تملكتنى الصدمة وأنا أزور جامعة أسيوط ، عندما ترامى الى مسامعى من عدد من المترددين على المستشفى الحلم (الكبد) بأنه فقد بريقه وضاع تخصصه بعدما قرر احد المسئولين فى كلية الطب التابع لها تحويله الى مستشفى للجهاز الهضمى والكبد ، هكذا بجرة قلم اغتال الحلم الذى عشناه من اللبنة الاولى التى وضعت فى العام 2009 وحتى شرفت بحضور افتتاحه فى 2012 بصحبة عدد من الاعلاميين والرياضيين ، الكل كان مبهورا وهو يتابع المبنى وماتضمنه من امكانات تمنحه القدرة على تقديم خدمات طبية غير مسبوقة ويحتاجها اهلنا فى الصعيد من شماله الى جنوبه ، فهم الاكثر بين المصريين اصابة بامراض الكبد والاقل امكانات على التعامل معه، اما انا وعدد ممن كانوا معنا فى مسيرة البناء وخطوات الحلم فقد كنا نعيش حالة نشوة خاصة، دمعت فيها العيون ولهجت الالسن بالشكر لله عز وجل أن أتم علينا نعمه ووفقنا للمساهمة فى هذا العمل الانسانى الكبير ، واستطيع القول أن اه لنا فى الصعيد ابتهجوا بهذا المستشفى الذى تضافرت الجهود من اجل بنائه بجهود جامعة اسيوط التى خصصت الارض ورصدت الملايين من اجل البناء ،ووصلت تبرعات من شخصيات وجهات مختلفة و بعد مجهودات قام بها اعلاميون اعزاء واستجاب لهم قيادات رياضية ولاعبون ، بعد تلبيتهم دعوتنا الى زيارة اسيوط اثناء البناء ولعب مباراة ودية فى ملعب الجامعة لالقاء الضوء على المشروع ودعمه ، وهو ماكان بمشاركة واسعة رغم ان المباراة اقيمت فى صيف اغسطس وماادراك ما اغسطس فى اسيوط ، ووسيلة المواصلات (باص) والسفر عبر الطريق الشرقى وماأدراك ما الطريق الشرقى فى تلك الفترة التى شهدت انفلاتا امنيا غير مسبوق ، لكن كل ذلك لم يفت فى عزم النجوم الكبار والاعلاميين المرافقين ، ولما كان يوم الافتتاح كانت اعناقنا تطاول السماء فخرا وفرحا ، ولم لا وقد بات للصعيد مركزا متخصصا لعلاج امراض الكبد يشار له بالبنان ، تديره نخبة متميزة من شباب اسيوط أطباء و ممرضين واداريين مدربين على اعلى مستوى ، وترجم ذلك فى اجراء عملية زرع كبد لاول مرة فى الصعيد ، ما أعتبر فتحا طبيا واملا انسانيا بزغ فجره ليضئ حياة البسطاء ممن ابتلوا بهذا المرض ، وكنا نتابع نجاحات المستشفى بالفخر، لكن هالنى ما سمعته ثم رأيته من تراجع لهذا المشروع من خلال تحويله الى مستشفى للجهاز الهضمى والكبد ، ليتحول الحلم الى كابوس ، اذ تغيرت الادارة، وتغير معها شكل المستشفى ومضمونه ، فمستوى النظافة تراجع واختفت الاحترافية فى التعامل مع الحالات المريضة نتيجة ازدحام المكان بالمرضى وتساوى فى ذلك من يشكون من الاسهال والقيء والقولون الى جانب مرضى الكبد ، وزاد عدد العاملين فتحول الامر الى ضجيج بلا طحن ، ولا ادرى ماالحكمة من قرار دمج الجهاز الهضمى مع الكبد ، رغم وجود قسم كامل وكبير فى المستشفى الجامعى لامراض الجهاز الهضمى ، وهل من السهولة ان يتخذ كائنا من كان وضعه الوظيفى فى لحظة ما قرارا يحيل به حلم اناس سبقوه وبسطاء انتظروه وداعمين آمنوا به وآزروه ، ودفعوا من اموالهم من اجل تحقيقه حتى بات حقيقة ، فيأتى من يغير مساره. إننى وبصفتى احد الذين ساهموا بجهد متواضع فى تنظيم المباراة الخيرية ودعوة النجوم للمشاركة فيها ، وجمعت تبرعات بسيطة من نجوم لصالح المستشفى وكنت احد المنظمين فى افتتاحه ، اسجل اعتراضى الشديد على قرار دمج المستشفى التخصصى للكبد مع الجهاز الهضمى ، واطالب وزير التعليم العالى بل ورئيس مجلس الوزراء واذا استدعى الامر مناشدة رئيس الجمهورية ، التدخل العاجل من أجل اعادة الامور الى نصابها الصحيح ، لنحافظ على هذا المركز التخصصى الذى يحتاج اليه ابناء الصعيد من بنى سويف الى اسوان ، وحقق فى فترة وجيزة نجاحا اشاد به المتخصصون ، ويكفى انه المركز المتخصص الوحيد فى الصعيد الذى يجب ان يتفرغ لعلاج مرضى الكبد وحدهم وهم بمئات الالوف فى الصعيد ويحتاجون للرعاية بعيدا عن مزاحمة الآخرين ممن يمكن علاجهم فى مكان آخر. ان الامر جد خطير وعلى المسئولين سرعة التحرك ، لان غياب المؤسسية من العمل هو الآفة التى تهدد مستقبل الوطن وتهدر الوقت وتبدد المال والجهد ، وتحرم الموثرين واصحاب القلوب الرحيمة من القيام بواجباتهم تجاه المجتمع، ولا ادرى ماذا سيكون رد فعل كل من ساهم فى مستشفى الكبد باسيوط عندما يعرفون ان ما ساهموا من اجله تغير مساره بفعل فاعل ، وأثق بأنهم سيحزنون كما حزنت انا، وإنا لمنتظرون! لمزيد من مقالات أشرف محمود