وزارة التعليم ترد على أولياء الأمور بشأن التقييمات الأسبوعية والامتحان الشهري    أسعار النفط ترتفع 2% وسط المخاوف من إعصار ميلتون    نائب محافظ أسوان يشهد ختام برنامج تأهيل 200 خريج للطاقة الشمسية    مصر تدين القصف الإسرائيلي لمدرسة بغزة وقوات اليونيفيل بجنوب لبنان    نتائج مميزة لمصر في الدور الرئيسي من بطولة مصر الدولية للريشة الطائرة    الاتحاد السكندري يتأهل لنهائي البطولة العربية لكرة السلة بالفوز على سبورتنج    رئيس جامعة سوهاج يشهد مناقشة دكتوراة عن معالجة المواقع الإخبارية للحوار الوطني    روسيا: قمة "بريكس" في قازان تجمع 32 دولة    الجمارك: قرارات الحكومة الأخيرة بشأن سيارات المعاقين تقضي على السوق السوداء    أسامة السعيد: السادات أنقذ الجيش من مؤامرة لإضاعة ما تحقق من انتصار أكتوبر    التحقيقات تكشف تفاصيل قتل طفلة على يد مسنة وزوجها بالسلام    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة طولكرم بالضفة الغربية    بالفيديو.. طرح البرومو الرسمي لمسلسل "6 شهور" بطولة نور النبوي    عام من الحرب والمقاومة والإبادة.. قراءة فى أهم الكتب التى تناولت الحرب على غزة    مها أحمد لمتابعة لها: "مجدي كامل عند مراته التانية وسايباه يجرب"    «عبدالغفار» يتفقد مستشفى الكرنك وإيزيس بالأقصر ويستطلع آراء المواطنين عن «التأمين الشامل»    الكشف على 1272 مواطن بقافلة بقرية سيدي عقبة بالمحمودية    بالفيديو.. شهاب الأزهري: الاعتقاد فى الصالحين يجعلك من الأولياء    ارتفاع حصيلة قتلى الهجوم الروسي على أوديسا الأوكرانية إلى 8    الاتحاد المصرى للدارتس ينظم مؤتمرا صحفيا للكشف عن بطولاته بشرم الشيخ.. السبت    علاء الدينوف: أوكرانيا تحاول جر بيلاروس إلى صراع مع الناتو من خلال الاستفزازات    في عيد ميلاده ال 70....هل يستحق محمد منير لقب «صوت مصر الحقيقي»؟ (تقرير)    أنشطة متنوعة للأطفال في احتفالات الثقافة بنصر أكتوبر بالإسماعيلية    الطقس غدًا .. معتدل على القاهرة والدلتا وبارد فترات الليل وعظمى القاهرة تسجل 32°    تحقيقات قتيلة الإسكندرية: المتهم سدد لزوجته 4 طعنات أثناء عودتهما من زيارته أسرته    "قومي حقوق الإنسان" يعقد الملتقى ال 17 لمنظمات المجتمع المدني الأحد المقبل    استشاري حالات حرجة: القلب ينكسر فى هذه الحالات    البركة في يوم الجمعة: مكانة الدعاء وأثره في حياة المسلم    إيهاب أمين يتقدم بأوراق ترشحه على رئاسة اتحاد الجمباز    ربيع ياسين: الأهلي يمرض ولا يموت.. ورمضان سيعيد الاتزان مرة أخرى داخل الفريق    ألمانيا والتشيك والنمسا يؤكدون التزامهم بالشراكة الاستراتيجية مع المغرب    نائب بالشيوخ: توسيع شبكة الحماية الاجتماعية يدعم جهود العدالة الاجتماعية    جامعة قناة السويس تعقد لقاء حواريا حول الصحة النفسية للطلاب    «الإفتاء» تحذر من التحايل للاستيلاء على السيارات المخصصة لذوي الهمم: خيانة أمانة    موعد شهر رمضان 2025.. والعطلات الرسمية خلاله    عقر دار حزب الله وبنك أهداف ثمين للاحتلال، معلومات عن "حارة حريك" موقع اغتيال نصر الله    «زواج وعلاقات».. لمن ينجذب رجل برج الحمل؟    "كفر الشيخ" تحصد المركز الأول بين الجامعات الحكومية في تصنيف التايمز البريطاني 2025    مواعيد امتحانات وإجازة نصف العام الدراسي بالمعاهد الأزهرية 2025    رئيس الوزراء: مصر قطعت شوطًا طويلًا في مواجهة الهجرة غير الشرعية    تفاصيل إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق في الحوامدية    شيخ الأزهر يستقبل رئيس معهد «ديا ماليلا» الإندونيسي    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة غدآ.. تعرف عليها    تسليم 2218 شهادة استبيان تراخيص إقامة مباني داخل الحيز العمراني بالشرقية    حملة مرورية مكبرة تضبط 11 ألف مخالفة تجاوز سرعة مقررة    وزيرة البيئة توجه بتكثيف الحملات التفتيشية على محاور منظومة مواجهة نوبات تلوث الهواء الحادة    إجراء 1274 جراحة مجانية ضمن مبادرة "القضاء على قوائم الانتظار" بالمنيا    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة مفخخة أطلقت من غزة نحو إسرائيل    تشكيل منتخب بلجيكا المتوقع ضد إيطاليا في دوري الأمم الأوروبية    رئيس هيئة الرعاية الصحية: الانتهاء من إعداد أكثر من 450 بروتوكولًا    مواعيد مباريات الخميس 10 أكتوبر 2024.. تصفيات أمم إفريقيا والعراق ضد فلسطين    نائب وزير التعليم يكشف تفاصيل مسابقات تعيين معلمي الحصص في المدارس    بشير التابعي: الزمالك أكبر قلعة رياضية في مصر.. والسوبر المصري أهم من المنتخب    إصابة 11 شخص إثر حادث تصادم بالطريق الإقليمي في الشرقية    تراجع كبير في أسعار مواد البناء: انفراجة جديدة في سوق الحديد والأسمنت    مدحت صالح نجم افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ال32    علي جمعة يكشف عن شرط قبول الصلاة على النبي وأفضل صيغة ترددها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورات عديدة ومتنوعة‏!‏

رياح الثورة هبت علي العالم العربي ولم يعد هناك مجال للتراجع‏,‏ ومن لم يصبه الدور حتي الآن سوف يجده قريبا بأسرع مما يعتقد‏.‏ ولكن الثورات كلها ليست متماثلة‏,‏ وبينما دخلت التجربة التونسية والمصرية في مرحلة المنازعات الدستورية
فإن التجارب الجزائرية والمغربية والعمانية لا تزال تقع بين الاحتجاج والثورة
‏,‏ ولكنها دخلت إلي أتونها بالفعل في اليمن والبحرين وأخيرا سوريا‏.‏ وبينما ظلت كل أنواع الثورات
علي اختلاف أنواعها داخل البلاد العربية تفردت الثورة الليبية بتدخل أجنبي واضح
له قرار من مجلس الأمن وقيادة في حلف الأطلنطي‏,‏ أما البحرين فقد كان التدخل فيها عربيا خالصا‏.‏
هذا المقال سوف ينظر في التجربة البحرينية التي تبدو ذات خصوصية من نوع أو آخر‏.‏ والحقيقة هي أنه تسود في وسائل الإعلام العربية عبارات محددة لتوصيف ما يجري من تفاعلات داخلية في هذه الدولة أو تلك‏,‏ من المحيط إلي الخليج‏,‏ ومن مراكش إلي المنامة‏,‏ ومن أبرز تلك التعبيرات حالة خاصة وخصوصية السياق وطبيعة التجربة وبنية الدولة وجاهزية المجتمع ومسار التغيير ويتم تلخيصها بأن تونس غير مصر‏,‏ ومصر ليست ليبيا‏,‏ وليبيا ليست اليمن‏,‏ والبحرين ليست كل هذه الدول‏.‏ ويرجع اختلاف حالة البحرين عن الحالات الثورية الأخري في المنطقة العربية إلي النقاط التالية‏:‏
