كانت الفترة من1937 حتي1947 هي التي ولد ونما فيها الإرهاب الصهيوني البريطاني ضد الفلسطينيين والعرب في فلسطين.. وقامت خلالها الحرب العالمية الثانية.. وكان تأثيرها هو تفاقم وزيادة ضغط القوي العالمية والاستعمارية وتحكمها في مصائر الشعوب المستعمرة المغلوبة علي أمرها. وكانت تلك الحرب من أهم الأحداث التي أثرت علي القضية الفلسطينية فقد عرفت الصهيونية كيف تستثمر أحداثها لصالحها وركزت علي هدفها وهو إنشاء الدولة اليهودية بالعمل العسكري المباشر واعتبر الزعماء الصهيونيين إن ما قامت به بريطانيا من محاولات لتهدئة العرب قيودا لحد من حرية الهجرة اليهودية بالإضافة إلي نمو الشعور بالقومية العربية لدي العرب وهنا تطور الفكر الصهيوني وبدأ البحث عن أسلوب جديد لتحديد شكل المقاومة المسلحة التي ينبغي تطبيقها ضد دولة الانتداب إذا ما حاولت النكوص عن وعودها إرضاء للعرب وكذا تحديد نوع النظام أو العمل العسكري الذي يجب اتخاذه لمواجهة الثورة العربية الفلسطينية ودولة وسلطة الانتداب أيضا. منذ إعلان مشروع التقسيم في1937 استمر الموقف مشتعلا في فلسطين بين المقاتلين والثوار العرب وكل من اليهود وسلطات الانتداب البريطاني رغم محاولات الإدارة البريطانية إخماد تلك الثورة بالتعاون مع القوي الصهيونية ودعمها من الخارج وقد اضطرت الحكومة البريطانية تحت وطأة هذه الثورة واتساع نطاقها إلي نشر كتاب جديد في يناير1938 بتعيين لجنة فنية جيدة لدراسة مقترحات لجنة لورد بيل السابقة والخاصة بتقسيم فلسطين وشكلت اللجنة برئاسة البريطاني جون وودهيد ومارست عملها ونشاطها في فلسطين بداية من شهر مارس حتي أوائل نوفمبر1938 حيث أذاعت الحكومة البريطانية تقرير اللجنة الذي اشتمل علي مشروعين جديدين للتقسيم( وهذا هو الاتجاه لأي مشروع بريطاني في فلسطين التقسيم ولا غير القسيم) هما.. المشروع الأول يتضمن إنشاء دولة يهودية مساحتها نحو ثلاثة آلاف كم مربع في منطقة الجليل وسهل مرج بن عامر. المشروع الثاني يتضمن تخصيص قطاع ساحلي للدولة اليهودية يمتد من رأس النافورة حتي تل أبيب وتبلغ مساحته ألفا ومائتين وخمسين كم مربع. والملاحظة هنا أن هذا المشروع خفض المساحة المقررة للدولة اليهودية حيث كان مشروع بيل قد خصص خمسة آلاف كم مربع للدولة اليهودية من جملة مساحة فلسطين التي تبلغ نحو سبعة وعشرين ألف كم مربع. سارعت الحكومة البريطانية عقب نشر وإعلان تقرير لجنة وودهيد إرضاء للعرب في التاسع من نوفمبر1938 بإصدار بيان تعلن فيه إن أي حل لمشكلة فلسطين يقوم علي أساس إنشاء دولتين مستقلتين عربية ويهودية هو حل لا يمكن تنفيذه علي أرض الواقع.. كما أعلنت عن نيتها لعقد مؤتمر مائدة مستديرة في لندن يشترك فيه العرب واليهود لبحث أنه في حالة فشل هذه المفاوضات فسوف تتخذ الحكومة البريطانية قرارها وتعلن سياستها المستقبلية. وواقع الحال يثبت أن الحكومة البريطانية خلال1938 وهي تجهز المسرح السياسي الدولي للأحداث المتوقعة في غضون الأعوام المقبلة لم تكن تستطيع اتخاذ قرارات للبت في شأن فلسطين بما يتفق مع المطالب غير المشروعة والمبالغ فيها للصهيونية العالمية نظرا لحاجتها الماسة إلي مساعدة الشعوب العربية لمجابهة متطلبات الحرب العالمية المتوقعة والتي بدأت بوادرها تلوح في أفق الموقف والمسرح الدولي وهذا لم يكن كافيا لإقناع زعماء اليهود والصهيونية السياسية بالكف ولو مؤقتا عن ذكر مصطلح الدولة اليهودية الجديد المقلق للعرب ولكنهم مقتنعين بأن هذه هي فرصتهم الكبيرة فبماذا علق زعماؤهم؟.. وإلي اللقاء القادم إن شاء الله. مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا