أكد المستشار محمد عبدالعظيم الشيخ رئيس هيئة قضايا الدولة أن الهيئة أنشأت مؤخرا لجنة لمكافحة الفساد علي مستويين أولهما تفويت الفرصة علي كل من تسول له نفسه الاعتداء علي المال العام, بالمحافظة عليه وبقائه علي ذمة الدولة المالية والمستوي الثاني يتمثل في إرسال الأوراق لجهات التحقيق المختصة لمحاسبة المسئول عن ذلك جنائيا وتأديبيا. وقال في تصريحات خاصة ل الاهرام المسائي إن للهيئة دورا مهما في مكافحة الفساد, فحينما تطالعنا أي أوراق في دعوي بوجود شبهة فساد أو اعتداء علي المال, أو أملاك الدولة فإننا نتخذ جميع الاجراءات القانونية من أجل الحفاظ علي هذا المال العام, وأوضح الشيخ أن هناك عديدا من القضايا والملفات التي يشوبها الفساد, وقد تم إعلان بعضها, وجار الاعلان عن الباقي منها في الوقت المناسب حرصا علي سلامة الإجراءات القضائية. وأشار المستشار محمد الشيخ إلي أن هناك معوقات تحول دون أداء الهيئة لدورها المنوط بها, وتتمثل هذه المعوقات في بعض القيود التشريعية التي وردت في قانون الهيئة, التي تجعلها ملزمة قانونا برأي الجهة الادارية متي تحصلت علي مذكرة مسببة من الوزير المختص بشأن الاجراء المطلوب اتخاذه, سواء كانت هذه الأسباب سديدة أم لا, كما أن نص قانون الهيئة لم يجعل رأيها ملزما للجهات المذكورة وإن ألزم الجهات الإدارية باستطلاع رأي الهيئة فيما تجريه. وطالب رئيس هيئة قضايا الدولة بأن يتم التدخل التشريعي علي مستويين الأول من المشرع الدستوري, بالنص صراحة علي كون الهيئة من الهيئات القضائية المستقلة وذلك في المادة167 من الدستور الحالي, أو ما يقابلها بالدستور الجديد المزمع اصداره بعد استفتاء الشعب عليه, وذلك كضمانة لقيام الهيئة بدورها كهيئة قضائية مستقلة قائمة علي النيابة المدنية عن الدولة بكل سلطاتها, أما المستوي الثاني فهو التعديل التشريعي لقانون الهيئة الحالي, بازالة كل القيود التي كانت تغل يدها في القيام بدورها, في حماية حقوق الدولة علي الوجه الأكمل. مؤكدا أنه من ضمن التطلعات التي تسعي الهيئة إليها: التدخل التشريعي في قانونها, لكي يكون هناك مستشار قضائي في كل جهة الجهات الادارية يقوم بهذا الدور, مما ينعكس بالإيجاب علي أداء الجهات الادارية ويجنبها الوقوع في أخطاء تؤدي الي اقامة دعوي ضدها وهو ما يطلق عليه الدفاع الوقائي. وأضاف المستشار محمد الشيخ أن قانون الهيئة بحاجة إلي مجموعة من التعديلات التشريعية, لكي تنهض بدورها في النظام القضائي, بما يحقق متطلبات المرحلة المقبلة, ويعود بالنفع علي الدولة ويحافظ علي مكتسبات شعبها ولدي الهيئة أبحاث في هذا الخصوص بل إن للهيئة أبحاثا لتطوير العمل بهيئات قضايا الدولة في الدول العربية تحت مظلة جامعة الدول العربية إيمانا بدورها في منظومة الأمة العربية. ولفت رئيس هيئة قضايا الدولة, إلي أن الهيئة تتمتع بقدر من الاستقلال ولكن لا يوجد له في التشريع الحالي ما يكفله من الآليات والضمانات الحقيقية, وقد آن الأوان لكي تمارس الهيئة دورها الحقيقي المنشود كهيئة قضائية مستقلة استقلالا حقيقيا, تدافع من خلاله عن الصالح العام والمال العام وهو مطلب عام لجميع الهيئات القضائية في الوقت الحالي. وهذا الاستقلال المنشود يحقق مفهوم الدولة القانونية في ظل نظام قضائي مستقل متكامل, علما بأن الهيئة ضمنت مشروع القانون المقترح التعديلات المنشودة للقيام بما يكفل لها القيام بدوره في حماية الصالح العام علي الوجه الأكمل. واقترح المستشار محمد الشيخ أن يكون للهيئة دور فعال في الدفاع الوقائي بما يضمن إلزام الجهات الادارية باجراء ما تراه الهيئة منه, كتصحيح للإجراءات القانونية الخاطئة, أو تعديلات للقرارات التنظيمية أو التعديلات التشريعية المطلوبة, في ضوء خبرات الهيئة من خلال المنازعات المنظورة أمام القضاء, وما استقرت عليه احكام المحاكم العليا في المنازعات المتعلقة بالدولة. وشدد المستشار محمد الشيخ, علي أن حماية المال العام تعود بالنفع علي المواطن, حيث ان اموال الدولة وأملاكها هي في الحقيقة مكتسبات لكل فرد في المجتمع, والأمر يقضي أن يشعر كل مواطن