قال شهود إن مسلحا علي دراجة نارية فتح النار علي مخيم احتجاج مناهض للحكومة اليمنية فجر أمس مما أسفر عن مقتل شخص في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر بشأن المطالب بنقل السلطة في اليمن. وأضافوا أن المسلح توجه إلي طرف ميدان في بلدة الحديدة المطلة علي البحر الأحمر وفتح النيران علي المحتجين أثناء صلاة الفجر. وكان القتيل يشارك في حراسة المحتجين. وقال أحد الحراس' الشبان كانوا يصلون الفجر وكان الحراس يتفقدون مشارف الميدان حين مرت دراجة نارية وفتحت النار عليهم.' وقتل أكثر من123 محتجا في اشتباكات مع قوات الأمن منذ خرج نشطاء إلي الشوارع في يناير الماضي ليدعوا إلي إنهاء حكم الرئيس علي عبد الله صالح الممتد منذ32 عاما. وباءت محاولات حلفاء عرب وغربيين للتفاوض علي انتقال منظم للسلطة مع الرئيس بالفشل وبدأ صبر المعارضة ينفد. من جانبه أبلغ الرئيس اليمني علي عبد الله صالح مجموعة من انصاره أمس بأنه سيظل صامدا ولن يقبل' مؤامرات أو انقلابات'. ونقلت وكالة الانباء اليمنية الرسمية عن صالح قوله ان من يريدون السلطة أو الحصول علي مقعد السلطة عليهم ان يفوزوا به عن طريق صناديق الاقتراع وان التغيير والخروج من السلطة سيكون من خلال انتخابات تجري في الاطار القانوني للدستور. في الوقت نفسه اكتسبت الأزمة اليمنية التي دخلت شهرها الثالث بعدا دوليا باعتبارها البوابة الجنوبية للجزيرة العربية مما دفع لعقد اجتماع رسمي لمجلس الامن أمس علي الرغم من استمرار جهود الوساطة التي يقوم بها مجلس التعاون الخليجي لايجاد حل للوضع المتفجر هناك. ولم تثمر محادثات مجلس الامن عن شيء يذكر ولكنهم اكدوا دعمهم لجهود الوساطة التي تقوم بها دول مجلس التعاون الخليجي لايجاد حل للازمة. ورفض المتظاهرون المبادرة الخليجية التي تقوم علي عدة أسس وركيزتين وتتمثل الاسس في مسائل تتعلق بالحفاظ علي وحدة اليمن والانتقال السلمي للسلطة وازالة كل مظاهر التوتر وضمان عدم الملاحقة او الانتقام اما الركيزتان فتقومان علي اعلان رئيس الجمهورية نقل صلاحياته الي نائب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة. وتشير التطورات والأحداث المتسارعة في اليمن إلي تعقيد الامور مما يجعل المراقبين يجدون صعوبة بالغة في التكهن بالحلقة التالية من مسلسل الثورة فهناك عدة سيناريوهات منها الحسن وهو الذي يتمناه الجميع والذي سيتحقق عن طريق التوصل الي معاهدة بين اطراف الصراع ترسم مستقبلا اكثر ديمقراطية وحرية بما يعني تسليم الرئيس والسلطة بتفوق الشارع واعلان مبادرة لتسليم السلطة رسميا. وهناك سيناريو سييء والذي بدأت مقدماته عندما تخلي شيوخ القبائل مثل قبائل سنحان وحاشد عن مساندتهم للرئيس صالح ورجاله واعلان وقوفهم بجانب الثوار ثم قيام عديد من الدبلوماسيين والوزراء واعضاء من الحزب الحاكم بتقديم استقالات جماعية الي ان قام اكثر المقربين للرئيس صالح وهو القائد العام علي محسن الاحمر المدافع الاكبر عن النظام وكبير القادة الذي شارك عام1994 في الحرب ضد الحوثيين بتقديم استقالته. أما السيناريو الأسوأ للازمة اليمنية الحالية وهوالذي وضعته شيلا كارابيكو استاذة العلوم السياسية بجامعة ريتشموند وسوف يبدأ عندما يتم تصعيد العراك بين الثوار والمتظاهرين وبين القوات اليمنية والحرس الجمهوري تحت لواء أحمد علي صالح وبين قوي ثالثة تنتمي الي قبيلة الرئيس علي صالح وعائلته ثم ينضم الاحمر الي الثوار ويقومون بانقلاب عسكري ويتم تسليم السلطة الي ديكتاتور آخر متسلط ومكروه. وتري كارابيكو انه سينتج عن هذا الصراع دمار البلاد وانهيار الدولة وقد تتمكن دولة الجنوب القديمة والتي تسمي جمهورية الشعب الديمقراطية والحوثيون باعلان استقلالهم عن البلاد ومن ثم تتبعها كثير من القبائل والطوائف باعلان استقلالها هي الأخري. وتري أيضا أنه قد تدخل اطراف أخري غير مرغوبة في الصراع مثل' القاعدة' التي قد تجد الفرصة سانحة لفرض سيطرتها وعملياتها علي بعض المناطق هناك وهكذا قد تتحول اليمن الي صومال جديدة. فثورة الشعب اليمني التي مر عليها أكثر من شهرين يبدو أنها ستأخذ مسارا أكثر عنفا نظرا لطبيعة دور الجيش والقوات الأمنية اللذين انحازا لنخبة الحكم. وهناك عدة مبادرات رئاسية طرحت لحل الموقف المشتعل في اليمن حيث دعا الرئيس اليمني الي حوار رباعي بين الحزب الحاكم الذي يرأسه واحزاب اللقاء المشترك وصولا الي رؤية تحل الموقف المشتعل. واصبح التحدي الاكبر الذي يواجه اليمن في رأي المحللين مع استمرار هذه الاوضاع ليس فقط تجنب حرب اهلية ولكن المشكلات الاقتصادية العديدة والتحديات الامنية ربما تعوق اي اصلاح ديمقراطي هناك حتي وبعد رحيل الرئيس اليمني وهو نفس المعني الذي اشارت اليه مجلة فورين آفيرز الامريكية في ابريل الحالي. فالملفات المتراكمة مثل الفقر والبطالة التي تزيد يوما بعد آخر لم تفلح كل محاولات النظام في معالجتها نتيجة نزيف قدرات الدولة في مواجهات داخلية وايضا صعوبة الظروف الدولية وازمات المال العالمية ومتغيرات اسعار النفط وكمية انتاجه في البلاد وهو ما يضع مستقبل اليمن امام مفترق طرق.