ما بين الحديث عن حال السينما والفن بشكل عام وفيلمها الأخير يوم للستات كانت هذه أبرز محاور الندوة التي أقامتها جريدةالأهرام المسائي للفنانة إلهام شاهين احتفالا بعرض فيلمها الجديد يوم للستات عقب مشاركته في مهرجانات لندن, القاهرة السينمائي, ودبي. وقالت إلهام إنها تربطها بمبني الأهرام العريق ذكريات لا تنسي وتاريخ مميز, لاسيما أنها التقطت فيه عدة صور مع الراحل كمال الملاخ, وكذلك يوسف فرانسيس في مكتبه الذي تعاونت معه في أول عمل فني بل ورسم أجمل صورة في حياتها, كما شهد المبني علي عملها كصحفية لمدة ساعتين فقط أجرت فيهما حوارا مع الأديب الراحل نجيب محفوظ بعدما وضعت مجلة أخبار النجوم في بداية نشأتها وضع فكرة جديدة من خلال إجراء الفنانين حوارات مع آخرين حيث اخترت الأديب الراحل الذي قال لها أنت غلباوية جدا, ومن وقتها نشأت علاقة صداقة جميلة ربطت بينهما, وقدمت له بعد ذلك فيلم الحرافيش من السيرة العاشورية مع الراحل نور الشريف,جمعتني به وأضافت: قال لي إنني قدمت شخصية فلة بشكل اجمل مما كان في خيالي ثم خلال جلسة شيقة أخري بإحدي المراكب النيلية جمعت بين مجموعة من المثقفين من بينهم يوسف القعيد وجمال الغيطاني والأصدقاء المقربين لقلبه تحدثنا كثيرا فانا كنت احب مثل هذه الجلسات المخصصة له. ألم يجعلك هذا اللقاء تفكرين في خوض تجربة تقديم البرامج مثل كثير من الفنانين؟ لا إطلاقا لأنني وقتها سوف أخسر كثير من الأشخاص بسبب صراحتي الشديدة, ولهذا إذا أصبحت ناقدة هتبقي مصيبة, ولذلك أفضل أن أكون فنانة تقول آراءها فيما تسأل عنه, ورغم ذلك أتعرض للهجوم فبسبب آرائي كسبت كثير من الأعداء لأن الناس تحب الشخص الكاذب والذي يطلقون عليها دبلوماسية وهي الكلمة التي أكرهها كثيرا لأنها لا توجد في قاموسي فحياتي إما أبيض أو أسود, أما المنتصف فهذا شيء لا معني له وأشعر أنه شيءجبان, وفي النهاية لا يوجد شخص سيتفق عليه كل البشر ولذلك أخسر ولكن تحدث بمصداقية ولكن بشكل مهذب دون تطاول. هذا يدفعنا للسؤال عن رؤيتك للنقد الفني وما يتعرض له النجوم من آراء حادة في بعض الوقت؟ النقد المدروس قليل جدا, أقول هذا لأنني درست نقدا, فلا توجد أي فنانة في السينما المصرية درست نقد مثلي وأنا نجمة السينما الوحيدة في تاريخ السينما المصرية خريجة اكاديمية الفنون ومن ضمن المواد التي درستها لأحصل علي البكالوريوس مادة نقد فني لمدة أربع سنوات ودرس لي العديد من الأساتذة في كلية الآداب ومنهم الدكتور سمير سرحان كما درست الفن التشكيلي مع الدكتور سعد المنصوري والموسيقي وكل العناصر الفنية والثقافية المتصلة بمهنتي وهذا مهم فمن يقول الفن موهبة لا يحتاج لدراسة فهو بالفعل هكذا ولكن يجب أن أفهم مهنتي فمثلا عندما يستعين بي احد كعضو لجنة تحكيم فعلي أي أساس أحكم أو أحلل الأعمال الفنية, أو معرفة الأبعاد السياسية والمادية والاجتماعية لكل شخصية في العمل, وتحليل هذه الأبعاد دون أن أدرس أو حتي أستطيع الحكم علي الممثل إذا قدم الدور بشكل صحيح أم لا فلو لم يكن علي أساس الدراسة ورأي نقدي مضبوط فلا يصح هنا أن أدخل لجنة تحكيم, ولهذا تجدني في عضوية أي لجنة تحكيم أجلب جوائز لمصر لأنني أعرف أحلل جيدا وأجد النقاط الجمالية في الشيء الذي أتحمس له وهنا أستطيع إقناع باقي أعضاء اللجنة. علي ذكر لجان التحكيم كيف ترين موضة استعانة المهرجانات بالفنانين الشباب لخوض هذه التجربة؟ يجب أن يكون الشخص الذي يحكم دارسا أولا وليس مجرد موهوب فقط, وإلا فكيف سيحكم علي إخراج الأعمال التي يشاهدها إذا لم يدرس الإخراج, فعندما كنت في فنون مسرحية درست الإخراج والسيناريو وموسيقي ومكياج وفن تشكيلي وديكور ونقد فني بالتالي تعلمت كثيرا كما قرأت العديد من الكتب وهذا يختلف عن الفنانين الذين يرون الفن موهبة فقط. بصفتك الآن منتجة هل كان الإنتاج بين ما قمت بدراسته؟ لا لم ادرس الإنتاج. كيف ترين مجال الانتاج السينمائي بعد دخول رؤوس أموال تقدم أعمال بلا قيمة؟ هذا بالتأكيد ليس في صالح السينما, ويجب الاعتراف بأن السينما مرت بمرحلة تدهور كبيرة, حيث تم وضعنا في إطار أن نجاح الفيلم يترتب علي عدد الضحكات به وأصبح هذا هو المقياس, كما أن الأفلام الجادة باتت تركز علي المواقف المضحكة فيها ففي الزمن الجميل كنا لا نضحك في أفلام فاتن حمامة أو شادية أو هند رستم أو رشدي أباظة وظلت الأفلام الكوميدية موضة مستمرة كثيرا لدرجة أن هناك بعض الدول العربية لا يشترون إلا الأفلام الكوميدية فقط لأنهم رأوا أن الأفلام الجادة لا جمهور لها فبدأنا نربي ذوقا غريبا عند المجتمع وهو أن الفيلم الجيد هو الكوميدي والمسلي وهنا فقدنا العنصر الثقافي والتأثير في المشاعر وفي الفكر فمثلا فيلم دانتيلا بطولتي ويسرا ومحمود حميدة ونحن لسنا مصنفون ككوميديانات ولكن كان يعتمد علي كوميديا الموقف ويعتبر من الأفلام التي حصلت علي أكبر إيرادات ولم نصدق ذلك واستمر كثيرا في دور العرض السينمائي وقام التلفزيون بشرائه بمبالغ ضخمة لانه كان مضحكا وهذا المقياس غريب أن قيمة الفيلم يترتب علي كم ضحكة فيه. هل اعتماد المنتجين علي الكوميديا هو ما جعلك تجازفين بتجربة الإنتاج؟ الفكرة جاءت لي في فيلم خلطة فوزية فعندما عرض علي كنت مرشحة لبطولته وليس منتجته ثم بحثت مع المخرج مجدي أحمد علي علي شركات إنتاج وقيل لنا انه مكتوب بشكل متحفظ ومن الممكن أن يخرج منه أفيهات كثيرة له وبدأوا يرشحون ممثلين رجالا لا يليقوا علي الأدوار وكانوا أيضا أصغر مني سنا وهنا تغيرت فكرة الفيلم تماما فليس المقصود من شخصية فوزية أنها تتزوج رجال أصغر منها فنحن هنا ذهبنا إلي معني آخر, ولكن المقصود أن فوزية ترمز لمصر المحتضنة أولادها وأزواجها ورغم انفصالها عنهم إلا أنها تجمعهم بابنائهم لكي يحبون بعضهم وهي معاني بين السطور مقصودة في الكتابة ولو كنا تركناه لمنتج يحوله لكوميديا أو هلس بأن أظهر كامرأة متزوجة خمس الرجال سيكون المعني خطأ ولن يظهر بالنبل الذي كتبته هناء عطية رغم محاولة أحد المنتجين الذي كان يحاول إقناعنا كيف نحوله إلي كوميديا وهنا نزلنا مكتئبين وأنا علي باب العمارة قلت لمجدي أنا اللي هنتج الفيلم ده وتعجب وقتها ولكنني أحببته كثيرا وتساءلت هل كل عمل هنقلبه مسخرة؟ فالفن أصبح لا يقدم قيمة وفي النهاية الفيلم كان محترم وحصل علي العديد من التكريمات ويعتمد علي كوميديا الموقف, بينما هناك أفلام عبارة عن نكت تتحول إلي موقف سينمائي, وفي رأيي أننا حاليا أصبحنا أفضل فالضحك والاستمتاع مطلوب في المشاهدة وليس معني ذلك أنني عندما أريد تقديم فيلم مشرف لاسم مصر يكون دمه تقيل ويجب أن نقدم كل النوعيات ففي فترة كان الاهتمام بالكوميديا والأكشن وأصبحت أفلام العيد كوميديا فقط وحتي الان هذه المسألة مسيطرة ولكن السينما بدأت تتغير. التمرد علي كل ما هو تقليدي هل هذا يمثل منهجية إلهام شاهين في التمثيل والإنتاج؟ أريد وضع كل ما هو مميز في سيرتي الذاتية الإنتاجية فمثلما كان يهمني بناء اسمي كممثلة فأنا لم أنتج للإنتاج فهو ليس هدفي ولا أربح منه أو كما أقول هذه لعبة قمار وليس لدي حسابات في ميزانية الفيلم ولا حسابات في التوزيع وبيتضحك عليا علشان دماغي مش حسابية وبالتالي اخسر وما يتبقي معي أدخل به عمل آخر, وأعمل في الدراما لأتقاضي أموالا أنفق بها علي السينما,وأوقات أخري أمر بضائقة مالية وقت التصوير, ولذلك أحصل علي سلفه من البنك مثلما حدث في خلطة فوزية ويوم الستات لأنني لست قوية إنتاجيا مثل شركات الإنتاج. ما هي سلبيات وايجابيات تجربة الإنتاج من وجهة نظرك؟ مزعجة جدا بالفعل وأدخلها بدون حسابات لأنني ولا مرة عملت ميزانية لفيلم وتم تنفيذها كما هي خاصة فيلم يوم للستات حيث فوجئت بزيادة أكثر من ضعفي التكلفة, والفنان عندما يقوم بالإنتاج لا يكون لديه حسابات وطبيعة الفنان أن عقله ليس حسابيا وكل فريق العمل كان متفاهم جدا ولم يحصل أحد علي أجره كاملا, بينما هالة صدقي عملت بدون أجر, ليس حبا في إلهام شاهين ولكن حبا في سينما قيمة وإيمانها بالعمل كما أن الماديات ليست كل شئ فهناك من يعتقدون أن الفنانين كلهم ماديين وهذا خطأ لأنهم عندما يجدوا العمل الهادف المحترم لا تشغلهم المادة, ففيلمي يضم10 نجوم عملوا بكل حب بعيدا عن الأنانية وكل واحد منهم بطل فيلم ومن أجيال مختلفة ولم يحدث أي خلافات حول وضع الاسماء علي التتر. لكن يتردد أن أجور النجوم في الدراما مبالغ فيها؟ الدراما مختلفة عن السينما لانها هي التاريخ. وهل يوم الستات إيراداته مرضية؟ لا استطيع قول ذلك لانه طرح في السوق منذ ثلاث اسابيع فقط واتمني أن أربح بالطبع ولو لم يحقق ربحا ف اللي ادفع فيه يرجع علشان احطه في فيلم جديد وهو أعلي عمل في السوق حاليا واري انها ليست ايرادات جيدة لاننا طرحناه بعد حادث البطرسية بثلاث أيام والجمهور كان متخوفا من التجمعات وبالتالي توقيت عرضه ليس جيدا وبعد ذلك دخلنا علي الامتحانات فمن الممكن ان يكون اختياري خطأ لانني لم اطرحه في منتصف العام وكل شئ نصيب في الاسبوع الاول جلب نص مليون جنيه والثاني اقل ومازلنا في الاسبوع الثالث. هل واجهت أزمة في التوزيع مثل بعض المنتجين؟ لا فهو عرض في50 دار عرض, وفي البلاد العربية يعرض في الامارات والبحرين وعمان ومازالت الرقابة بالكويت تناقشه هناك, بينما رفضت قطر عرضه حيث أبلغني الموزع بذلك دون أسباب والقنوات مازالت تتفاوض عليه وبدأ يعرض علي عرضه في السويد والدنمارك والافلام التي تحقق نجاحا باهرا هي للتسلية والافلام التي بها سينما حقيقية حظوظ. هل بالفعل هناك تعاون جديد بينك وبين الكاتبة هناء عطية؟ نعم فأنا أعشق كتابتها حيث تعاونت معها من قبل في خلطة فوزية ويوم الستات والعمل الجديد نسيم الحياة فاصبح بيننا كيمياء وعندما اقرأ كتابتها أجد أن مشاعري تتحرك نحوها لأنها كاتبة حساسة ومن اقدر الكاتبات التي تعرف تعبر عن المرأة جيدا والمشاعر الحقيقية برقة وشاعرية ليس بطريقة فجة فمثلا في يوم الستات نجد شخصية شامية التي قمت بتجسيدها من الممكن أن يكون لها مشاهد فجة أكثر من ذلك لكونها موديل متحررة لا تهتم بالمجتمع وجعلتها شخصية خفيفة الدم وهذا ما أفضله في كتابات هناء أنها تعالج أكثر المشاكل الحساسة وكلها خاصة بالمرأة. هل ترين ان كتابة الرجل للمرأة ظلمتها؟ إحسان عبد القدوس وثروت أباظة ومصطفي محمود وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ كتبوا أعمالا فنية عظيمة للمرأة ولكن حاليا تقلص دور المرأة وأصبحت أباجورة في الأفلام أو وردة حلوة لان هذا الوصف سيغضب أشخاص كثيرة مني فبالرغم من أن البنات في الجيل الجديد تملكن إمكانيات مميزة ولكن الأدوار لم تعطيهن فرصتهن ليصبحن بونبانية الفيلم. ما هو العمل الذي تتمني إلهام شاهين أن تقدمه خلال الفترة المقبلة؟ أنا فقدت الامل في ذلك, فمنذ فترة كان لدي مشروع تقديم كل الحضارة الفرعونية في سلسلة أعمال تخرج للعالم كله حيث بدأت بالملكة حتشبسوت وعملت عليها كثيرا وهي أول امرأة في التاريخ تحكم ولكن لم يخرج للنور بالرغم من أنني عرضته علي الراحل يوسف شاهين الذي كان يريد تمويلا له ولكن لم نستطع ذلك, وأتذكر أنه قال لي وقتها أنت مغرورة جدا لأنني قلت له أنا غيرانة من إليزابيث إذ كيف تقدم شخصية فرعونية, وضحك قائلا لي أول ما تغيري تغيري من إليزابيث وكان متحمسا لغروري وقال إنه من الممكن أن يكون مسلسل لتكلفته الباهظة وسيعوض في اعلاناته, واقترح خالد يوسف مخرجا له وقمنا بمحاولات ولكنه انشغل في فيلم هي فوضي وبعد ذلك مرض ثم توفي فيئست من الموضوع. ثم تحدثت السينارست هناء عطية مؤلفة فيلم يوم للستات فقالت اجابة عن: كيف جاءت فكرة الفيلم؟ جاءت عند ذهابي ذات مرة إلي نادي القاهرة يوم الثلاثاء وكان يوم مخصص للسيدات ووجدت أن السيدات والمحجبات في هذا اليوم يتحررن كثيرا ويعيشن لحظات مختلفة, ثم في منطقة زينهم افتتح مركز شباب به حمام سباحة كبير وقالوا إن هناك يوم للستات فجاء لي مزيج ميكس بين المكانين طبعا باختلاف الطبقات ولأنني مهمومة بطبقة الفقراء لانها هي التي تملك كل مشاكل الواقع ولديها تعقيدات والمورورثات الدينية والاخلاقية والمجتمعية وفيها ثراء بالرغم من أنه يقال علي الطبقة الوسطي انها تملك ثراء اكثر وتخرج منها مشاكل ولكن هذه الطبقة تعتبر اختفت. كيف قمت ببناء الشخصيات وهل تعايشت معهم في الواقع؟ دخلت العديد من مراكز الشباب ولكن لم أدخل في يوم للستات وجزء كبير من العمل فيه خيال وحياتي كلها مجموعة تجارب وأذهب العديد من المناطق وأراقب الطبقة الفقيرة من بعيد لانني لست ملتحمة بها ولي أصدقاء مشتركين وقصص. لكن المفترض عند التحدث عن قضية معينة يكون الالتحام أكبر؟ لم أنقل الواقع كما هو ففي شخصية شامية جلست مع موديل علي إحدي المقاهي الثقافية ولكن الموديل في الفيلم من تأليفي فأنا أعيد تشكيل الواقع من تجارب ومن ثقافتي وموروثي والمصدر لم يكن واحدا فالعقل الباطن واللاوعي يخلق أشياء ويعيد صياغتها. كل شخصية في الفيلم كانت حالمة وتعيش علي الأمل هل كنت تقصدين ذلك؟ في الأدب اكتب بطريقة مختلفة وأري الواقع من زوايا مختلفة لأن القارئ الأدبي له ثقافة معينة أما في السينما أقرر أن يكون هناك سخرية قليلا في تلقي الواقع وأحاول البحث في المناطق المظلمة عن الجمال لانني اؤمن بخلق الجمال في المناطق المظلمة والأمل وأري أنه موجود خاصة في الطبقات البسيطة وهذا ظهر في نهاية العمل وليس معني ذلك تهميش القضايا الاقتصادية والسياسية في عملي ولكن ألقي بها كظلال فعندما نري نساء بهذه البساطة يحضر في عقولنا الحال الاقتصادي والسياسي ولا يجب وجود الخطابية المباشرة.