في مطلع العام الجديد, ينبغي علينا أن نمعن في المزيد من التفاؤل, وبرغم أن الكثيرين من الوجوه الإعلامية اليومية تخرج علينا بملامح يكسوها التفاؤل والأمل, لكن بين قسمات ملامحهم ما يدعو إلي غير ذلك. وإن كان من المفترض أن نقدم لأنفسنا كشف حساب عن العام المنصرم, فسنجد أن أسوأ ما قدمناه في هذا العام هو لغة الخطابة والحوار بشكل عام, الخطابة الدينية والسياسية والإعلامية, والخطاب الإعلامي علي وجه الخصوص, فقد عايشنا تجارب إعلامية هي الأسوأ علي مر عقود من إنشاء الأجهزة الإعلامية في مصر, مخاطبات ومواجهات لا ترقي إلا لمستوي المصاطب في الحواري الشعبية, إلا قليل منهم احتفظوا باحترام أنفسهم واحترام مشاهديهم ومتابعيهم, وقبل كل ذلك احترام عقلية المتلقي المصري والعربي, فالقنوات الإعلامية المصرية المسموعة والمقروءة والمرئية, تحظي في الغالب بمتابعة عربية واسعة المدي. ربما ما يجعلنا نتجه نحو حد من جانب التفاؤل هو الخطوات الواثقة للإدارة السياسية التي نأت بنفسها إلي حد كبير عن المهاترات و التراشقات الإعلامية, وتعتمل بدأب علي تصحيح, الأوضاع وإصلاح كل ما قد فسد علي يد الإدارات السابقة وإن كانت تعمل بخطي متباطئة إلي حد ما, وربما نعزو ذلك إلي ثقل مقطورة الفساد المعلقة بقاطرة الدولة والتي نأمل أن يتخفف منها أكبر قدر من الفساد فتزداد سرعة التقدم والإصلاح في العام الجديد. في مطلع عام جديد, أتمني من الجميع وأنا معهم أن نصحح أوضاعا كثيرة خاطئة تكررت كثيرا وتعالت أصواتها في الآونة الأخيرة, وعلي رأسها عدم قبول الآخر سياسيا واجتماعيا ودينيا, فالوطن علي اختلاف المناطق والعادات والتقاليد وتفاوت الطبقات الاجتماعية والمذاهب السياسية والمستويات الفكرية والثقافية, لا ينصلح له الحال إلا في وجود حالة من التفاهم وقبول الاختلاف, وأكثر ما أشاع الخلافات والتنافر والتناحر هي النقاشات المستبدة بالرأي علي مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام, لذلك يجب علي الجميع إعادة النظر في أفكارهم ورؤيتهم ونظرتهم للغير, علي سبيل التعايش وليس التنافس. أملي أيضا في العام الجديد, أن يتم القضاء نهائيا علي ظاهرة الإرهاب التي أرهقت الوطن والمواطن, وأن تتوجه موارد الدولة نحو التنمية والتعمير بدلا من إهدارها في حروب لا يعلم منتهاها إلا الله, ليستعيد المواطن الذي قام بثورتين من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ثقته في الإدارة الحكومية بعد أن يستشعر أنه نال حظا ولو يسيرا مما كان يطمح إليه في السنوات الخمس المنصرمة. أمر آخر يدعو إلي التفاؤل مع نهاية عام و بداية عام جديد هو عودة الدولة للاهتمام الفعلي بالاستصلاح الزراعي بعد أن دشن الرئيس عبدالفتاح السيسي مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان بالفرافرة, وهو أمر ربما قد تأخر قليلا, و لكن أن يأتي متأخرا خير من ألا يأتي مطلقا. جعلها الله فاتحة خير علي الوطن وعلي المواطنين وبشري للأجيال القادمة التي ستستفيد حتما من هذه الخطوة الكبيرة نحو تأمين الغذاء الأساسي ونحو الاكتفاء الذاتي من الاحتياجات الزراعية. وكل عام وأنتم بخير. [email protected]