لم يعد حلم الغناء أو التمثيل عبئا كبيرا علي صاحب الموهبة أو حتي بالنسبة للمخرجين والمنتجين الباحثين عن موهبة قوية خاصة أن برامج اكتشاف النجوم وفرت علي الجميع هذه المهمة من تمثيل, غناء, تقديم برامج, وأصحاب قدرات خارقة, إلي أن وصلنا لبرامج اكتشاف المواهب الكوميدية, وهي كلها برامج استطاعت في فترة قصيرة أن تملأ القنوات صخبا وتجذب أنظار المشاهدين بشكل كبير علي مدار الأسبوع. ورغم أن هذه البرامج وفرت مهمة البحث عن النماذج الجيدة, لكنها لم توفر ضمان استمرار الموهبة في الوسط الفني ليصبح ما تجنيه الموهبة طوال فترة المسابقة مجرد حلم, ليفيق صاحبها علي لا شيء سوي أنه مجرد شخص عادي كل ما يميزه عن الآخرين أنه حامل لشهادة تفيد بأنه نجم العرب في الغناء أو التمثيل أو غيرها من المواهب... الأهرام المسائي طرحت هذا التساؤل علي عدد من المبدعين الذين تباينت آراؤهم ما بين القبول والرفض للفكرة دون أن ينفوا وجود فكرة تحقيق المكاسب لهذه القنوات من خلال العائد الإعلاني. من جانبه قال الملحن محمد سلطان إن السبب وراء عدم استمرار المواهب الغنائية في عالم الغناء يرجع إلي أن من اكتشفوهم غير متخصصين من الأساس, حيث أصبحت وسيلة القنوات هي الاستعانة بعدد من المطربين الذين يستمعون إلي الأصوات تحت مسمي اكتشاف المواهب, ولكن لا يصح إلا الصحيح فمن يتولي اكتشاف المواهب هم الملحنون القادرون علي تحديد خامة الصوت وجودتها. وأضاف أنه كان يتولي مهمة اختبار الأصوات في الإذاعة بصحبة الملحن حلمي بكر, من خلال لجان الإذاعة والتلفزيون لأنهم يعرفون جيدا أنها مهمة مسئول عنها الملحن وليس المطرب هو من يقيم جودة الأصوات, ولهذا فإن أغلب المواهب التي تخرج من هذه البرامج لا تكمل الطريق لأن من وضعها علي أول السلم لا يفهمون ذلك, وهو أمر طبيعي فإذا كنت مريضا ستذهب للطبيب وإذا أردت بناء مبني ستذهب لمهندس, أما اكتشاف الصوت فهو للملحن. بينما رأي الشاعر الغنائي عوض بدوي أن ظاهرة اكتشاف المواهب جيدة, ولا يوجد بها أي استغلال للشباب الذين عليهم التحرك بجهود ذاتية والجلوس مع منتجين, في حال عدم مبادرة البرنامج بتبنيه خاصة أنه فعل ما عليه وقدمه للعالم العربي, مشيرا إلي أن ما بعد انتهاء البرنامج هو مهمة الموهبة نفسها والذي ثبت للجميع أنه موهبة مميزة وصوت يستحق التقدير. وأضاف أن فكرة أن يعرفك العالم العربي قبل هذه البرامج كانت صعبة بدليل أن المطرب مصطفي قمر ظل عشر سنوات يغني لطلاب كلية تجارة في سبيل أن يعرفه الجميع, بينما الآن يوفر البرنامج كل هذه الخطوات, فحتي وإن كان هدفه استغلاله للربح المادي فقد وفر علي المتسابقين خطوة كبيرة, ليصبح أمامهم فقط مهمة التحرك والتعاقد مع منتجين لاستكمال مشوارهم الفني. وقال المؤلف مجدي صابر إن أغلب هذه البرامج غرضها دعائي في المقام الأول, فهي نفذت بالأساس من أجل الإعلانات فقط, بينما اكتشاف النجوم أو المواهب فهي فرصة ضعيفة جدا, وبالتالي ليس غريبا أن نري كل فترة كبيرة علي مدار شهور موهبة وهو أمر نادر. وأضاف أنه في الوسط الفني هناك العديد من الورش الفنية الجيدة للمواهب الجديدة التي تتيح لهم فرص التعلم, كما أننا نلجأ لمثل هذه الورش للاستعانة بالمواهب التمثيلية المتميزة من خريجي ورش التمثيل في الأعمال الفنية. وأشار إلي أن الشباب الذي يتقدم لهذه البرامج مخدوع باسم البرنامج وبريقه, ولا ذنب لهم في ذلك لأنهم يسعون وراء أمل, دون أن يعلموا أن النتيجة في النهاية لا شيء. وعلي النقيض قال المخرج حسني صالح إنه لا شك في أن مثل هذه البرامج استطاعت أن تقدم كما كبيرا من المواهب التي لم نكن نعرف عنها شيئا فلم تكن في أكاديمية أو معاهد فنية ولكن مجرد أشخاص عاديين وظهورهم عبر هذه البرامج جعلنا نعرفهم جيدا, ونشعر بموهبتهم الكبيرة ولولاها ما كان أحد سيعرفهم, فأصبح عندنا نجوم مثل أحمد جمال وكارمن سليمان اللذين قدما أغاني جميلة للوطن. وأضاف أن نفس الأمر بالنسبة لبرامج التمثيل فهي ليست حكرا علي أحد فلم يكن علي الكسار خريج أكاديمية, وبدونه ما كان أحد سيرسم علي وجوهنا الابتسامة, وكذلك الفنانة عبلة كامل حينما اكتشفها المخرج إسماعيل عبد الحافظ من خلال عرض لها في أحد قصور الثقافة. وتابع قائلا: لن ننكر أن هناك تبادل منفعة حيث تحقق هذه القنوات مكاسب كبيرة من خلال هذه البرامج, ولكنها تحقق شهرة للمواهب, مشيرا إلي أن هناك نوعين بالوسط الفن من يستغل بالفعل أحلام الشباب بشكل كبير, بينما في الوقت نفسه هناك آخرون يتمنون إيجاد موهبة جيدة للعمل معها لأنها ستضيف لأعمالهم, مثلما سبق واستعنت بالفنانين سماح السعيد ومدحت تيخا.