السيد يسين إن المجتمع المصري يشهد الآن فوضي في القيم, خاصة بعد ثورة يناير, بسبب سوء فهم بعض من المفاهيم المطروحة كمفهوم الدولة المدنية والعلمانية, والمرحلة الحالية تحتاج إلي مزيد من الانضباط. ولفت إلي أن هناك بعض القوي التي تحاول القفز علي الثورة وهي لم تشارك فيها ولا علاقة لها بها. وعن كتاب محاكمات قال يسين أنه يتعرض لفترة مهمة جدا من تاريخ الولاياتالمتحدة وهي فترة المكارثية( نسبة إلي السيناتور الجمهوري جوزيف مكارثي) وهي الفترة التي تم فيها توجيه الاتهام إلي كل من له علاقة بالشيوعية من قريب أو من بعيد من مفارقة تاريخية لأنه بالولاياتالمتحدة في هذا الوقت كان هناك حزب شيوعية معترف به من الحكومة, فكيف تتحول الشيوعية لتهمة, ويستعرض الكتاب نصوصا للمحاكمات والتحقيقات التي جرت مع فنانين وأدباء ومغنيين مشهورين بتهمة التعاطف مع الشيوعية التي كانت الولاياتالمتحدة تعاديها. وأوضح يسين أن المكارثية لم تنته بانتهاء تلك الحقبة الفاشية لأنها في أساس بنية الولاياتالمتحدة وأكبر دليل علي هذا ما حدث بعد أحداث11 سبتمبر مع قانون الوطنية الذي أقره بوش والذي يعطيه الحق في التجسس علي الناس باسم الوطنية. فيما قالت أنيسة حسونة إن كتاب محاكمات يستعرض القوانين والتشريعات القامعة للحريات, لكن هذا لا يتعلق في الحقيقة بفترة معينة أو بمجتمع واحد, أما بهي الدين حسن فأكد أن الكتاب يعد وثيقة تاريخية, ومن جانب آخر هو ملحمة توضح أشكال القمع التي يتعرض لها المبدعون والمفكرون, وإن هذا نوع من الإرهاب الفكري الذي لم تسلم منه مصر, فكما استخدمت الفاشية في أمريكا استراتيجيات التخوف من السوفييت لإبقاء المجتمع الأمريكي تحت السيطرة, استخدم النظام السابق فزاعات الأمن القومي علي مدي عقود وقد اشترك العديد من المثقفين عن قصد أو غير قصد وعليهم الآن أن يراجعوا أنفسهم بعد الثورة. ومن جانبه قال د. رمسيس عوض عندما أترجم كتبا عن الغرب, أفكر دائما في عالمنا العربي لأن المشاكل واحدة, كما أننا نستخدم كثير من النظريات الغربية والمصطلحات لكنها منزوعة من سياقها الحضاري, ويتم تفسيرها تفسيرات خاطئة, إذ تكتسب المصطلحات في وطننا العربي معاني أخري لكي يستخدمها المسيطرون علي المجتمعات وفقا لأغراضهم.