أجمع خبراء الاقتصاد علي فشل الحكومة في مواجهة المحتكرين وهو ما كشفت عنه أزمة السكر الأخيرة ومن قبلها أزمة الأرز, مشيرين إلي ضرورة تفعيل دور الأجهزة الرقابية وحماية السوق من الممارسات الاحتكارية وهذا لن يتأتي دون تطبيق عقوبات رادعة علي المخالفين. وأضافوا أن فشل الحكومة راجع إلي إنها كانت تبحث عن المصانع في وقت يصعب فيه تخزين المنتج لفترات طويلة مشددين الي أنه لاغني عن تشديد الرقابة علي الأسواق والضرب بيد من حديد علي أيدي المتلاعبين بأقوات البسطاء. قال الدكتور إبراهيم المصري. استاذ الاقتصاد, والعميد الأسبق لكلية الإدارة بأكاديمية السادات, ان هناك بالفعل قانونا يمنع الممارسات الاحتكارية, ولكن ما فائدة وجود تشريع او قانون ولايوجد له تنفيذ علي ارض الواقع, موضحا ان تطبيق القانون يعد امرا مهما وضروريا لضمان السيطرة علي ظاهرة الاحتكار ومنعها تماما. واضاف ان هناك دورا كبيرا يقع علي الأجهزة الرقابية من خلال تطبيق القانون, وذلك من خلال المتابعة المستمرة والمراقبة علي الاسواق, حتي يتم منع الظاهرة فور حدوثها, مشيرا الي ان هذا الامر لاينطبق علي السلع الغذائية وحدها, ولكنه يمتد ليشمل جميع المنتجات بالاسواق. واشار الي اهمية دراسة البيئة الاقتصادية والاجتماعية التي يصدر بها القانون بشكل جيد. بحيث يكون هذا القانون يتماشي معهما, ولكن اذا حدث غير ذلك فهذا غير مقبول واوضح ان ظاهرة الممارسات الاحتكارية ترجع الي وجود معلومة معينة تجاه سلعة او غيرها بان هناك احتمالا لزيادة سعرها, او ان هذه السلعة سوف تقل في الاسواق لعدم توافرها, مما يؤدي الي اتجاه بعض التجار اصحاب النفوس الضعيفة الي تخزين هذه السلعة سعيا لتحقيق ربح من ورائها عند اختفائها او ارتفاع ثمنها. واكد المصري اهمية استقرار السوق من خلال توافر السلع والمنتجات المختلفة بها, بحيث تكون اية زيادات في الاسعار مقبولة ومنطقية, مشيرا الي ان تنظيم السوق ومعرفة القوة الحقيقية المؤثرة به امر مهم وضروري. ولكن مايحدث الآن يؤكد عدم وجود دراسة اقتصادية للسوق. ولفت الي انه ليست هناك تكاليف حقيقية للانتاج يتم من خلالها تحديد هامش ربح ومكسب معقول للتاجر, ضاربا مثالا بقطاع العقارات حيث ان تكلفة الوحدة ليس لها علاقة بشكل او آخر بثمن بيعها, وهذا امر غير منطقي. وقال ان الظروف التي تمر بها مصر الآن تعد ظروفا استثنائية, ويجب ان تتم مواجهة هذه الظروف باجراءات استثنائية مماثلة تضمن السيطرة علي الاسواق وتمنع هذه الممارسات الاحتكارية, مشددا علي ضرورة تطبيق عقوبة هذه الممارسات علي صاحبها, حتي يتم وضع لما يحدث بالاسواق. ومن جانبه قال الدكتور محمد دشناوي. الخبير الاقتصادي. ان الحكومة مازالت في حالة من الفشل تجاه اتخاذ اجراءات للقضاء علي ظاهرة الممارسات الاحتكارية, وان جهاز منع الممارسات الاحتكارية, لايقوم بدوره المنوط به لمواجهة هذه الممارسات. واضاف ان هناك اسبابا عديدة وراء الممارسات الاحتكارية من بينها ارتفاع سعر الدولار بشكل كبير في السوق الموازية, وتراجع قيمة الجنيه, مما جعل البعض من التجار يتحوطون لهذا الامر من خلال محاولة الحصول علي سلع بديلة يسهل تخزينها للاحتفاظ بها ومحاولة تحقيق الربح من ورائها, مشيرا الي ان هذا ما حدث سواء من خلال ازمة السكر ومن قبلها ازمة الارز. واوضح ان الحكومة تقف عاجزة امام هذا الأمر نتيجة لنقص الكميات المعروضة, مؤكدا اهمية ان تشدد الحكومة من العقوبات تجاه من يمارس هذه الممارسات الاحتكارية بالاسواق فضلا علي دور مجلس الشعب في اصدار التشريعات وتغليظ العقوبات لمنع حدوث هذه الممارسات. واشار الي ضرورة ان يكون هناك دور للقوات المسلحة في مثل هذه المواقف من خلال ضخ كميات من السلع التي يوجد بها نقص بالاسواق, وذلك اما في منافذ البيع التابعة لها او لوزارة التموين, او من خلال السيارات المتنقلة, حتي تتم محاربة هذه الظاهرة والقضاء عليها. ومن جانبه قال الدكتور قاسم منصور, مدير المركز الاقتصادي المصري. ان الأزمة الاخيرة التي شهدتها السوق المصرية في نقص المعروض من السكر ابرز دليل علي الممارسات الاحتكارية, وذلك علي الرغم من ان الدولة تمتلك الجزء الأكبر من كميات السكر التي نحتاج اليها ويتم استيراد جزء بسيط من الخارج. واوضح ان جشع التجار وسعيهم لتحقيق الربح الوفير, كان احد الاسباب ووراء الممارسات الاحتكارية, لافتا الي اهمية الدور الذي يجب ان تلعبه الجهات الرقابية للحد من هذه الممارسات والسيطرة علي الاسعار. واضاف علي الرغم من ذلك فقد فشلت الحكومة في مواجهة هذه الأزمة, ومنع الممارسات الاحتكارية, مما ادي الي نقص بعض السلع الاساسية من الاسواق, ورفع اسعارها بشكل مبالغ فيه, مشيرا الي ان الحكومة تعلم جيدا من يقوم بالممارسات الاحتكارية في مختلف القطاعات, وهذا الأمر للجميع, ويجب ان تكون هناك اجراءات رادعة تجاه هؤلاء التجار.