رئيس مياه دمياط يؤكد ضرورة تطبيق أفضل نظم التشغيل بالمحطات لتقديم خدمة متميزة للمواطنين    لبنان.. 20 إصابة جراء الغارة الإسرائيلية على الباشوراء ببيروت    بطلب عراقي، اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية بشأن لبنان اليوم    انفجار ضخم يهز الضاحية الجنوبية ببيروت    صنع وسجل.. 3 أرقام قياسية لمحمد صلاح بعد تألقه مع ليفربول أمام بولونيا    دوري أبطال أوروبا، أستون فيلا يكبد بايرن ميونخ أول هزيمة له هذا الموسم    رياضة ½ الليل| صلاح يتخطى دروجبا.. حسام يقهر سام.. نيمار إلى البنك .. وسقوط الريال    بايرن لا يفوز على أستون فيلا.. إيمري يضرب ضحيته المفضلة ويلحق الهزيمة الأولى ب كومباني    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    أتلتيكو مدريد ينهار أمام بنفيكا في دوري أبطال أوروبا    عاجل.. حقيقة اعتذار صلاح عن خوض مباراة مصر وموريتانيا    صلاح دندش يكتب : تخاريف    ضبط بدال تمويني تصرف فى كمية من الزيت المدعم بكفر الشيخ    ضبط تشكيل عصابي بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بطوخ بالقليوبية    عبد العزيز مخيون يكشف تفاصيل مشاركته في الجزء الثاني من مسلسل جودر    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 3 أكتوبر.. «ثق بغرائزك واتبع مشاعرك الصادقة»    عبد العزيز مخيون: تشابهت مع أحمد زكي في مواجهة الظلم وحب التمثيل    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    «احذر خطر الحريق».. خطأ شائع عند استخدام «الإير فراير» (تعرف عليه)    بيان مهم من الأرصاد بشأن الطقس اليوم الخميس: «وداعًا للرطوبة ومرحبًا بالبرودة»    ضبط 3 أطنان لحوم حواوشي غير مطابقة للمواصفات في ثلاجة بدون ترخيص بالقليوبية    سعر السكر والزيت والسلع الأساسية بالاسواق اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024    اغتيال صهر حسن نصر الله في غارة إسرائيلية على دمشق    عمرو موسي والسفير العراقي بالقاهرة يبحثان القضايا العربية على الساحة الدولية    زوجة دياب تمازحه بال«وزة» ..وتعلق :«حققت امنيتي»    انتى لستِ أمه.. 4 نوعيات من النساء ينفر منهن الرجال (تعرفي عليهن)    الأحد المقبل.. وزارة الثقافة تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة بحفل موسيقي غنائي (تفاصيل)    "أهمية القراءة في تشكيل الوعي" على مائدة معرض الرياض الدولي للكتاب    د.حماد عبدالله يكتب: (الروشتة) المؤجل تفعيلها !!    خبير علاقات دولية: مجلس الأمن تحول إلى ساحة لتبادل الاتهامات    استطلاع: هاريس تتقدم على ترامب في 7 ولايات متأرجحة    وزير التعليم ينعي وكيله الدائم بالوزارة.. ويؤكد: رحل بعد مسيرة عطاء زاخرة    سقوط 4 عناصر شديدى الخطورة في قبضة مباحث طوخ    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الخميس 3 أكتوبر 2024    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024    الأمم المتحدة: إعلان «إسرائيل» جوتيريش شخصًا غير مرغوب به قرار سياسي    أسعار الذهب اليوم الأربعاء بالتعاملات المسائية    رئيس جامعة المنوفية يصدر قرارا بندب الدكتور حسام الفل عميدا لمعهد الأورام    جامعة دمياط تستقبل طلابها الجدد باحتفالية في كلية التربية النوعية    «الحوار الوطنى» يعقد جلسة عاجلة السبت لتعزيز الأمن القومى    البابا تواضروس: نصر أكتوبر صفحة بيضاء في تاريخ العسكرية المصرية ونشكر الله على سلام بلادنا    رئيس جامعة القاهرة يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد الجامعات المتوسطية UNIMED    تجديد حبس المتهمين فى فبركة سحر