إسرائيل مشروع استعماري غربي بامتياز رجاء جارودي : هرتزل طرق أبواب المسئولين الانجليز لتأسيس دولة يهودية تكون في خدمة الامبريالية الغربية كتب: محمد القصبي لاأدري إن كان أحدا غيري يرى ما أرى.. أن خصومة المفكر الفرنسي الراحل رجاء جاوردي مع الدولة العبرية ليس فقط لأنه كشف زيف المزاعم التوراتية التي تأسست عليها في كتابه المهم " الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية " الصادر عام 1998.. بل هذه الخصومة ماهي إلا جزئية من انتقاداته الهائلة للحضارة الغربية وتداعياتها الاستعمارية ..وهو يرى أن إسرائيل هي أحد المشروعات الكارثية التي طفحت من بالوعات الاستعمار الغربي .. لم يقل هذا صراحة ..بل يمكن استنتاج تلك الرؤية من خلال كتابه " محاكمة الصهيونية الإسرائيلية " ..وهو من الكتب التي أحتفظ بها في مكتبتي ..وألوذ به من حين لآخر كلما ازداد أرقي من تلك الظاهرة الأعجوبة المسماة بإسرائيل ..وخلال الأيام الأخيرة عدت لقراءته مجددا..وذاكرة العالم العربي تطفح بذكرى الثاني من نوفمبر 1917..اليوم الذي بعث فيه آرثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا الرسالة / الوعد للثري اليهودي روتشيلد ..وهذا نصها : عزيزي اللورد روتشيلد يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته: "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح. المخلص آرثر جيمس بلفور ليس تعاطفا وتعددت التفسيرات وراء وعد بلفور ..قيل إنه تعاطف من قبل حكومة جلالة الملك مع اليهود ..وهذا يجافي حقائق التاريخ ..فمن الثابت أن " آرثر جيمس بلفور" كان معادياً لليهود، وأنه حينما تولى رئاسة الوزارة البريطانية بين عامي 1903 و1905 هاجم اليهود المهاجرين إلى إنجلترا لرفضهم الاندماج مع السكان واستصدر تشريعات تحد من الهجرة اليهودية لخشيته من الشر الأكيد الذي قد يلحق ببلاده…وقد كان لويد جورج رئيس الوزراء لا يقل كرهاً لأعضاء الجماعات اليهودية عن بلفور، تماماً مثل تشامبرلين قبلهما، وينطبق الوضع نفسه على الشخصيات الأساسية الأخرى وراء الوعد مثل جورج ميلنر وإيان سمطس، إذا ليس التعاطف مع "الشعب " اليهودي التصريح بإقامة وطن "قومي" لهم في فلسطين ..بل شخصيات مثل بلفور ولويد جورج وجورج ميلنر وإيان سمطس لاترى العالم إلا من منظور المصالح الاستعمارية للإمبراطورية البريطانية .. لابد وأنها خططت لإقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين على متكآت استعمارية .. إذا أهو الخوف من اللوبي اليهودي ؟ حتى مطلع خمسينيات القرن الماضي لم يكن ثمة لوبي يهودي بالمعنى المتداول الآن ..اي قوة ضغط مؤثرة على صانع القرار في العواصم الغربية .. بل كانت القوى اليهودية والصهيونية في الغرب حين صدر وعد بلفور مشتتة ..وتناويء بعضها بعضا . إذا ثمة دوافع أخرى وراء إصدار حكومة جلالة الملك في لندن هذا الوعد العجيب الذي يعطي فيه من لايملك وطنا لمن لايستحق ..وهذا التعبير والذي ورد في رسالة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر للرئيس الأمريكي جون كنيدي ردا على رسالة له حول تحقيق السلام بين العرب وإسرائيل إيجاز بليغ لأبعاد الصراع العربي الإسرائيلي . أما هذه الدوافع فهي أن إسرائيل مشروع استعماري زرعته الإمبريالية الغربية في المنطقة للحفاظ على مصالحها . هذا ماقاله هرتزل وعودة إلى كتاب "محاكمة الصهيونية الإسرائيلية " للمفكر الفرنسي الراحل روجيه جارودي ..حيث يقدم لقارئه العشرات من الأدلة والأسانيد التي تصب جميعها في اتجاه واحد ولااتجاه سواه ..أن الدولة العبرية مشروع استعماري غربي . وهذا بعض ما أورده مفكرنا الكبير في كتابه ..