تباينت وجهات نظر الخبراء السياسيين والاقتصاديين حيال تكليف اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية للأجهزة الرقابية بملاحقة الفاسدين والمسئولين عن حالة الانفلات الأمني التي شهدتها مصر خلال الفترة الماضية، ففي الوقت الذي أبدى فيه البعض ترحيبه رفض آخرون مؤكدين أن الأجهزة الرقابية جزء من النظام، وبالتالي لن تستطيع القيام بدورها في مراقبته. وأبدى الدكتور إبراهيم زهران الخبير الاقتصادي اعتراضه على تكليف الأجهزة الرقابية بإجراء التحقيقات، بسبب عجزها عن القيام بالدور المطلوب على مدار سنوات طويلة استشرى فيها الفساد، مشيرا إلى امتلاكها على مدى 30 عاما لمئات الملفات حول قضايا الفساد لكنها مرت "طق حنك"، بحسب تعبيره. وأكد أن تلك الأجهزة لو كانت تستطيع فعل شيء لكانت قد فعلت ذلك من زمان وليس الآن، معتبرا أن الحديث عن قيام الأجهزة الرقابية بدورها "كلام مرسل لا جدوى له"، لأن "النظام لن يدين نفسه من خلال أجهزته"، على حد قوله. واتفق معه في الرأي الدكتور فرج عبد الفتاح الخبير الاقتصادي، مطالبا بضرورة خضوع هذه الأجهزة للرقابة الشعبية، وأن يكون هناك تفعيل لهذه الدعوة من خلال إنشاء محاكم شعبية، وتشكيل دوائر لمحاسبة كل من أفسد الحياة السياسية والاقتصادية، على أن تتلقى البلاغات من المواطنين وإذا كانت هناك شبهة حول المشكو بحقهم، يتم الحصول على الأدلة من الأجهزة الرقابية ليعاقب الجناة في جلسات علنية تنقلها وسائل الإعلام، حتى يدرك المتظاهرون أن كل من أفسد مصر سيعاقب وبشكل علني. وقال إنه على هذه الأجهزة تقديم قائمة كبيرة بأسماء المسئولين الفاسدين في البلد، بعدما اعتبر أن القائمة المعلنة حتى الآن من قبل النظام والتي تضم أربعة وزراء وأحمد عز أمين التنظيم بالحزب "الوطني" سابقا غير كافية. وأضاف إن الشعب في انتظار قوائم أخرى، موضحا أن "منظمة الشفافية" لا تزال تكشف عن أسماء المسئولين الفاسدين في مصر وتزيد عددهم كل يوم عن سابقه، وقال إن الشعب لا يزل في انتظار قائمة تضم 500 شخص فاسد ومسئول آخرين يمثلون رؤوس فساد الحزب "الوطني". غير أن الدكتور علي السلمي وزير التنمية الإدارية الأسبق رفض التشكيك في نزاهة تلك الأجهزة، ورأى أن جميع أجهزة الدولة هي جزء من النظام وأنه لو تم الشك فيها لفسد كل شيء، موضحا أن الأجهزة الرقابية كانت تعد تقارير سليمة وأمينة للغاية، لكن النظام كان يخفي تقاريرها وأعمالها لصالحه. وأعرب عن ثقته في اضطلاع تلك الاجهزة بدورها بعد أن يتم الإطاحة برموز معينة داخل النظام حيث ستقوم بدورها بشكل أكثر حرية، بعد أن كانت ممنوعة في السابق من القيام بدورها نتيجة لفرض النظام سيطرته ورقابته عليها. وأوضح السلمي، أن أبرز هذه الأجهزة الفعالة والأمينة هو الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية، مشيرا إلى أن تقارير هذين الجهازين تحوي كثيرا من الفساد لكنها كانت مجمدة بفعل سيطرة النظام والذي تم التخلص من أبرز رموزه الفاسدة والمؤثرة. وشدد على فعالية الأجهزة الرقابية في إعداد التقارير ولا تستطيع جهة أخرى منافستها، حيث أنها الأجدر على ذلك، مشيرا إلى أن هذا هو المأمول منها وإذا لم تفعل ذلك سيحاسبها الشعب. وقال إن المواطنين يجب أن يقوموا كذلك بدور رقابي، وذلك إذا ما اكتشف أي منهم لأية قضايا فساد عبر المبادرة إلى تقديم بلاغ للنائب العام. وأوضح السلمي أن جهاز الكسب غير المشروع يتعين أن يبذل مزيدًا من الجهد والعمل لإحصاء عدد الذين تولي مناصب عامة خلال الثلاثين عاما الماضية، ومطالبتهم بتقديم إقرارات الذمة المالية.