بالرغم من كثرة عدد الأجهزة الرقابية في مصر, فإنها عجزت عن القيام بدورها في كشف الفساد, وتقديم الفاسدين للعدالة, حيث أكدت تقارير الشفافية التي صدرت في عهد النظام السابق أن ما تكشفه تلك الأجهزة من فساد لا يتعدي نسبة10% من حجمه, بالإضافة إلي أنه لا يمكن الافصاح عن بعض التقارير الرقابية الخاصة بالوزراء خلال فترة عملهم ليفاجأ الرأي العام بسيل من الاتهامات الموجهة ضدهم بعد الخروج من الوزارة, وعادة ما كان يفلت الفاسدون من العقاب في عهد النظام السابق فكيف يتم تقويم دور الأجهزة الرقابية في النظام الجديد حتي يتسني لها وأد الفساد في مهده قبل أن يستفحل أمره, ويستعصي علي الجميع استئصال شأفته. تقارير المركزي للمحاسبات غير ملزمة يقول المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق إن الأجهزة الرقابية هي عين الشعب لمراقبة الأداء الحكومي ومعاقبة المقصرين والفاسدين, ومع اختلاف المسميات وتعددها وتضارب الاختصاصات والقرارات كإلغاء المدعي الاشتراكي, وتحويل اختصاصاته للنائب العام المعين من قبل وزارة العدل مع تهميش دور الجهاز المركزي للمحاسبات وقصره علي رفع التقارير وعدم تخويله سلطة تحريك الدعوي حول تلك التقارير إلي مجرد توصيات غير ملزمة, ولذلك يجب أن يمنح للجهاز دور أكبر في المرحلة المقبلة ليلعب الدور المنوط به في كشف الفساد مبكرا. أجهزة رقابية مع وقف التنفيذ ودافع نبيه الوحش المحامي عن الأجهزة الرقابية للدولة قائلا: إن الجهاز المركزي للمحاسبات قدم العديد من التقارير ضد عدد من الوزراء, وبين مراسلات مجلس الشعب والجهاز طمست الحقائق, ولم يقدم أحد للمحاكمة, لذلك فهو جهاز يعمل بجد مع وقف التنفيذ, علي عكس هيئة الرقابة الإدارية التي كانت لها كل الصلاحيات بما في ذلك الضبط القضائي وتحويل الموظف بعد فصله إلي النائب العام لاتخاذ اللازم. عدم التسرع في توجيه الاتهامات واستشهد اللواء حازم حمادي عضو مجلس الشعب السابق بالخطأ غير المقصود الذي وقع بحق وزير المالية الأسبق محيي الدين الغريب وكلفه سبع سنوات من عمره, بعدها ظهرت براءته, لذلك يجب توخي الحذر وعدم التسرع في توجيه الاتهامات من خلال عمل الأجهزة الرقابية في المرحلة المقبلة, وأتمني أثناء مناقشة مشروع قانون محاكمة المسئولين أن يتضمن بنود عدم التسرع, وأيضا عدم البطء من أجل إظهار الحقائق دون أخطاء, مع معاقبة المدانين واقصائهم والمحافظة علي الشرفاء. الإفلات من العقاب ويقول النائب السابق علاء عبدالمنعم: إن كثرة الإجراءات, وتعدد الجهات الرقابية تؤدي في النهاية إلي ضياع حق المواطن, فهناك عدة جرائم توجه لموظفي الجهاز الإداري بالدولة, ومعظمهما جنائية, ولا يمكن تقديمها للعدالة إلا بعد فصل الموظف من عمله, ولا يحدث الفصل إلا بعد التأكد من جدية الاتهام, ثم تحويله إلي محكمة الجنايات, وهي مسائل مهمة ولازمة, ولكن المشكلة في التطبيق ويستغلها الفاسدون للإفلات من العقاب, وفي النظام السابق كانت الأجهزة تعمل بجدية لا ينكرها أحد, ولكن لا يتم الإفراج عن تقاريرها إلا بأوامر عليا. الإصلاح يبدأ بوعي المواطن ويؤكد الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية السابق الدور الفعال للأجهزة الرقابية, موضحا أن هناك69 ألف قضية فساد تم الكشف عنها عام2008, مشيرا إلي أن الفساد يبدأ بالرشوة والإكراميات والهدايا وصولا إلي إهدار المال العام, وضياع أصول الدولة, ويضيف لقد تفشي الفساد نتيجة لغياب الرقابة الداخلية وانصراف المواطن عن المطالبة بحقه بالرغم من وجود خط ساخن للابلاغ عن وقائع الفساد, ولكن عدم الوعي الكامل لدي المواطنين بحقوقهم أدي إلي ضياع بعض تلك الحقوق وعدم محاسبة المخطئين, أما عن المستقبل فيجب إفساح المجال للأجهزة الرقابية والسلطات المعنية بما في ذلك الصحافة, وقبل كل شئ وعي الجماهير لمساندة تلك السلطات