بعد أن وصفوها بالمرأة الحديدية ومنقذة اللاجئين وبعد أن تصدرت غلاف مجلة تايم الامريكية كأبرز شخصية في2015 لموقفها العظيم تجاه ازمة اللاجئين تواجه المستشارة الالمانية انجيلا ميركل اصعب اختبار في حياتها, خاصة بعد تورط عدد كبير من اللاجئين الذين احتضنتهم في اعتداءات وتحرشات في ليلة رأس السنة بكولونيا في واقعة لم تشهدها برلين من قبل وهو ما دفع المتطرفين للخروج في مظاهرات حاشدة تطالب بطرد اللاجئين وتندد بسياسات ميركل الانفتاحية معهم. وبعد أن نجح الطفل الغريق3 سنوات إيلان الكردي في اجبار الدول الاوروبية علي فتح ذراعيها لاستقبال اللاجئين, ها هي تستغل الازمة لتوصدها من جديد كالسويد التي اعلنت شرطتها امس انها تسترت علي كثير من الاعتداءات التي قام بها اللاجئون وكذلك الدنمارك التي وضعت كثيرا من الاجراءات المشددة لعرقلة تدفق اللاجئين. وتقدم أكثر من500 شخص بشكاوي تتهم أشخاصا يبدو انهم من اللاجئين الافارقة في اعتداءات جنسية هزت المانيا, واطاحت بقائد شرطة كولونيا بعد اتهامه بعدم التعامل بحزم مع الشكاوي. ومنذ ذلك الحين ويعيش اللاجئون في المانيا وخاصة المسلمين منهم أوضاعا صعبة وقاسية وهو ما اعلنه رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا أيمن مايزيك والذي اكد أن المسلمين يعيشون بعدا جديدا من الكراهية, مشيرا الي أن عدد الممارسات العدائية والتهديدات تضاعفت منذ بداية العام الجديد بل واصبحت هناك مساحة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن الكراهية ضد المسلمين والأجانب والمختلفين في المظهر أو التفكير. وفي الوقت الذي سعت فيه الحركات المتشددة والجماعات المتطرفة مثل بيجيدا في ألمانيا إلي استغلال الأزمة وخرجت الشرطة امس لتؤكد أن تلك الجماعات تنتهج سيناريو كارثيا قد يشعل فتيل العنف في البلاد مؤكدة أن أعمال العنف المعادية للاجئين التي شهدتها كولونيا امس الاول تم تنظيمها علي شبكات التواصل الاجتماعي من خلال دعوات وجهها اليمين المتطرف الي المشاركة في نزهات في وسط المدينة انتقاما من اللاجئين, وهو ما يجر البلاد الي الفوضي. ومن جانبه أكد وزير الداخلية الألماني هايكو ماس إن متطرفين في ألمانيا يستغلون اعتداءات كولونيا لتأجيج المشاعر ضد اللاجئين في ألمانيا. وحذر ماس من ترك الساحة خالية لمشعلي الحرائق من الأصوليين وقال في برلين أمس إن لديه انطباعا بأن الذين يشنون حروبا تحريضية حاليا علي اللاجئين عبر الإنترنت أو في الشوارع كانوا يتحينون فرصة وقوع هذه الاعتداءات وليس هناك تفسير آخر للطريقة البذيئة التي يستغل بها هؤلاء هذه الأحداث. ويبقي السؤال: هل توصد المانيا أبوابها في وجه اللاجئين الذين يحاولون الاندماج والتعايش مع مواطنيها طوال الأشهر الماضية؟ ففي الوقت الذي اكدت فيه استطلاعات الرأي أن60% من الالمان لم يغيروا من آرائهم إزاء اللاجئين, تعيش ميركل في حيرة وتحاول تغيير سياستها الانفتاحية في الفترة المقبلة وفقا لمسئولين مقربين خشية ردود الافعال والانتقادات التي تعرضت لها حتي من اعضاء حزبها بعد الاعتداءات وحفاظا علي شعبيتها خصوصا قبل الانتخابات التشريعية المقرر اجراؤها في2017 والتي ستسعي من خلالها إلي الفوز بالولاية الرابعة. ويبدو أن مسئولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موجيريني ادركت اللعبة اذ اكدت أنه يجب علي الساسة ألا يستغلوا الهجمات المروعة علي السيدات في كولونيا وغيرها من المدن الألمانية في ليلة رأس السنة في الترويج لأهدافهم الخاصة.