يقول سبحانه وتعالي:( ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا) وقد أحسن من قال يارب أدبت نفسي فما وجدت لها غير تقوي الإله من أدب في كل حالاتها وإن قصرت من همتها علي الكرب وغيبة الناس إن غيبتهم حرمها ذو الجلال في الكتب إن كان من فضة كلامك يا نفسي فإن السكوت من ذهب. والتقوي: هي اسم مأخوذ من الوقاية, بمعني أن يتخذ العبد ما يقيه من عذاب الله فتفعل الأوامر وتتجنب النواهي, فيقول سبحانه( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته) يعني اتقوا الله ما استطعتم لأن ربنا لن يكلفك بأي شيء إلا وهو يعلم أنك تستطيع أن تقوم به وتفعله( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) وانظروا إلي قوله تعالي:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) هنا أمرنا الله أن نتقيه بأن نفعل ما أمرنا ونبعد عما نهانا ثم قال:( ولتنظر نفس ما قدمت لغد) أتدرون لماذا سمي الله يوم القيامة غدا؟ وذلك لقرب مجيئه كما قال:( وما أمر الساعة إلا كلمح البصر), ثم يكرر سبحانه واتقوا الله لأن الله خبير بما يفعل كل انسان لا تخفي عليه خافية ولا يغيب عنه أي شيء وليؤكد علينا الأمر بالتقوي والمداومة عليه أيضا أمرنا رسولنا الكريم بالتقوي فقال:( اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) فجمع هنا بين تقوي الله وحسن الخلق, فتقوي الله تصلح ما بين العبد وربه, وحسن الخلق يصلح ما بين العبد والناس, أيضا تقوي الله توجب لك محبته, وحسن الخلق يدعو الناس إلي محبتك وليعلم كل انسان انه إذا اتقي الله في قوله وعمله فسيحدث له فائدتان عظيمتان أولاهما: أن الله سيصلح له كل عمله وثانيهما: إنه سيغفر له ذنبه أليس الله سبحانه هو من قال:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم) والقول السديد هو القول الصواب الذي يشمل كل قول فيه خير من ذكر الله أو طلب علم أو أمر بالمعروف أو كلام حسن يستجلب به الانسان مودة الناس ومحبتهم والتقوي عرفها لنا سيدنا علي بن أبي طالب بأنه( الخوف من الجليل, والعمل بالتنزيل, والاستعداد ليوم الرحيل) فهل نستطيع أن نفعل ذلك؟ ونضع الله أمام أعيننا في كل وقت لأنه يعلم ما تقوم به من أفعال وأقوال حتي الهمس, ألم يقل سبحانه( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلي ورسلنا لديهم يكتبون) إذن كل شيء سيكتب عليكم سرا كان أم علانية خيرا أم شرا فإياكم أن تخرجوا من ألسنتكم شيئا تحاسبوا عليه ولم تتوبوا عليه حتي الآن, وهذا هو مقام الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك, ومقام الإحسان هذا هو الذي سيوصلك لتقوي الله ثم العمل بما جاء في كتاب الله من أحكام من حلال وحرام وبعد ذلك يتأهل الإنسان ليوم سيقف فيه أمام المولي عز وجل ليسأله عن الصغيرة والكبيرة وعن القليل والكثير ولكي نستطيع أن نتقي الله فلنعلم أن للتقوي ثلاث مراتب وهي( حماية القلب والجوارح عن الذنوب والمحرمات المكروهات والفضول ومالا يعنيك) فحماية القلب والجوارح عن الذنوب والمحرمات تعطي للعبد حياته في الدنيا وفي الحياة الآخرة وحماية القلب والجوارح عن المكروهات تفيد العبد في صحته وقوته أما حماية القلب والجوارح عن الفضول ومالا يعنيك فتكسب القلب سرورا وفرحة وبهجة. داعية إسلامية