مؤمن زكريا    أمين الفتوى يحذر الأزواج من الاستدانة لتلبية رغبات الزوجة غير الضرورية    أمين الفتوى: مفهوم الاحتياج نسبي وهذا هو الفرق بين الحرص والبخل    تنظيم ورشة عمل مهنية للترويح للسياحة المصرية بالسوق التركي    نائب محافظ القليوبية تشن حملة إزالة إشغالات أعلى الطريق الدائري    الكشف على 1025 حالة ضمن قافلة طبية في الفيوم    «البحوث الإسلامية»: 35 قافلة نفذت 25 ألف لقاء دعويا    «وما النصر إلا من عند الله».. موضوع خطبة الجمعة المقبل    مصطفى الفقي: علاقة مصر مع إيران وإسرائيل وحزب الله تحتاج مراجعة    قافلة تنموية شاملة لجامعة الفيوم توقع الكشف على 1025 مريضا بقرية ترسا    تغيير كبير.. أرباح جوجل بالعملة المصرية فقط    رئيس الوزراء: نعمل على تشجيع القطاع الخاص وزيادة مساهمته    عالم أزهري: 4 أمور تحصنك من «الشيطان والسحر»    جمال شعبان: نصف مليون طفل مدخن في مصر أعمارهم أقل من 15 عامًا    أستاذ جامعي: شمولية «حياة كريمة» سببا في توفير مناخ جاذب للاستثمار    وزير الري يلتقى السفيرة الأمريكية بالقاهرة لبحث سُبل تعزيز التعاون في مجال الموارد المائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإدارة العشوائية وسوء التخطيط السبب:
كبد أسيوط يزداد وجعا
نشر في الأهرام المسائي يوم 08 - 03 - 2016

بينما كان الأمل يراود أهالي أسيوط.. وبينما كاد الحلم أن يتحقق بأكبر مستشفي لعلاج مرضي الكبد. توغل فيروس التراخي واستأسد الألم وتشدد الروتين فازداد الوضع وجعا وعز علي مسئولي المستشفيات الجامعية بجامعة أسيوط أن تكون لها الصدارة والانفراد في إنشاء أول مستشفي لمرضي الكبد وجراحاته
وأن تسير نحو الهدف الذي أنشئت من أجله, فقد تدهورت الأحوال بسبب سوء الإدارة والتخطيط وتدخل عنصر المجاملات الذي أضر بالخدمات الطبية والعلاجية المقدمة لمرضي الكبد داخل المستشفي وأصبح حلم الصعايدة في مهب الريح التي جاءت بما لا تشتهي السفن, فالأمور كانت تسير علي خير ما يرام إلي أن جاءت الإدارة الحالية للمستشفيات الجامعية بأسيوط وقامت باتخاذ قرار يراه البعض عشوائيا وغير مدروس بدمج قسم الجهاز الهضمي والباطنة في المستشفي بل لم يقتصر الأمر علي ذلك وتم نقل المرضي أيضا من المستشفي الرئيسي إليه مستشفي الكبد التي لم تستوعب طاقتها عدد المرضي مما تسبب في انهيار الخدمة بها خاصة المقدمة لمرضي الكبد الذين يتم تحويلهم لتلقي العلاج بمستشفي الكبد لحالتهم الحرجة والمتأخرة جدا والتي تستوجب العناية بهم والعلاج الفوري في الأجهزة الخاصة وحجرات العناية المركزة التي استولي عليها مرضي الباطنة الذين يعانون من أمراض القيء والإسهال ليتحول أول مركز لجراحات الكبد بالصعيد إلي وحدة صحية تقدم خدماتها لمرضي القيء والإسهال.
الأهرام المسائي تجولت داخل غرف المرضي وبين طرقات المستشفي لترصد الواقع المرير الذي بات عليه ذلك الحلم الذي كان الجميع يتسابق نحو تنفيذه وازدهاره.
البداية كانت صعبة للغاية فبعد أن تزايدت أعداد مرضي الكبد بالصعيد بشكل كبير في الآونة الأخيرة بدأت إدارة الجامعة في حينها تفكر وتحلم بإنشاء أول مركز متخصص لعلاج أمراض الكبد وجراحاته بل إن الأحلام ذهبت بعيدا بتحويله إلي مركز بحثي ولكن ميزانية الجامعة في حينها كانت لا تسمح وظلت الفكرة حبيسة الأدراج إلي أن جاء عام2002 حين بذل أطباء قسم طب المناطق الحارة والجهاز الهضمي بكلية طب أسيوط مجهودا كبيرا وعلي رأسهم المرحوم الدكتور محمد نافع والدكتور أحمد مدحت نصر والدكتور أحمد حلمي وقاموا بعرض الفكرة علي رئيس الجامعة آنذاك د. محمد رأفت محمود والذي تشجع للأمر وخصص لها الأرض وبدأ الإنشاء.
