اختار القرآن الكريم للشخصية الطيبة التى تذكر وتذكر بها كنية ولدها، إشعارا بما تحملته من بلاء وعناء، وما واجهته من مصاعب ومتاعب، لتظل هذه الأم فى طلائع الأمهات المثاليات إنها أم موسى يوكا بد بنت لاوى كما هو مقتضى الآية 20 من الاصحاح الثانى من سفر الخروج وأخذ عمر أم - بالجوى - عمران بالعربية يوكا بد زوجة له فولدت له هارون وموسى. التى لما ولدت موسى خبأته عن عيون من يطلبون أطفال بنى اسرائيل لقتل ذكرانهم فمكث ثلاثة أشهر - كما قال ثقاة المؤرخينفلما خافت افتضاح أمرها، أعلمها الله - عز وجل - بواسطة اللهام أو المنام أو إرسال ملك أن تصنع له ما يشبه الصندوق وتطليه بمواد حافظة كالقطران وتلقيه فى اليم وناطت بأخته أن تتبع أثره وتعلم مكانه، وكان الله - سبحانه وتعالى - اعلمها أن لا تخاف عليه الهلاك ولا تحزن للفراق، وانه سيرده إليها ويجعله من المرسلين، وفعلت هذا، إلا أن عاطفة الأمومة غلبت على مشاعرها فأصبح فؤادها خاليا من ذكر كل شىء إلا ذكر موسى فثبتها المولى الكريم وألهمها صبرا وثباتا لتكون من المصدقين بوعد الله - عز وجل - لها بروه لها، حيث رفض الرضاع من سائر النسوة فى بيت فرعون، ولما أشارت أخته المراقبة لتحركاته بارشاد أمه بإحضارها لامرأة غير ابنة لارضاعه رد إليها كى تسعد بلقائه ولا تحزن على فراقه. عن هذه المعانى. تأتى فصاحة المبانى. فى القرآن الكريم. الذى كرم أم موسى تكريما مشهورا. وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه فى اليم ولا تخافى ولا تحزنى إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين. إلى أن قال وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين إلى أن قال فزدناه إلى أمه كى تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق كلام حق. شهادة حق. فى كتا حق. تزكية للمصطفين الأخيار. الاعلام الأبرار. فى طلائعهم أم موسى الكليم. سليلة النسب العظيم. نزيلة الديار المصرية. عليها وعلى أمهات المرسلين السلام والرضوان.