بكت الأمهات كثيرا وأبكين أطفالهن, وكلما هدأت الأصوات والنحيب, انطلقت فتاة من جديد في أنين أيقظ المشاعر من جديد, وفجر الآلام, وذكر بأوصاف الطفلة ذات العشر سنوات, التي حفرت حكايتها, ومالاقته من تعذيب غير مسبوق, وتشويه بمواد حارقة يفتت القلوب. ردد الأهالي حكاية طفلة المقابر منذ العثور عليها, وما تعرضت له من فقد الكثير من الدماء, وسبب غموض الحادث وأسبابه حالة من الحزن الشديد في الشارع السويسي, إلا أن المشيئة الإلهية أهدت جهود البحث الجنائي, أول خيوط فك طلاسم القضية المؤسفة, وهو مانطقت به البريئة من بيانات عن الجناة.. وكان أهالي السويس قد عثروا في ظروف غامضة علي طفلة بمنطقة حي الأربعين تبلغ من العمر10 سنوات بين الحياة والموت, بعد أن وصل صوت آلامها إلي سكان منطقة الروض فسارعوا إلي نجدتها وفوجئوا بها ملفوفة في كيس شفاف وعليها آثار التعذيب الوحشي. تلقي الدكتور لطفي عبد السميع وكيل وزارة الصحة بلاغا من الأهالي بالواقعة فكلف مرفق الإسعاف ببذل جهود مكثفة لمحاولة إنقاذ الطفلة ونقلها للمستشفي العام, حيث تم تشكيل فريق طبي بقيادة الدكتور سيد نافع ومعاونة الدكتورة منال بدرة والدكتور محمد كامل حيث تبين من الكشف الظاهري أن الطفلة نزفت كميات كبيرة من الدماء جعلتها تفارق الحياة. وتبين من الكشف الأولي أن الطفلة من خارج السويس وبها جروح وتهتك بالجمجمة وجروح قطعية تشير لمحاولات ذبح وجروح وآثار حروق قديمة بالصدر والوجه والبطن حتي الركبتين, كما توجد جروح وتهتكات بالحوض تشير لتعرضها لتعذيب وحشي أصابها بغيبوبة. وبإبلاغ العميد محمد موافي مدير إدارة البحث الجنائي بالسويس وباعادة مناقشة شهود الواقعة تبين أن الطفلة لفظت اسمها وهي تفارق الحياة تدعي يارا عصام وأن هناك بلاغا باختفائها منذ يومين بإحدي ضواحي محافظة القليوبية.. قرر العميد محمد موافي تكثيف عمليات البحث وفق ما نطقت به الطفلة من أسماء شاركت في تعذيبها قبل أن تفارق الحياة وظروف نقل الطفلة من بلدتها إلي السويس. بعرض المعلومات والبلاغ علي اللواء مجدي عبد العال مدير أمن السويس قرر اتخاذ الإجراءات القانونية وملاحقة الجناة وتضييق الخناق عليهم داخل نطاق المحافظة قبل الهرب. وقررت نيابة السويس التي باشرت التحقيق تحت إشراف المستشار أحمد عز الدين المحامي العام لنيابات السويس التحفظ علي جثة الطفلة المعذبة بثلاجة الموتي التابعة للمستشفي العام والتعرف عليها من قبل ذويها تمهيدا لإرسالها لأحد مراكز الطب الشرعي لبيان سبب الوفاة وتاريخ أثار الجروح والتعذيب وسبب وجود حروق يرجح أنها بمادة كاوية.