ولكن ميزانية الجامعة لم تتحمل الأعباء المالية بعد أن جفت الموارد وتوقف المشروع حتي ظن الحالمون به أن اكتماله بعيد المنال ولكن أحلام مؤسسية لم تتوقف حتي نجح أحد أبناء القسم الدكتور أحمد حلمي سالم الذي سافر ومعه حلم إكمال الصرح إلي السعودية ومن إحدي المحاولات نجح في أن يحصل علي أكثر من خمسة وخمسين مليون جنيه كتبرع لاستكمال المركز والمستشفي من السيد الدكتور/ محمد بن صالح بن عبد العزيز لينتعش الأمل من جديد وتدور عجلة العمل بكل همة وبالفعل وصلت الأموال وتم البناء والتجهيز وبدأ الجميع يشارك الحلم من خلال نشر الدعوات للتبرع للمستشفي بشتي الطرق حتي إن البعض قاموا بتنظيم مباراة خيرية بين نجوم الأهلي والرياضيين علي أرض جامعة أسيوط وخصص دخلها بالكامل من قبل لاعبي الكرة ونجوم الرياضة والمقدر في حينها بقرابة ال20 مليون جنيه لصالح المستشفي وبدا الحلم للمخلصين قريب التحقيق حتي اكتمل المبني وتم تجهيزه وتشغيله رسميا باستقبال حالات الكبد وبدأت الخدمات الطبية المقدمة تتطور شيئا فشيئا.
نجاح أول زراعة للكبد
وعقب ذلك بدأ القائمون علي المستشفي في حينها التسابق للحصول علي التراخيص اللازمة لإجراء جراحات الكبد وبالفعل نجحت إدارة المستشفي في عام2014 في إجراء أول جراحتين لزراعة الكبد بأيدي أطباء الصعيد وبالمجان حيث تتكلف الجراحة الواحدة في المراكز الخارجية قرابة ال300 ألف جنيه ولكن إيمانا من الدور الخدمي والمجتمعي لجامعة أسيوط تم إجراء الجراحتين بالمجان دون أن يتحمل أهالي المريض أي تكاليف سوي إحضار المتبرع ولكن أشارت كل الشواهد إلي تبخر الحلم.
بداية الانهيار
يقول الدكتور أحمد حلمي سالم أستاذ الكبد بجامعة أسيوط, أحد رواد فكرة إنشاء هذا الصرح إن الحلم تحقق رويدا رويدا وكان مخططا له أن يتحول بقرار سيادي لمعهد عالي لبحوث ودراسات وعلاج الكبد ليكون منارة من منارات العلم في مصر العليا تشع بنورها تبحث وتثقف وتقي وتعلم وتعالج وتعد الكوادر في مصر والمنطقة العربية بل ودول حوض النيل ولكن الإدارة لاحظت ضعف نسبة الإشغال بالأسرة البالغة190 سريرا من حيث قله عدد المرضي بسبب عجز الأطقم المدربة علي التعامل مع حالات مرضي الكبد من هيئة تمريض عمال. وناشد مديرو المستشفي حينها مسئولي إدارة المستشفيات الجامعية بضرورة توفير أطقم التمريض لتشغيل المستشفي بكامل طاقتها وليتهم ما فعلوا حيث أصبح الصرح الحلم نهبا لكل ذي مصلحة فمنهم من يريد استغلال الأسرة الشاغرة لجراحات الجهاز الهضمي ويهمش أمراض الكبد الأخري ومنهم من يريد تهميش دور الجراحين ومنهم من يريده لزراعة وجراحة الكبد, وظل المركز ذو ال190 سريرا لشهور عديدة كالبئر المعطلة والقصر المشيد به مرضي بعدد أصابع اليد الواحدة او اليدين.
وقررت الإدارة نقل الأقسام القديمة بالمستشفي الرئيسي للمبني الجديد بحلوها ومرها بمن يصلح ومن لايصلح, وخفض عدد الأسرة المخصصة لمرضي الكبد ونقل إلي نفس المكان مرضي الجهاز الهضمي والمرارة والبنكرياس وغيرها وتم إلغاء وحدة مناظير وأماكن أقسام تعمل منذ أكثر من خمسين عاما وأحدث فوضي بعدما لم يتم عمل دراسة لعواقب الأمر وزاد الخلاف والتخبط واستقالات وتغييرات في الإدارة والأطباء, وتحول الحلم إلي سراب وبدأت الخدمات المقدمة لمرضي الكبد تتضاءل بعد أن استولي مرضي الباطنة علي المستشفي.