الاختلاف الأول‏,‏ يتعلق بالتوصيف الدقيق للمشهد البحريني الراهن‏,‏ سواء كان ثورة أو انتفاضة أو أزمة‏.‏ وفي هذا السياق‏,‏ يمكن القول إن جوهر ما يجري في البحرين حتي الآن ليس ثورة شعبية وإنما هو أزمة حادة شهدت البلاد مثيل لها‏,‏ وإن كانت أقل في الدرجة والنوعية‏,‏ بين نظام الحكم وقوي المعارضة‏,‏ علي نحو ما برز في منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي حينما ساد الفراغ الدستوري والاحتقان السياسي والتوتر الطائفي والارتباك الأمني‏,‏ في حين أن الأزمة الحالية تأتي في سياق إقليمي عام يغلب عليه انتقال العدوي من الثورات القادمة من دول الجوار الجغرافي العربي مثل مصر وتونس وليبيا واليمن وكذلك الاحتجاجات التي ضربت دول الجوار الجغرافي الخليجي مثل عمان وبدرجة أقل السعودية والكويت‏,‏ لاسيما من حيث مفجر شرارتها‏,‏ ولكنها لم تتحول إلي ثورة يلتف حولها مختلف شرائح المجتمع‏,‏ في حين اعتبرها البعض انتفاضة طائفية‏,‏ مثل الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين‏,‏ نظرا لأن البحرين تتسم بمعضلة كبيرة وهي أقلية سنية مسيطرة علي الحكم وأغلبية شيعية محكومة تصل في بعض التقديرات إلي‏70‏ في المائة من السكان‏.‏
فقد أطلق الدعوة الاحتجاجية في البحرين ناشطون علي شبكة الانترنت في‏14‏ فبراير الماضي‏,‏ تزامنا مع الذكري العاشرة للاستفتاء علي الميثاق الوطني الذي كان بمثابة الإشارة الخضراء لإصلاح سياسي شهدته البلاد منذ أكثر من عشر سنوات‏.‏ وعلي أثره صدرت قرارات بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والسماح لجميع المبعدين والمنفيين إلي الخارج بالعودة إلي البلاد‏,‏ وإلغاء ترسانة القوانين المقيدة للحريات وفي مقدمتها قانون أمن الدولة‏.‏ وكذلك سمح لقوي المعارضة بأن تمارس نشاطها بشكل علني في صيغة جمعيات سياسية وهي التجربة الوحيدة في منطقة الخليج التي يسمح فيها لجمعيات أهلية القيام بأدوار سياسية‏,‏ فضلا عن إعطاء المرأة حقوقها السياسية كاملة بحيث تتمكن من الترشيح والتصويت في الانتخابات البلدية والبرلمانية‏.‏
لكن يبدو أن ثمة تعثرا قد حدث‏,‏ خاصة في الأعوام الثلاثة الماضية‏,‏ بشأن مسار هذا الإصلاح‏,‏ دعا المحتجين في بداية الأزمة إلي المطالبة بإسقاط الحكومة لاسيما أن العائلة المالكة لا تزال تسيطر علي مجلس الوزراء الذي يترأسه عم الملك منذ أربعين عاما‏,‏ والدعوة لتشكيل دستور جديد‏,‏ وحل البرلمان المنتخب وإلغاء الصلاحيات الممنوحة لمجلس الشوري المعين وإحداث تغيير في مسألة الدوائر الانتخابية‏,‏ وكذلك الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإيقاف ما يسمي بالتجنيس السياسي‏.‏ كما اتخذت هذه الحركة الاحتجاجية منحي اقتصاديا واجتماعيا‏,‏ حينما طالب المحتجون برفع مستويات المعيشة وزيادة رواتب الموظفين وحل مشكلة البطالة‏,‏ فضلا عن إغلاق الفنادق ومنع الخمور‏.‏
وهنا‏,‏ تجدر الإشارة إلي أنه مع انضمام بعض الحركات غير الشرعية أو غير القانونية مثل حركات حق والأحرار وأمل‏,‏ بدأ يطرح لأول مرة في تاريخ البلاد شعار إسقاط النظام والإطاحة بحكم أسرة آل خليفة وتحويل البحرين من ملكية إلي جمهورية‏,‏ رغم أن الخلاف الحاكم بين نظام الحكم وقوي المعارضة في البحرين‏,‏ طوال الوقت‏,‏ لم يكن يتعدي حدود أكثر من شكل الحكومات وموعد الانتخابات وتفعيل المؤسسات وتوسيع الحريات‏.‏
الاختلاف الثاني يكمن في بنية الدولة البحرينية الوطنية‏.‏ فالبحرين هي الحلقة الأضعف في النظم السياسية الوراثية سواء في المحيط الخليجي أو الجوار العربي‏.‏ فهي أصغر دولة سواء من حيث المساحة الجغرافية أو البنية الديموغرافية‏,‏ وتعتبر قليلة الموارد وفقيرة من الناحية النفطية لاسيما أنها ليست عضوا في منظمة الدول المنتجة للبترول الأوبك‏.‏ وعاشت صراعا حدوديا مع جار خليجي قطر وصل إلي حد القتال‏,‏ وتجاورها دولة تنازع ولاء سكانها‏,‏ وهو ما يبرز جليا بشأن الادعاءات الإيرانية التي تطرح بين الحين والآخر بأن البحرين جزء من إيران بل تعتبرها المحافظة الإيرانية الرابعة عشرة‏,‏ علي نحو يشابه التصور العراقي للكويت في عهد صدام حسين وهو الداعي إلي تحويل الدول إلي محافظات‏.‏ ومن ثم‏,‏ فإن البحرين تواجه مأزقا حادا‏,‏ لاسيما أن رياح التغيير تهب من كل اتجاه‏,‏ سواء من الداخل أو الخارج‏.‏
