ليست لدي الطاقة علي المجادلة غير البناءة, خصوصا إذا كان من يحاورني غير متقبل للآراء الأخري, ففي تلك المرحلة يصبح من الأفضل التوجه مباشرة لإنهاء الحوار بدرجة عالية من الدبلوماسية, حتي لا تجهد نفسك وتستنفد قواك فيما لا فائدة منه, ولا يريد أن يستمع, وإن استمع يريد أن يجذبك في صفوفه. فلا مانع من الانجذاب إلي صفوف الطرف المناظر, لكن حينما يتعلق الأمر بالانجذاب إلي آراء قد تحيد بنا عن مصلحة الوطن, هنا; يجب علينا أن نتوقف عن الحوار والمجادلة, ونعود مسرعين للانضمام إلي المصلحة العليا للوطن, بغض النظر عما إذا كان إنهاء هذا الحوار سيفقدك شخصا أو إذ ربما أشخاصا, ولكنه حتما سيمنحك بر الأمان بالنسبة للوطن. هذا ما يحدث معي, ففي كثير من كتاباتي أحاول أن أعرض آرائي بموضوعية, واجتهد في طرح حل المشكلات التي تعترض وطننا, وذلك في حدود قراءاتي ومعلوماتي العلمية والعملية, وإذا ما تطرقت لشيء إيجابي أو سلبي, أجد دائما من يحاورني من أشخاص ذي قامة وقيمة علمية واجتماعية, وأرحب دائما بتلك الحوارات, مادامت بناءة. لكن ما يؤلمني أن هناك أفرادا وان واي, يسعون دائما لاجتذابك نحو صفوفهم بشتي الطرق, ويحفظون ما يرددون في كافة الموضوعات المطروحة, وكأنهم ملقنون, يحملون في طياتهم النظرة التشاؤمية دائما وأبدا, حتي وإن بدت عليهم نعمة تبدل الحال من الأسوأ إلي الأفضل, يصدرون دائما الوضع المأساوي, ويحتفظون بالأفضل لأنفسهم, ويرفضون كل ما يحمل بريق أمل, ليواجهوه بوابل من الإحباطات والتشكيك فيما يدور حولنا من أحداث. لا أنكر أن بعض آرائهم قد يحمل شيئا من الصواب, ولكن من المؤكد أن جميع آرائهم لن تكون صحيحة, أي حين أستمع إليهم لابد أن اتخذ حائطا منيعا كي لا أصاب بداء تصدير الإحباط والنظرة التشاؤمية والتشكيك المرضي. فما أريد أن أقوله أننا عقب أحداث يناير, وأنا علي يقين تام بأنها أحداث ليست أكثر من ذلك, ولا ولن تعبر عن أكثر من ذلك من وجهة نظري, تعرض الوطن لكثير من الآلام أحاطت به وبنا, جاء الإرهاب كأول تلك الآلام, وما تبعه من انسحاب للاستثمارات خاصة الأجنبية منها, وبدأ يتحول معدل صافي الاستثمارات الأجنبية في مصر من الموجب إلي السالب, ليصل معدل الانخفاض في صافي الاستثمارات الأجنبية إلي67% عام2011/2010 مقارنة بعام2010/2009, في إشارة واضحة لهروب الاستثمارات من مصر, تزامن ذلك مع إغلاق كثير من المصانع, وتسريح عمالتها, تبع ذلك توغل الإخوان في كافة المصالح والمؤسسات. تواكب ذلك مع وجود أطياف كثيرة من التوجهات مدعية الوطنية, فرأيت من صدقوا الفكر الثوري فأصبحوا إما برادعاويين أو حمدويين, ومنهم من اعتنق الفكر الحمزاوي, ومنهم من انضم لصفوف الإخوان, وتشبث البعض بالمذهب المباركي. ليظهر مؤشر واضح وهو التوجه نحو انهيار الوطن. وفجأة تحدث ثورة30 يونيو, والتي اعتبرها بمثابة ثورة التصحيح, وتظهر القوات المسلحة المصرية متصدرة المشهد, لتحاول إعادة بناء ما تم هدمه من الوطن, وفي ذات الوقت تسعي للمساعدة في التنمية المستقبلية, وتحاول توفير السلع والحياة الكريمة للمواطنين, وفي ذات الوقت أري محاربة الفساد في كل المواقع, وهو مشهد لم أعتد عليه من قبل, هنا يجب أن أنحاز بلا تردد لمن أنقذ الوطن من الضياع. وكل من يحاول التشكيك أو الجدال أقول له, لا وقت لدي لمهاترات وفلسفات لا قيمة لها, تلك قناعتي مادامت تتعلق بإنقاذ الوطن, وكفي. [email protected]