وتساءل: كم مريض أزهقت روحه بسبب التأخير في الإنجاز والصراعات والاستقالات؟ وهل الصعيد بحاجة إلي مركز متخصص ومتميز لأمراض وجراحات وزرع الكبد أم لا؟ وهل يوجد بديل دفع المسئولين لاتخاذ هذا القرار؟ وهل ضم الجهاز الهضمي ونقل الأقسام يخدم إجابة السؤال الثاني أم يعيقها؟ وهل من الأمانة بل هل يجوز شرعا أن تتصرف إدارة الكلية والجامعة في أموال زكاة في غير الهدف الذي اعطيت من أجله ودون معرفة أو موافقة المتبرع وهل معدل انتشار أمراض الكبد بمصر يستلزم زيادة الأسرة المخصصة لمرضي الكبد أم تقليصها وهل أنشئ هذا المركز لعلاج حالات القيء والإسهال والإمساك والبواسير وجراحات المرارة والمعدة والقولون والسمنة وغيرها والتي تتم رعايتها بأماكن أخري بالمستشفيات الجامعية, ثم يأتي مريض الكبد بغيبوبته وفشله ونزيفه وأورامه فلا يجد مكانا ويظل أياما بالاستقبال لحين توفر سرير؟
سابعا: هل أهل الصعيد مكتوب عليهم غياب مراكز متميزة ترحمهم من الذهاب للقاهرة والمنصورة وغيرها لتلقي رعاية طبية ثالثية متميزة(TERTIARYCARE).
وطالب بالتدخل العاجل لإنقاذ المركز والمستشفي, ووضع لائحة وسياسة تشغيل جديدتين, وسياسة دخول, وهيكل تنظيمي ينظم العلاقة بين الأقسام بصورة تكاملية, ويضمن الاستقلال المالي والإداري والفني للمركز والمستشفي عن المستشفيات الجامعية, وتشكيل مجلسي أمناء وإدارة يضعان رسالة ورؤية وأهداف ووسائل صحيحة تصل بالصرح إلي تحقيق أهدافه مع تحصين ما يضعه هذان المجلسان من تقلبات وتغييرات الإدارات المتعاقبة, مع توفير الاعتمادات اللازمة وعمل وقف وتوفير مصادر تمويل غير تقليدية يضمنا استمرار توافر الخدمات مع وضع خطط موازية للصيانة والتطوير, واستكمال ماينقص المكان من كوادر وإمكانات وخدمات, وربط المركز وتوامته بنظرائه محليا وعربيا وإفريقيا ودوليا, واستحداث درجات علمية في مجال الكبد علي معهد الكبد بالمنوفية, ووضع برامج واقعية للتدريب والبحث العلمي والتثقيف الصحي والترصد والوقاية والكشف المبكر, هذا إضافة الي برامج الزرع والعيادات التخصصية والخدمات متعددة الأنظمة.
توقف جراحات زراعة الكبد
لقد تسبب القرار العشوائي بدمج مرضي الجهاز الهضمي مع مرضي الكبد داخل المستشفي في تدمير الخدمة الصحية المقدمة لمرضي الكبد وخاصة زراعات الكبد التي خطت خطواتها الأولي بنجاح عقب إجراء جراحتين ناجحتين بالمجان في عام2014 ليفتح المستشفي الأمل أمام فقراء الصعيد في زراعة الكبد بالمجان ولكن تلك الآمال تبددت عقب قرار الدمج حيث لم تجر المستشفي أي جراحات منذ اتخاذ ذلك القرار الذي أضر بكيان الجامعة قبل أن يضر بالمرضي أنفسهم ليتوقف مسار ذلك الصرح العملاق ويكتفي بتقديم خدمات العلاج لمرضي الإسهال والقيء وغيرها من الأمراض التي يمكن لأي وحدة صحية علاجها والتكفل بها.
