مع انطلاق البطولة الافريقية لكرة القدم انطلقت البلاغات فيما يخص شبهات الفساد في إجراءات العقد الخاص بمبيعات البث التليفزيوني للاتحاد الإفريقي والتي سوف اتناولها في المقال القادم بالتفصيل حتي يعرف الجميع حقيقة ما حدث وما هي طبيعة سوق البث في كرة القدم. لكن اليوم وجدتني مدفوعا منذ البداية نحو تسليط الضوء علي أنواع الغش والفساد الموجودين في كرة القدم الافريقية خاصة مع بداية الحقبة التجارية لها في الألفية الثالثة, ولكن هذا لا يعني أن كرة القدم الافريقية كانت تعيش فيما مضي فترة ذهبية خالية من الغش والفساد, انما هذا مجرد اعتراف بأنه مع تزايد العوائد التجارية لكرة القدم ظهرت حالات أكثر من الفساد. ومن هذا المنطلق أن أقوم باستعراض كيف ساهمت الهياكل التنظيمية الضعيفة والهشة في انتشار الفساد والاحتيال بكرة القدم الافريقية والاجابة علي السؤال هل تم ذلك برعاية كريمة من الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا ومصالح نافذة للاتحاد الاوربي لكرة القدم داخل القارة الافريقية؟. ويؤكد الكثيرون ومنهم تقرير هيئة المحققين الأفارقة أن الأموال التي تدفقت علي اللعبة من الشركات التي ترعي اللعبة وعملها الرئيسي في مجالات التعدين- الزراعة- البترول والغاز والنفط الأطعمة والمشروبات, بالإضافة أيضا الي الشركات الرياضية الدولية ذات الماركات العالمية والشبكات التليفزيونية العاملة في القارة الافريقية وأيضا الأموال القادمة من مشاريع التنمية للفيفا, بعضها لم يدخل بالكامل إلي الاتحادات الوطنية والذي دخل منها لم تتجاوز نسبته ال(10%), وفي هذا الشأن يدعي الحارس الكاميروني الشهير جوزيف أنطوان بيل أن90 دولارا من أصل100 دولار في كرة القدم الأفريقية تختفي في الجيوب الخاصة. والمثال الواضح هنا استنادا الي تقرير شيوسلان الشركة الكاميرونيةMTN للهاتف المحمول ضخت600.000 دولار امريكي بمشروع قيمته800.000 دولار لتجديد عدد من الملاعب, ولكن بدلا من ذلك حصل تييري أوجستينادوزا وزير الرياضة في ذلك الحين في جيبه الخاص علي146.000 دولار وتوقف العمل في المشروع وذهب مبلغ600.000 دولار في عداد المفقودين. يتم تحت مسميات شيء قليل أو نقطة أو هدية شراء الأصوات في الانتخابات ورشاوي المدربين التقارير الرسمية والتي تمت وفقا لقواعد وأسس علمية سليمة مثل تقرير شيوسلو وتقرير منتدي هيئة المحققين الافارقةFAIR عام2010 وعام2014 يؤكدان ان مظاهر الفساد الرياضي قد انتشرت في مختلف أنحاء القارة الأفريقية حيث أصبحت كرة القدم الأفريقية مرادفا للفساد وقد أدي ذلك الي ضعف عمليات تطوير اللعبة وانعدام النزاهة والشفافية بإدارة اللعبة, كما أظهرا ان الفساد في النظم والهياكل الأفريقية كرة القدم يتم تحت العديد من المسميات( شيء قليلlittlesomething, هديةgift, حافز او دافعmotivation, مظروفenvelop, نقطةdash). فقد اعترف اثنان من الأعضاء بمجلس إدارة الاتحاد الزيمبابوي لكرة القدم بحصول كل منهما علي2000 دولار أمريكي مقابل أصواتهم في اختيار رئيس اتحاد كرة القدم وتورط صحفيين هناك بأخذهم مدفوعات من مسئولي كرة القدم لكتابة قصص