بأن المال العام والخزانة هماي ملك وضمانة لاستمرار التنمية والرخاء. وأضاف أن حماية الصالح العام, تعود بالنفع علي المجتمع بكل فئاته وطبقاته دون تمييز, سوف يشعر المواطن بدور الهيئة بدرجة أكبر عند إتمام التعديلات التشريعية. وقال الشيخ إن الهيئة هي الجهة الوحيدة المنوط بها القيام بالدفع عن حقوق الدولة ومصالحها بالخارج, وتمثيل الدولة فيما يقام ضدها من منازعات أمام التحكيم الدولي, وعما اذا كان اعضاء الهيئة يتمتعون بذات الحقوق التي يتمتع بها باقي أعضاء الهيئات القضائية أجاب بقوله: نعم ولكننا بحاجة لمزيد من الحصانات لكي تكتمل منظومة الاستقلال للهيئة قضائية مستقلة. وحول اتهام الهيئة بانها تعوق الفصل في القضايا وتعطل تنفيذ الاحكام القضائية, أكد أن هذا اتهام باطل, لان الهيئة تقوم بدورها في القضايا من خلال ماتوا فيها به الجهات الادارية من مستندات لازمة للرد علي الدعوي, لكن كثيرا ما تتقاعس هذه الجهات في إرسال المستندات المطلوبة رغم تكرار طلبها منها وفي هذا الصدد, فانه من ضمن التعديلات التشريعية المطلوبة للهيئة, هو وجود آلية لالزام الجهات الادارية بارسال كل المستندات فور طلبها, ووجود عقوبة تأديبية مشددة للمتسبب في ذلك من الجهات الادارية, والنص علي ذلك صراحة في قانون الوظيفة العامة. وعن طبيعة سلطة الهيئة بشأن تنفيذ الأحكام القضائية, أوضح أن دورها يقتصر بعد صدور الأحكام النهائية علي إرسال خطابات الصرف وعدم الممانعة من التنفيذ للجهات الادارية, وهو ما يتم الفعل فور إعلان الهيئة بالصورة التنفيذية للحكم, ويقول المستشار محمد الشيخ ان الهيئة قامت مؤخرا بتشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ الاحكام الصادرة ضد الدولة والعمل علي تذليل كل العقبات التي تقف في طريق تنفيذها. وعما إذا كانت الهيئة سوف تتجاوب في المرحلة المقبلة مع تغيير الظروف السياسية وبالتبعية تلاحق هذا التغيير أم لا, قال ان الدولة بجميع مؤسساتها وسلطاتها تتجه نحو تدعيم الحريات وسيادة القانون بما يكفل سير عجلة التقدم الي الامام كدولة حضارية لها تاريخ عريق. وهذا هو شأن الهيئة عبر عشرات السنين باعتبارها النائب القانوني عن الدولة وهي باقية الي الأبد رغم تعاقب الانظمة. وبشأن التعديلات الدستورية, قال ان الهيئة تعرف جيدا ان هذه التعديلات خاصة بالمرحلة الانتقالية الدقيقة والحساسة التي تمر بها البلاد معربا عن احترامه وتقديره للدور القومي والبطولي لاعضاء لجنة التعديلات الدستورية فيما قامت به من جهد شاق في وقت قصير, ولكن للهيئة رؤية بالنسبة للتعديل الخاصة بالمادتين76 و88 من الدستور, والتي نصت علي تشكيل اللجنة العليا المشرفة علي الانتخابات الرئاسية والتي خلت بغير مبرر من تمثيل هيئتي قضايا الدولة والنيابة الادارية, كهيئتين قضائيتين مستقلتين يجب تمثيلهما في هذه اللجنة. وعما إذا كانت هذه التعديلات كافية في المرحلة الراهنة علق قائلا: إلي حد كبير, وأضاف أن الهيئة عقدت مؤتمرا تحت عنوان نحن افاق الدستور الجديد يومي5 و6 من الشهر الجاري, وقد تمت دعوة معظم فقهاء القانون الدستوري بمصر وأعضاء الهيئات القضائية المختلفة, وخلص المؤتمر الي رؤية متكاملة من خلال توصيات للصورة التي يتعين أن يكون عليها الدستور المقبل, بحيث يكفل جميع الحقوق والحريات, ويرسخ مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال الهيئات القضائية, وتحديد نظام إدارة الدولة, ودور كل مؤسساتها بشكل فعال ومتكامل دون طغيان سلطان الحاكم. وختم رئيس هيئة قضايا الدولة تصريحاته قائلا: أرجو من الله أن يوفقنا جميعا في هذه المرحلة الدقيقة من عمر البلاد, للخروج من هذا المنعطف الخطير, واجراء كل ما يلزم من تعديلات دستورية وتشريعية ضرورية, للنهوض بالبلاد علي وجه عام والهيئة بوجه خاص, من أجل صالح هذا الشعب العظيم. وقال إنه آن الأوان لكل فرد في المجتمع أن يعلي من شأن المصالح العليا للبلاد علي المصالح الشخصية والفئوية, فقد حان الوقت كي تدور عجلة الانتاج والتنمية لتؤتي هذه الثورة ثمارها بحق لتنعم البلاد بالحرية والديمقراطية والتنمية.