رسالة بعث بها مؤسس الصهيونية تيودر هرتزل في يناير عام 1912إلى أحد أكثر الشخصيات البريطانية نزوعا نحو الفكر الاستعماري وهوسيسيل رودس الذي شغل منصب رئيس وزراء مستعمرة الكاب خلال الفترة من عام 18961890 ..يقول له فيها : لماذا ألجأ إليك ؟ لأنه مشروع استعماري ، وأنا أطلب منك أن تعطي المشروع الصهيوني كل الثقل الذي تمثله سلطتك " ..ويعلق جارودي قائلا : كان هذا المشروع يهدف في حقيقته إلى تشكيل شركة بميثاق، تحت حماية قوة استعمارية كبرى مثل انجلترا أو ذات طموحات استعمارية كما فعل في البداية سيسيل رودس في الكاب على أن تكون في مكان مثل أوغندا أو موزمبيق أو الأرجنتين أو قبرص او ليبيا ،ولكن أصدقاء هرتزل أشاروا عليه أن فلسطين تمثل فعل السحر لعملية تعبئة أكثر فاعلية. كما يستشهد جارودي بهذا الذي قاله هرتزل في كتابه "الدولة اليهودية " : من أجل أوربا سوف نبني هناك حاجزا في مواجهة آسيا ، سنكون حراس المقدمة للحضارة ضد البربرية ". هرتزل بعبارته تلك يحاول إغراء الامبريالية الغربية : دولتنا في فلسطين ستخدم أهدافكم ..ستكون جدار صد ضد البرابرة الأسيويين ! ويعلق جارودي : أصل الصهيونية السياسية ليس له علاقة باليهودية التي تستغلها كقناع، فهي منذ هرتزل النتاج الكامل للقومية الاستعمارية الأوربية في القرن التاس عشر ألهذا تتبنى الولاياتالمتحدةالأمريكية الدولة اليهودية لأنها خير معين لها في تحقيق أهدافها الاستعمارية في المنطقة؟ سؤال يجيب عليه رجاء جارودي باستفاضة من خلال سرد للمساعدات الاقتصادية والعسكرية الهائلة التي تقدمها واشنطن لتل ابيب ..ومساندتها في الأممالمتحدة من خلال استخدام حق الفيتو ضد اي مشاريع قرارات يرى البيت الأبيض أنها لاتتفق مع السياسات التوسعية والعدوانية الإسرائيلية. قرصة ودن لماذا يحب المصريون الأكل ؟ يشغلني هذا السؤال منذ عقود : ..لماذا يحتل الطعام موقعا شديد التفرد في الثقافة المصرية ..؟ بالطبع يتعرض أي كائن حي للفناء السريع إن لم يتغذ ..لكن هل المصريون يأكلون ويشربون بهدف الحفاظ على الحياة ؟ كل المظاهر حولنا تؤكد أن للمصري ولعا خاصا بالطعام ينطلق من الإحساس بنشوة غريبة لاعلاقة لها بالرغبة في التمتع بالصحة والعافية ..بل أن هذا الولع وراء انتشار البدانة وأمراض الجهاز الهضمي بين عشرات الملايين من المصريين..وطبقا لدراسة نشرتها مجلة "لانست" العلمية عدد مايو 2014 ..يعاني 71% من الرجال في مصر من البدانة ..وطبعا أشعر بالغيظ كلما التقيت ببدينة أو بدين ..ويقسم لي أن أكلته لاتزيد عن "أكلة عصفورة " ..يا سلام !! منذ أسابيع اشرت إلى حالة الأنيميا الحادة التي يعاني منها اتحاد كتاب الدقهلية ودمياط ..حتى أنه غير قادر على دفع إيجار مقره البائس والذي لايزيد عن 800 جنيها شهريا ..وهذا حال كل مؤسساتنا الثقافية .. أزمة في بلازما المال ..ومع ذلك يكاد يكون القاسم المشترك في مؤتمراتنا الثقافية وجبة غداء دسمة تكبد الخزينة ألاف الجنيهات ..والمثير للدهشة ..هذا الاحتشاد الهائل في مطاعم مؤتمراتنا الثقافية ..والفراغ الهائل في قاعات البحث و الحوار والمناقشة ! وحتى الدين.. نحاول أن نراه بمنظور يتفق مع شهوة المعدة ..رمضان شهر صوم وعبادة ..أي يفترض أن يكون الأكل خارج أولوياتنا ..ومع ذلك ننفق في شهر الصيام 34 مليار جنيه ..في مقابل 17مليارا في الشهور العادية .. وهذا ما يلحظه الآخرون ..غرام المصريين بالأكل ..في حفلات العشاء والغداء ..يصارع كل منا ليملأ أطباقه بنصف طن من الأطعمة ..والغريب أنه ينصرف دون أن ياتي حتى على ربع ما استأثر به من البوفيه المفتوح. مرة قال شاعر فرنسي: قليل من الحب أفضل ! ليت المصريين يطبقون هذه الحكمة في علاقتهم بالأكل ..من أجل صحتهم !