محببة عنهم إلي جماهير وأعضاء اللعبة, بالإضافة إلي قيام بعض الوكلاء بدفع رشاوي للمدربين حتي يتم أخذ اللاعبين الذين يمثلونهم إلي المنتخب الوطني وبالتالي زيادة قيمتهم السوقية لتسويقهم في الأسواق الرئيسية وأسهم ذلك في هروب المواهب الأفريقية إلي القارة العجوز وتجنيس تلك المواهب في المنتخبات الوطنية الأوربية حتي بتنا نشاهد منتخبات أوروبية يندر في بعضها لون بشرة القارة الأبيض, وساهم ذلك بدوره في تسديد ضربة قاتلة لكرة القدم الأفريقية التي لم تصبح قادرة علي الاحتفاظ بمواهبها وتعزيز قدراتها التنافسية في البطولات الدولية وتنظيم البطولات الرئيسية للاتحاد الأفريقي مثل بطولة الأمم الأفريقية وبطولة الأندية اللذين نالهما من الضعف والوهن الكثير وخرجت الأندية الكبيرة من المنافسة علي البطولات لفترات كبيرة مثل نادي كوتوكو الغاني وبالطبع انعكس ذلك علي المبيعات التجارية للحقوق مثل البث والرعاية. فتش عن سر فشل جهود وياه وكيتا ودروجبا وبواليا نهب أموال الرعاية وحقوق البث من أهم مظاهر الفساد في كرة القدم الافريقية هو الحصول علي أموال الرعاية وحقوق البث وعدم وصولها إلي الأندية والاتحادات وهذا ما دفع باللاعبين الذين ضحوا بثرواتهم الشخصية لتطوير ليس فقط كرة القدم ولكن أيضا مجتمعاتهم ككل مثل: جورج وياه- ساليف كيتا- ديدييه دروجبا- كالوشا بواليا الي الانسحاب بعد أن باءت جهودهم بالفشل... علي سبيل المثال وحصلت كرة القدم النيجيرية علي10% فقط من قيمة العقد الذي بلغ قدره7 ملايين دولار نظير رعاية شركةGlobalcom بالإضافة إلي5 ملايين دولار قيمة حقوق البث التلفزيوني للدوري النيجيري ولم يحصل أي ناد بالدوري الممتاز علي نصيبه من قيمة العقود. ايضا في ساحل العاج حصل الاتحاد الوطني لكرة القدم علي1.6 مليون دولار من شركة ساحل العاج لتكرير البترول نظير رعاية المسابقة الوطنية ولكنها اضطرت إلي الانسحاب في عام2007 بعد اكتشفت ان الأموال لم تصل الي أي من الأندية ولم يتم توزيعها علي أي منها. الفيفا والمستقبل المظلم للكرة السمراء يعلم الجميع أن كرة القدم الافريقية في حاجة ماسة إلي تطوير كبير في جميع عناصر منظومة كرة القدم( الاستادات الرياضية تطوير الناشئين المدربين الحكام المنافسات إدارة المنتخبات الوطنية) وهنا يكون للحكومات في القارة الافريقية دور كبير ومركزي في عمليات التنمية خاصة في مجال تطوير البنية التحتية للعبة, غير ان مظاهر الفساد التي تنهش في جسد اللعبة خنقت التنمية وجعلت عمليات التطوير للعبة مكلفة للغاية الأمر الذي أدي إلي انصراف الكثير من الدول عن عمليات التنمية والتطوير للبنية التحتية وانعكس ذلك علي اللعبة بشكل كبير, وكانت حجة بعض الدول في القارة ان الفيفا لعب دورا رئيسيا في انتشار الفساد في كرة القدم بسب سياسة الاتحاد الدولي التي تحظر تدخل الحكومات أو أطراف خارجية أخري في شئون الاتحادات الوطنية للعبة, لأن لوائح كرة القدم تنص علي أن كل عضو في الاتحاد الدولي يجب أن يدير شؤونه بشكل مستقل وبدون تأثير من أطراف ثالثة, خشية ان تتعرض كرة القدم الي تدخل السياسيين, لكن البعض استغل ذلك في