لن نشغل أنفسنا بالبحث فيما إذا كان مشعل وشلح وغيرهما من قادة الفصائل قد غادروا دمشق علي طائرة أحمدي نجاد لحضور مؤتمر التضامن مع فلسطين في طهران ولكن الأهم أن الساعات الأخيرة تشير بوضوح إلي كثافة الحضور الإيراني, سواء في اللقاءات المكثفة التي عقدها نجاد في أثناء زيارته لسوريا , وأيضا للتصريحات التي أكد فيها خامنئي أن المقاومة هي مفتاح التحرير. واللافت للنظر أن كلا من خامنئي ومشعل وشلح قد تحدثوا عن الشرق الأوسط الجديد الذي طالما تحدث عنه بوش, وإن كان هذه المرة حسب وصف المرشد الأعلي الإيراني سيكون شرق أوسط إسلاميا. وهكذا يتم الربط بين الصراع الدولي الإقليمي القائم بين إيران من ناحية, والدول الكبري من ناحية أخري علي خلفية الملف النووي والطموحات الإيرانية في المنطقة, وبين القضية الفلسطينية التي باتت واحدة من بنود هذا الصراع الذي تخوضه طهران بصورة مستفزة تكاد تكون أقرب إلي استدعاء الحرب والمواجهة مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل. وأيا كانت الحسابات والتحليلات التي تراهن علي حالة الضعف الأمريكي نتيجة المشكلات الداخلية, ووجود عدد كبير من القوات تحت مرمي الصواريخ الإيرانية في الوقت الذي تخشي فيه إسرائيل تكرار مغامراتها الفاشلة في جنوب لبنان وغزة دون تحقيق نتائج سياسية مباشرة. إلا أن ذلك يعني بالضرورة أن تحقيق المصالحة الفلسطينية لم تعد له الأولوية علي أجندة حماس والجهاد, وأن الرهان أصبح منصبا علي تغييرات جذرية قد تأتي بها صفقة إيرانية أمريكية في حال اعتراف أوباما بالفشل وتقديمه تنازلات من شأنها إقامة هذا الشرق الأوسط الذي يتحدثون عنه, والذي يعني ببساطة تصدير الثورة الإيرانية إلي الدول المجاورة, والاعتراف بخريطة سياسية ترسم ملامح الإمبراطورية الفارسية الجديدة. وقد يكون لدي مشعل وشلح أسباب أخري تجعلهما أكثر تشددا حتي إذا قامت إسرائيل بضربة عسكرية وتحولت إلي حرب شاملة, لأن أيا منهما يعلنان صراحة أن نزيف الدماء وحجم الدمار لا يهم. وكان عليهما بالطبع توجيه الشكر لإيران علي الدعم السخي من أموال تهبط من السماء, وهي عائدات النفط التي خرج الشعب الإيراني مطالبا بأحقيته فيها. [email protected]