منذ تأسيس الأممالمتحدة تولت ثماني شخصيات, ابتداء من ترجفي لي أول أمين عام لها حتي أمينها العام الحالي بان كي مون. ومع الاحترام لجميع هذه الشخصيات إلا أني إذا سئلت عن أكثرهم تأثيرا, ومن امتلك رؤية عن عمل المنظمة ودورها في الحفاظ علي السلم العالمي, وحرص علي تأكيد استقلالية المنظمة وسكرتاريتها, وكانت له رؤية لمنصب الأمين العام ودوره, لاخترت كلا من داج همرشولد(19601953) وبطرس غالي(19971992). فمنذ يومه الأول كأمين عام حرص داج همر شولد علي تأكيد استقلالية السكرتارية العامة للمنظمة والبعد بها عن تأثيرات القوي الكبري, وفي هذا قاوم محاولات الإدارة الأمريكية آنذاك لبث عناصر من المخابرات الأمريكية في سكرتارية المنظمة, وقد انصاعت الإدارة الأمريكية آنذاك لإرادته, غير أن أهم ما يميز فترة داج همرشولد هو معارضته للقوي الكبري في قضايا حاسمة, فقد عارض كلا من بريطانيا وفرنسا عندما اعتديتا مع إسرائيل علي دولة عضوة في الأممالمتحدة وهي مصر, وأدار جهودا دولية انتهت بانسحاب العدوان, وبعكس دور داج همرشولد في إنشاء عمليات حفظ السلام, تصوره لدور الأمين العام وأنه ليس مجرد كبير موظفي الأممالمتحدة, وإنما له أفكاره ومبادراته حول دور المنظمة وخاصة في أوقات حاسمة؟ ويبدو ذلك فيما خلقه بالتعاون مع شخصيتين دبلوماسيتين كبيرتين هما ليستر بيرسون وزير خارجية كندا آنذاك ومحمود فوزي وزير خارجية مصر لمفهوم عمليات حفظ السلام وهو ما أصبح يمثل أهم أدوار الأممالمتحدة, وتأكيدا لاستقلاليته اصطدم داج همر شولد, بالاتحاد السوفيتي إحدي القوتين العظميين آنذاك حول قضية الكونغو, إلي الحد الذي طالب السوفيت بإبعاده عن الأممالمتحدة. وهو مارفضه جميع أعضاء المنظمة بالإجماع. وقد كان واضحا باعتبار اهتمامات بطرس غالي الأكاديمية بالتنظيم الدولي, إعجابه بنموذج داج همرشولد فعندما قدمت له كتابي داج همرشولد حياته وفكره قال لي إنك كتبت عن أعظم أمين عام في تاريخ الأممالمتحدة, وأعتقد أن بطرس غالي في فترته كأمين عام حاول استلهام مواقف داج همر شولد وأدواره, بدأ هذا في دفاعه عن استقلالية الأممالمتحدة, ورفض بوجه خاص اعتراض الولاياتالمتحدة علي نشر تقرير مذبحة قانا في لبنان, وصمم علي نشره مادام قد صدر عن الأممالمتحدة يضاف إلي هذا معارضته لسياسة الولاياتالمتحدة في البوسنة والهرسك. وكانت هذه المواقف التي حركت مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية والإدارة الأمريكية ضد إعادة انتخابه أمينا عاما للأمم المتحدة حيث استخدمت الفيتو الأمريكي في مقابل تأييد14 عضوا من أعضاء مجلس الأمن لإعادة انتخابه, وهكذا بدأ الفيتو الأمريكي انشقاقا وتجاهلا للإجماع الدولي. وتبدو رؤية بطرس غالي لدور المنظمة من ثلاث وثائق أجندة للسلام, أجندة للديمقراطية, أجندة للتنمية, في أجندة للسلام ركز علي ثلاث أدوات رئيسية الدبلوماسية الوقائيةPREVENTIVEDIPLOMACY وحفظ السلامpeacekeeping وهو ميراث داج همر شولد, ولكنه أضاف إليه بناء السلامpeacebuilding أما أجندة الديمقراطية فكان يعني بها تحقيق الديمقراطية في العلاقات الدولية ونلاحظ أن هذه الدعوة جاءت في وقت صعود الولاياتالمتحدة كقوة دولية أولي ووحيدة في العالم, وقد أصبحت أجندة التنمية هي أساس عمل المنظمة الدولية بعد مغادرته وأهم من ذلك عمليات حفظ السلام التي أسسها داج همر شولد وفي فترة بطرس غالي بلغت عمليات الأممالمتحدة لحفظ السلام14 عملية في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. سفير مصري سابق