صرخات المرضي
أثناء تجول الأهرام المسائي داخل المستشفي وجدنا أهالي أحد المرضي يستغيثون بأطباء العناية المركزة لنجدتهم فاقتربنا منهم لمعرفة حقيقة الأمر حيث قال أيمن عبد الساتر مهندس إن والده كان يتلقي علاجه بمستشفي المبرة بأسيوط ولكن حالته دخلت مرحلة حرجة للغاية بعدما بدأت تحدث له عمليات قيء دموي من الفم ومن ثم بدأت حالته الصحية تتدهور ونظرا لعدم توافر الإمكانات بمستشفي المبرة قرر الأطباء نقله في سيارة إسعاف مجهزة إلي وحدة العناية المركزة بالمستشفي لجراحات الكبد وحينما وصلوا إلي المستشفي كانت الفاجعة حيث رفض الأطباء دخوله للعناية لعدم توافر أسرة شاغرة. وقال إن أطباء القسم الخاص حرموه من حقه في دخول العناية المركزه لإنقاذه وعقب ذلك توجهنا إلي أحد العاملين بالمستشفي رفض ذكر اسمه وقال لنا إن تلك الحالة ليست هي الأولي أو الأخيرة التي تتعرض لنفس الظروف حيث إن غرفة العناية المركزة تضم11 سريرا مجهزة وكان معد لها مستقبلا أن يتم تجهيز طابق بالكامل كوحدة للعناية المركزة وهو ما كان سيزيد عدد الأسرة
المستشفي لا يعمل بكامل طاقته
ومن المفارقات الغريبة التي شهدناها داخل المستشفي أن المستشفي مازال لا يعمل بكامل طاقته حتي الآن بالرغم من نقل جميع مرضي قسم الجهاز الهضمي حيث إن الطوابق العليا لاتزال خاوية علي عروشها بالإضافة إلي الجناح الأيسر الذي كان مخطط له كمعهد لأبحاث الكبد وهو ما يبرهن أن قرار الإدارة بدمج مرضي الجهاز الهضمي مع مرضي الكبد كان خاطئا وليس الهدف منه القضاء علي نسبة الأشغال حيث إن المشكلة الرئيسية التي مازالت تلقي بظلالها هي نقص التمريض بالمستشفي.
وكان لزاما علينا استطلاع الأمر من كافة أطرافه, وكانت الداية الطرق علي باب الدكتور طارق الجمال عميد كلية الطب المشرف علي المستشفيات الجامعية لكننا لم نجد ردا, رغم تكرار المحاولات, وطرقنا أبواب عدد كبير ممن عاصروا بداية المشروع, أملا في وضع النقاط فوق الحروف بما يحقق الهدف الذي يصب في مصلحة المواطنين البسطاء في الصعيد الذين تعلقت آمالهم بالمستشفي الوحيد للكبد في الصعيد, لكن الجميع اعتذر بزعم أن شهادته إما مجروحة أو حياء حتي لايفسر كلامه بمصالح شخصية, ما وضعنا في مهمة صعبة للبحث عن الحقيقة الغائبة, فواصلنا البحث في التفاصيل حتي وقعت أعيننا علي قرار يمكن وصفه بأنه النقطة الأهم في القضية, وهو يكفي لحسم الأمر تماما.
إذ تبين أن القائمين علي أمر المستشفيات الجامعية آنذاك قرروا تشكيل لجنة برئاسة الدكتور مصطفي كمال رئيس الجامعة وضمت في عضويتها نخبة من أساتذة التخصصات المتعلقة بالكبد والجهاز الهضمي لوضع النقاط فوق الحروف فيما يخص مستقبل المستشفي الجديد, وجاء رأي اللجنة بتخصيص المستشفي لجراحات الكبد المتقدمة وفي مقدمتها زراعة الكبد, باعتبار أن الصعيد كله لايوجد به مستشفي متخصص لهذه الجراحات.
ومن هنا استقر الرأي لدي إدارة المستشفيات علي التخصص لتقديم الخدمة الطبية المتميزة للمرضي الذين يمثلون نسبة26 بالمئة من مرضي الكبد في مصر, وليكون بمثابة نموذج تباهي به جامعة أسيوط علي غرار مركز الكلي في المنصورة ومستشفي سرطان الأطفال في القاهرة ومستشفي مجدي يعقوب في أسوان, خصوصا وأن مرضي الجهاز الهضمي يمكن علاجهم في أي مستشفي آخر.
وبعد افتتاح المستشفي وتمكنها من الحصول علي اعتماد زراعة الكبد وبالفعل اجريت عمليتان تحت اشراف الدكتور محمود المتيني عميد كلية الطب جامعة عين شمس وبفريق من أطباء المستشفي الأكفاء, وحققت العمليتان نجاحا كبيرا, لفت الأنظار إلي المستشفي داخل مصر وخارجها, ماجدد رغبة اعداء النجاح والباحثين عن الشهرة والمصلحة الخاصة في اثارة بدء قضية الدمج مع الجهاز الهضمي مستغلين تغيير إدارة المستشفيات الجامعية.