الاختلاف الثالث يتحدد في تأثيرات العامل الخارجي بشأن الأزمة‏.‏ فقد أثارت استعانة البحرين بقوات سعودية وإماراتية وكويتية من درع الجزيرة‏,‏ جدلا واسع النطاق‏.‏ فهناك اتجاه داعم لذلك ويشير إلي أن المهام المنوطة بهذه القوات تتمثل في قوة تدخل سريع تنتقل بفاعلية لمساعدة أي دولة من دول المجلس علي حماية المرافق الأساسية وتأمين المنشآت الحيوية وصد المخاطر المحتملة في البحرين‏,‏ لاسيما أن اتفاقية الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي تتيح ذلك‏,‏ وهي المرة الأولي التي يتم فيها اللجوء للقوة الخليجية المشتركة منذ غزو العراق للكويت‏.‏ كما ان ثمة تقديرا خليجيا بأن الأزمة الحالية في البحرين تجاوزت حدود واقع داخلي مأزوم بين الحكم والمعارضة إلي تحد إقليمي يطول كل دول المجلس‏,‏ وأن الأخيرة لن تقبل بتغيير المعادلة البحرينية‏,‏ سواء بضغط من الداخل أو بتدخل من إيران‏,‏ بما يعد تدخلا في الشئون الداخلية لدولة مستقلة ذات سيادة وعضو في منظمة الأمم المتحدة‏.‏
علي جانب آخر‏,‏ هناك اتجاه معارض للاستعانة بهذه القوات ويعتبرها بمثابة غزو أو احتلال‏,‏ وتمثل أدوارها في حماية نظام الحكم وليس حماية الشعب البحريني‏.‏ والغريب أن وجهة النظر هذه تتبناها إيران وبعض الجماعات داخل الدول مثل حزب الله في لبنان‏,‏ وهنا تجدر الإشارة إلي تصريحات وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي في أعقاب حدوث الأزمة الراهنة بالبحرين إن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي في ظل التدخل العسكري السعودي في البحرين‏,‏ كما أن ثمة مؤشرات ملموسة علي ذلك‏,‏ ومنها ضبط القائم بأعمال السفارة الإيرانية في المنامة في أثناء محاولته تهريب جهاز استخباراتي بلغت قيمته‏25‏ ألف دينار بحريني كان قد سلمه لأفراد متعاونين معه‏,‏ ممن قاموا بالاعتصام في مستشفي السليمانية بالعاصمة المنامة‏.‏
ولم يكن الموقف الإيراني إزاء ما يحدث في البحرين هو الأول من نوعه‏,‏ بل تحفظت الدول الخليجية علي الدور الإيراني الآخذ في التصاعد‏,‏ خلال السنوات الماضية‏,‏ وتعامله مع معظم القضايا المثارة‏,‏ في عدد من دول الخليج‏.‏ واتخذ هذا الدور شكل تجاوز التعامل مع الدول ودعم الفاعلين المعارضين داخل الدول‏,‏ واستخدام متزايد لدبلوماسية المال وأساليب زعزعة الاستقرار الداخلي فضلا عن الأداة الاستخباراتية والدعاية المكثفة‏.‏
كما أن موقف حزب الله اللبناني تمثل في انتقاد دول عربية لأنها دعمت حكام البحرين وضرورة تقديم الدعم لمحتجين بحرينيين أغلبهم من الشيعة الأمر الذي دفع البحرين إلي تقديم مذكرة احتجاج رسمية إلي الحكومة اللبنانية‏.‏ وكذلك علقت البحرين الرحلات الجوية إلي لبنان وحذرت مواطنيها من السفر إلي لبنان‏.‏ ولا تزال القصة البحرينية علي اختلافها مستمرة في انتظار من يضع نهاية لها كما هي الحال في اليمن وليبيا وسوريا وغيرها‏.‏
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.