ممارسة اخطر مظاهر الفساد وهي عمليات التلاعب في نتائج المباريات وهي للأمانة ليست مشكلة قاصرة علي أفريقيا ولكنها مشكلة مستوطنة ومزمنة في كرة القدم العالمية. فها هي جنوب أفريقيا قد شابتها فضيحة تشمل كبار مسئولي كرة القدم وهي التلاعب بنتائج المباريات الودية بين كل من تايلاند وبلغاريا وكولومبيا وجواتيمالا, حيث أظهر التقرير الأولي من قبل كريس إيتون ممثل الفيفا أن هناك أدلة كافية لبدء التحقيقات. كما أكد التقرير ان المسئولين في اتحاد جنوب افريقيا لكرة القدم(SAFA) كانوا متورطين في فضيحة التلاعب بنتائج مباريات من خلال المجرم السنغافوري ويلسون راج بيرومال. وتضمن التقرير مزاعم وجود تهديدات بالقتل وعروض بمدفوعات نقدية للمسئولين تصل لستة أصفار يتم تحويلها بنكيا وكان التلاعب بنتائج المباريات يتم عبر احضار الحكام ومراقبي الخطوط جوا من جميع أنحاء أفريقيا وأوروبا خصيصا لإفساد المباريات. كما ان الاتحاد الدولي قد هدد زيمبابوي بالإيقاف اذا لم تتوقف التحقيقات في سوء استخدام الأموال المخصصة لمشاركة المنتخب الوطني في كأس الامم الافريقية, واعتبار ذلك الفعل تدخلا من الحكومة في عمل الاتحاد الوطني؟. الاتحاد الأوروبي في مواجهة الفساد الإفريقي البداية الحقيقية لمواجهة الفساد في كرة القدم الأفريقية هو الإقرار والاعتراف بأن الفساد الرياضي جريمة جنائية ويجب ان يكون لها مواد واضحة في التشريعات الوطنية مثلما فعلت المفوضية الأوروبية عام2015, بالإضافة الي وضع خطة عمل مشتركة تضم عددا من المبادرات الملموسة تركز علي التعليم والوقاية والمراقبة والعقوبات التأديبية لكل الجوانب التي تعرض نزاهة كرة القدم إلي الخطر, بحيث يتم تنفيذها من قبل أسرة كرة القدم بالقارة الأفريقية, وأخيرا من الضروري وجود آلية تضمن التعاون الوثيق لتبادل المعلومات بين أجهزة الشرطة وسلطات التحقيق والقضاء من جانب ومن جانب أخر الاتحادات الوطنية, دون تفسير ذلك من قبل الاتحاد الدولي للعبة علي انه شكل من اشكال التدخل الحكومي لأن هذا من شأنه مساعدة الاتحادات الوطنية علي الملاحقة القضائية لقضايا الفساد واتخاذ اجراءات تأديبية وفي الوقت ذاته السماح لسلطات الدولة بالاستفادة من خبراتهم للتحقيق في جرائم الفساد الرياضي ومحاكمة مرتكبيها. ليكنز: أمم أفريقيا أصعب من كأس العالم أكد البلجيكي جورج ليكنز, المدير الفني للمنتخب الجزائري, جاهزية فريقه للمباراة المرتقبة أمام منتخب زيمبابوي اليوم الأحد, في افتتاح مباريات المجموعة الثانية ببطولة أمم إفريقيا بالجابون, مشددا علي أن البطولة القارية أصعب من كأس العالم. وقال ليكنز, في مؤتمر صحفي أمس استعد الفريق جيدا لكأس أمم إفريقيا سواء في الجزائر أو بعد وصولنا الجابون. أعتقد أننا جاهزون لمباراة زيمبابوي المهمة جدا, والتي يتعين علينا تفادي خسارتها. منتخب زيمبابوي فريق محترم ولديه إمكانيات كبيرة. كما تحدث عن الخصوصية التي تميز بطولة كأس إفريقيا ما يجعلها أكثر صعوبة من منافسة كأس العالم. وأكد أنه ما من شيء مضمون في البطولة الإفريقية التي تبقي مغامرة للجميع. أستاذ الاقتصاد والتسويق الرياضي