ولأنه كان رئيسا لفريق عمل زراعة الكبد مرتين في المستشفي, كان لابد من التعرف علي رأيه في القضية, فتوجهنا بالسؤال للدكتور محمود المتيني الذي بادرنا بالإعراب عن أسفه لتوقف عمليات زراعة الكبد في مستشفي الراجحي بجامعة أسيوط, والتي تحمس لها من البداية وكان يراها حلما طال انتظاره, يقول الدكتور المتيني: عندما علمت بقيام جامعة أسيوط العريقة بإنشاء مستشفي الراجحي لجراحات الكبد بالتبرعات تحمست لها كثيرا, لأنها المستشفي المناسب في المكان المناسب, أولا لأنها في منتصف الصعيد وستخدم كل أهله من المصابين بالكبد وهم نسبة تفوق ال26 بالمئة من المصابين بهذا المرض في مصر, ثانيا لأنه لايليق أن تكون كل الخدمات الطبية المتميزة في القاهرة وحدها ونترك الصعيد يتألم ومن يقدر منهم الحضور الي القاهرة يعاني من السفر والاغتراب, لذا تحمست للمستشفي لأنني أؤمن بأن زراعات الكبد لابد أن تكون في مستشفيات جامعية وليس في مستشفيات عادية تابعة لوزارة الصحة, لأن الجامعات قادرة علي التطوير من خلال المراكز البحثية التابعة لها في ذات التخصص, وهو ما يتم الآن في جامعة الإسكندرية التي قمنا بزراعة حالتين والثالثة ستتم بعد عدة أيام وسأتشرف بهذه المهمة كما حدث في أسيوط عندما أجرينا عمليتي زراعة لمرضي بالمجان وهي خدمة جليلة تقدمها المستشفيات الجامعية للمرضي البسطاء, ولم يتقاض طاقم العمل أي مقابل مادي.
وحول تغيير مسار المستشفي ودمجه مع الجهاز الهضمي, قال الدكتور المتيني لا أود الدخول في قضايا إدارية خاصة بالجامعة هناك, كل مايعنيني أن البرنامج يعمل والزراعات تتم للتخفيف عن المرضي, أما الفصل والدمج فهو شأن القائمين علي العمل هناك.
وأعرب طلعت أسعد أستاذ الاقتصاد والتسويق بجامعة المنصورة الذي كان حلقة الوصل بين جامعة أسيوط والممثل الرسمي للمتبرع, عن أسفه لدمج الجهاز الهضمي مع الكبد في المستشفي الوحيد المتخصص الذي يخدم مساحة جغرافية تبلغ نحو الف كيلو متر, وتساءل لمصلحة من يتم هذا العمل؟ ولماذا يتفنن بعض المسئولين في اغتيال الأحلام البريئة؟.
وقال الدكتور طلعت: لقد تم وضع تصميم عالمي يأخذ في الحسبان كافة التفاصيل العلمية حتي إننا أحضرنا نظام معلومات بلغت تكلفته ثلاثة ملايين وستمائة ألف جنيه يشبه الموجود في مركز الطب العالمي بالقاهرة, كنا نسعي لأن يكون المستشفي متخصصا بنسبة مئة بالمئة, وجاءت التصاميم الإنشائية من الداخل علي هذا الأساس حتي اللافتات الإرشادية تعاملنا معها باحترافية لتضاهي الموجودة في أي مستشفي عالمي.
ووجد المستشفي دعما رسميا من الحكومة الدكتور, وشعبيا من خلال التبرعات للمواطنين والرياضيين والإعلاميين الذين ألقوا الضوء عليه وبشروا به باعتباره فتحا طبيا لمصلحة أهل الصعيد, وحضر الدكتور الراجحي الافتتاح وأجهش بالبكاء الحار وهو يري الحلم يتحقق.
وعاد الدكتور طلعت للتساؤل من جديد: لمصلحة من ما سمعناه عن قرار إدارة مستشفيات جامعة أسيوط إدخال الجهاز الهضمي الي المستشفي المتخصص بالكبد وحده؟ وأضاف, مستشفيات البانة موجودة في كل مصر والجهاز الهضمي يعالج في كل مكان حتي في مستشفي جامعة أسيوط نفسه, أما الكبد فلا يوجد نظير له في الصعيد كله, وأرجع ماحدث إلي الرغبة في السطو علي نجاحات الآخرين, أو طلبا للمادة وفي النهاية الخاسر الأكبر هو مريض الكبد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.