علي مدار عشرة أعوام تسابق العديد من المحطات التليفزيونية علي اكتشاف المواهب الفنية سواء الغناء أو التلحين أو التمثيل من خلال العديد من البرامج مثل ستار ميكر و استديو الفن و ستار اكاديمي و زي النجوم و مودرن ستار الذي يتم الإعلان عنه حاليا. كما أعلنت أخيرا الإذاعة المصرية عن برنامج لاكتشاف المواهب الغنائية. وكان نتاج هذه البرامج11 موهبة بينهم شاهيناز وأساف ومحمد عطية وديانا كرازون وجوزيف عطية, ثم اختفي الجميع باستثناء ديانا كرازون التي ظهرت من خلال برنامج استوديو الفن واستطاعت أن تستمر بعد ذلك وتصبح أحدي نجمات الغناء العربي. الغريب أن شركات الانتاج التي أعلنت عن تبنيها هذه المواهب توقفت عن الانتاج لكبار المطربين الذين يتعاملون معها فما بالنا بالجدد. الملحن حلمي بكر عضو لجنة التحكيم في معظم هذه البرامج قال: ان صناعة النجوم توقفت في مصر منذ سنوات, وكل الأشخاص الذين يظهرون من خلال هذه البرامج لا علاقة لهم بالفن, واصفا هذه النوعية من البرامج بأنها مجرد سبوبة مضمونة المكسب من خلال التصويت بالموبايل أو الاعلانات, ولا شئ أكثر من ذلك. ويحذر بكر المشاركة في هذه البرامج أو السبوبة كما يصفها, من أن الأغنية المصرية انتهت بفعل فاعل, قد يكون الفاعل هو الجمهور أو المسئول أو المبدع الذي ليس له علاقة بالإبداع, لكن اطلق علي نفسه مبدعا. ويقول علي عبد الفتاح المستشار الإعلامي لقنوات مزيكا ان فكرة ظهور برامج لصناعة النجوم بدأت منذ سبع سنوات, ووجدت رواجا كبيرا عند مجموعة من المشاهدين وخاصة جمهور الشباب, مع ملاحظة أن هناك عددا كبيرا من الشباب يرغب في دخول المجال الفني بشتي ألوانه. ويضيف أن القنوات التي تعتمد علي هذه البرامج لها عدة أهداف أولا: الربح المادي أو التجاري من خلال الرسائل والمكالمات الي جانب الإعلانات بالإضافة الي نسبة عالية من المشاهدة, ثانيا تتمتع هذه البرامج بنسب مشاهدة عالية وبالتالي إعلانات ومعها يأتي الترويج للمحطة وبرامجها الأخري, ثالثا صناعة أو اكتشاف النجم. ويرحب عبد الفتاح بهذه الأفكار قائلا: لا مانع من وجودها طالما أنها تثري الحياة الفنية, ولكن وللأسف الشديد لم يظهر من خلال هذه المسابقات أسماء فرضت نفسها علي الساحة الغنائية باستثناء ديانا كرازون التي استحوذت علي النجومية, وفي الوقت الحالي برامج صناعة النجوم تأثرت بشكل سلبي جدا بسبب الاختلافات التي تحدث فيها كما حدث في برنامج أكاديمية الزعيم مما أدي الي تقلب الجمهور نحو هذه البرامج وفقد مصداقيتها لديه. كما يؤكد عبد الفتاح أن شركات الانتاج تعد علي اصابع اليد الواحدة ولا تتحمل اكتشاف نجوم في الوقت الراهن بسبب الأزمات الاقتصادية الناتجة عن القرصنة علي الانترنت, وبالتالي فان برامج المسابقات وصناعة النجوم هي التي تتولي مسئولية الانتاج بعد ذلك لهؤلاء النجوم الذين يتم اكتشافهم. ويضيف: أن هناك بعض المحطات تلجأ لهذه البرامج لجذب الجمهور لها بغض النظر عن الربح, حيث أن هناك عددا من المحطات تحتاج للظهور في الصورة وتحقيق انتشار وسط العديد من المحطات الموجودة, ولذلك تلجأ لهذا الأسلوب للجذب الجماهيري. ويؤكد الموسيقار هاني مهني الذي يقدم برنامج مودرن ستار علي قناة مودرن مصر أحد برامج اكتشاف النجوم أن ما دفعه للعمل في هذا البرنامج ليس الربح أو جذب مشاهدين للقناة وإنما هو هدف قومي لسبب مهم وهو قلة عدد المطربين المصريين الذين يعدون علي اصابع اليد الواحدة والباقي يتم استيراده من الخارج, وإذا فكرت في عمل حفل خيري له عائد ربح, لن تجد أمامك إلا استيراد المطربين لأن لدينا قصورا في عدد نجوم الشباك الذين يحققون الربح الحقيقي. ويضيف هاني أنه في الماضي كان لدينا أكبر عدد من المطربين في الوطن العربي كله, ولذلك نحاول حاليا أن نكرر هذه الظاهرة, لأنه في حالة اكتشاف عشر مواهب بالتأكيد سوف يثرون الحالة الفنية الغنائية في مصر, مع العلم بأن هناك كثيرا من البرامج في الفترة الأخيرة لم تكتشف نجوما استطاعوا أن يؤثروا مع الجمهور. كما يؤكد أن صناعة النجم معمول بها في العالم كله ولها قواعد وبروتوكولات حتي نستطيع أظهار موهبة حقيقية تستحق احترام الجمهور, ونستطيع أن نحافظ عليها. وحول اتهام هذه البرامج بالبحث عن الربح في المقام الأول يقول هاني: هذا الكلام غير صحيح, ولكن في الوقت نفسه لا نبحث عن الخسارة وهذه البرامج مكلفة جدا وبالتالي اذا صرفنا خمسة قروش وكان العائد ستة فنحمد الله ونشكره, ولكي نكون منطقيين أكثر فلا يوجد صاحب قناة أو منتج يصرف لصالح هدف قومي, وكل القنوات التي قامت بمثل هذه البرامج صرفت الكثير وتبحث بالتأكيد عن عدم الخسارة. وتقول دكتورة ليلي عبد المجيد أستاذة الإعلام: من وظائف الإعلام أن يقدم نجوما جديدة ويكتشف مواهب, ولكن هل الهدف تحقيق ذلك بالفعل؟ أم البحث عن الربح عن طريق المكالمات والرسائل, فهي برامج مطلوبة لتسليط الضوء علي النماذج الشابة والمواهب الصاعدة. وتؤكد د. ليلي أن المعمول به الآن في هذه البرامج ليس هدفه اكتشاف مواهب, ولكن البحث عن الربح فقط بأسهل الطرق واللعب بأحلام الشباب, بالإضافة الي أن أشكال هذه البرامج لا تناسب دور الإعلام. وتضيف أن الإعلان عن زيادة التليفونات لشخص معين لتحقيق الفوز يؤدي الي مكاسب مالية وهو ما يثبت البحث عن الربح فقط دون النظر للموهبة, إضافة الي أن الموهبة الحقيقية تجد من يبحث عنها ويدعمها بدون مقابل ايمانا منهم بهذه الموهبة, أم البرامج التي تكتشف المواهب عن طريق الرسائل فلا تفرز مواهب حقيقية بل مواهب مزيفة لاعتبارات أخري غير اعتبارات التقيي الحقيقي لموهبة يقدمها الإعلام للمجتمع,كما يثبت أنه ليس شيئا حقيقيا ولا يتم بطريقة هدفها أن يلعب الإعلام دوره في التنوير وتقديم المواهب.