والأجهزة والكشف عن بؤر الفساد. اقصي عقوبة.. الخصم3 ايام ويقول وجيه عبدالغني وكيل أول الجهاز المركزي للمحاسبات سابقا: إنه يجب النظر إلي قانون الجهاز الذي صدر عام1988 واعادة مناقشته, لأننا نعمل ولا نستشعر نتيجة لعملنا فهناك إحدي عشرة عقوبة داخل كل جهاز اداري بالدولة تبدأ بالخصم والانذار والفصل وغيرها, وللأسف لا يطبق منها سوي الخصم, وبحد اقصي ثلاثة ايام, علما بأن الجهاز يعمل منذ1942 وتجب إعادة هيكلته واستكمال كوادره بالتعينيات المتخصصة, كما يجب اجراء تعديلات تشريعية علي قانون الجهاز لإطلاق يده المغلولة لسرعة تحقيق العدالة. تحديد الاختصاصات ويقول المستشار عاصم الجوهري مساعد وزير العدل السابق ان القضاء الاداري هو المظلة التي تعمل تحتها جميع الاجهزة الرقابية, وهي تعمل لإنجاح العمل وضمان حسن التنفيذ بدون مخالفات, وهي تنقسم إلي اجهزة اجراءات استباقية, وأخري علاجية, وعندما احاط الغموض منظومة العمل داخل تلك الاجهزة أدي إلي الخلط بين ديوان المراقبة العامة وبين هيئة الرقابة والتحقيق, ونتج عن ذلك ازدواج للعمل الرقابي وتفرغ الجهتين لمراجعة بعضهما البعض, لذلك يجب تحديد مهام كل جهاز علي حدة وتفويضه للقيام بها مع تقليل الاجراءات الخاصة بكشف الفساد. 1200 تقرير حبيس الإدراج ويوضح أحمد أبوبركة عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشعب السابق ان هناك اجهزة رقابية عديدة أهمها علي الاطلاق مجلس الشعب, ومنه تستمد باقي الاجهزة الرقابية قوتها,وقد حرص النظام السابق علي اضعاف كل الاجهزة الرقابية وعلي رأسها مجلس الشعب, حيث كانت هناك العديد من الصناديق البعيدة من أي اشكال الرقابة, بالاضافة إلي الجانب التشريعي والعيوب المقصودة التي وضعها في بعض التشريعات ومعها لايمكن للجهاز المركزي للمحاسبات تحريك الدعوي العمومية للنيابة واكتفاؤه بإرسال المخالفات لمجلس الشعب أو لرئيس الجمهورية وهناك1200 تقرير سنوي لمخالفات لم يتم الافصاح عنها ولم تتم محاسبة المخطئين والمسئولين عنها. استقلال منصب النائب العام ويقول النائب السابق جمال زهران إنه يجب ان يستقل منصب النائب العام بعيدا عن وزارة العدل حتي يمكنه مراقبة الوزارات الاخري. علي أن يكون مستشارا لرئيس الجمهورية وأن يتولي منصبه عن طريق الانتخاب مع إلغاء انتداب اعضاء السلطة القضائية لأي جهة ادارية لتوفير26 مليار جنيه يحصل عليها لمستشارون كمكافآت كفيلة بحل مشكلة البطالة وللحفاظ علي حياديه ونزاهة القضاء. محاكمة الوزراء ويقول أحمد الفضالي رئيس حزب السلام: إن النظام السابق غض الطرف عن التجاوزات عن قصد, لذلك تجب اولا إعادة هيكلة الأجهزة الرقابية, مع تطبيق نظرية الثواب والعقاب وبصورة علانية لضبط ايقاع عمل المسئولين مشيرا إلي اننا لسنا في حاجة لأجهزة جديدة ولكن يجب ان تعمل في إطار غير تقليدي مع اصدار قانون محاكمة الوزراء لكسر حاجز الخوف من محاسبة المسئولين الكبار مع التأكيد علي تقديم اقرارات الذمة المالية لكل مسئول قبل وبعد تولي المسئولية. قوة جهاز الرقابة يؤكد النائب السابق طلعت السادات ان المجلس الاعلي للقوات المسلحة يستحق الاشادة وقال نأمل في المزيد من الاجراءات الخاصة بالإصلاحات السياسية المتمثلة في تعديل الدستور وهي كفيلة بترويض كل هذه الاجهزة والعمل لصالح مصر وبالرغم من كثرة عدد اجهزة الرقابة إلا أنني ضد الغاء أحدها واقترحت مؤخرا عدم الغاء جهاز المدعي العام الاشتراكي وتغيير اسمه إلي المدعي العام الاشتراكي السياسي ليكون مسئولا عن الادعاء سياسيا ضد رئيس الجمهورية والوزراء لدي النيابة العامة وفي حالة البراءة يعلن ذلك اعلاميا ويعاد كل المدعي عليهم إلي وظائفهم وتعويضهم عن الاضرار التي لحقت بهم جراء ذلك الادعاء. لذلك فالمشكلة ليست في الاجهزة الرقابية ولكنها في كيفية عمل هذه الاجهزة وتفعيل دورها.