إن كان هناك مؤسسات عبارة للطائفية في بلد يعتمد نظاما سياسيا طائفيا للبنان فإن الإذاعة الوطنية اللبنانية أحد أهم هذه المؤسسات بل وأقدمها التي يتجلي في إنتاجها البرامجي والدرامي السياسي والثقافي الانتماء الوطني وليس الطائفي حيث يؤكد وزير الاعلام طارق متري أن الإذاعة اللبنانية تحاكي العقول وليس الطائفة ورسائلها وطنية تتجاوز الطائفية ويقول مدير عام الوزارة حسان فلحة بمناسبة مرور63 عاما علي إنشائها إن ذلك يرجع إلي أن الإذاعة منذ إنشائها تنتمي إلي لبنان وليس إلي طائفة من الطوائف ال18 في البلد. ويضيف: أنه لذلك فإن الإذاعة الوطنية هي الإذاعة التي تحظي بأعلي قدر من المصداقية بين الإذاعات الأخري التابعة لطوائف أو لأحزاب أو لتيارات سياسية فهي ايضا الأكثر استماعا لأنها لاتتوسل الكلام العاطفي ولا تحاكي الامتيازات الطائفية, لذا نقول إنها للأقل استماعا أو ربما غير مسموعةمن جانب الطائفيين الذين هم بطبيعة الحال يستمعون للإذاعات الخاصة التي تزكي الطائفية. حتي خلال الحرب الأهلية1975 1990 حافظت الإذاعة الوطنية اللبنانية علي وطنيتها بالتزام الحياد والموضوعية والثوابت الوطنية بالبعد عن الطائفية من جانب كل العاملين فيها فبينما كان الرئيس الاسبق شارك حلو بخاطب الإعلاميين اللبنانيين قائلا: أهلا بكم في وطنكم الثاني لبنان باعتبار أنه كان لكل إعلامي وصحفي انتماء خارجي يعبر عنه أولا فإن وطن العاملين بالاذاعة اللبنانية الأول هو لبنان. ولذا كانت الإذاعة اللبنانية الوطنية منذ إنشائها عام1938 كثاني إذاعة عربية بعد إذاعة الإسكندرية والأولي في عاصمة عربية مقصد السياسيين والمثفين والفنانين اللبنانيين الذين كان إيمانهم بوحدة لبنان واللبنانيين فمن هذه الإذاعة انطلق صوت فيروز ومن استديوهاتها خرجت أعمال الرحبانية ولم يقتصر الأمر علي هذه الفئة من اللبنانيين بل يحفل أرشيف الإذاعة اللبنانية بتسجيلات للموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب والفنان الراحل عبدالحليم حافظ تمت في استوديوهاتها خلال زياراتهما للبنان في خمسينيات وستينيات القرن الماضي من ثم يمكن القول بأن الأغنية اللبنانية غزت مصر والعالم العربي بأصوات فيروز وصباح ووديع الصافي بعدما أخذت هويتها الوطنية غير الطائفية من الإذاعة اللبنانية. ويقول مدير عام الإذاعة محمد إبراهيم إن رسالة الإذاعة منذ بدء عملها في السراي الحكومي قبل انتقالها إلي مبناها الحالي في منطقة الصنائع في بيروت هي العمل علي بناء الوطن كان من خلال ذلك إلي جانب باقي العناصر الأخري يكون عمار المجتمع والدولة, وذلك بتأكيد دور الدولة والمؤسسات ونترجم ذلك في الخبر والبرنامج والدراما بالتزام الصدق والموضوعية بعيدا عن التزييف واصطناع الأخبار وبتقديم مختلف الآراء ونشر المعرفة والثقافة فالإذاعة اللبنانية هي الوحيدة في لبنان التي تقدم ضمن سلة برامجها برامج ثقافية وشعرية. ويضيف: لدينا أيضا14 فترة بث مباشر أسبوعيا بواقع ساعتين يوميا للقاءات مع الناس علي الهواء مباشرة لعرض مشكلاتهم وأفكارهم ومطالبهم إلي جانب لقاءات مع المسئولين في القطاعات التي تتعلق بكلام الناس. ويلفت إبراهيم إلي أن الإذاعة اللبنانية الوطنية..الدور والرسالة والأهداف يغطي كل العاملين فإلي جانب الانتماء الوطني العابر للطوائف برغم انتماء العاملين بطبيعةالحال إلي طوائف لبنان المتعددة بات العاملون نموذجا في الأداء والإلقاء واللغة العربية لدرجة تلقي الإذاعة طلبات بالاستعانة بخبرات العاملين لتدريب كوادر الإذاعات الأخري فنحن نفخر بأننا إذاعة لم الشمل الوطني التي تجمع ولا تفرق موضحا أن الإذاعة اللبنانية تعبر عن الجميع وتشبه الجميع ولا تخاطب الغرائز السياسية ولا الانحيازات الطائفية.. فسكتناسكة وطنية وهذه المعايير هي التي تحكم ايضا تعاملنا مع الشأن السياسي والثقافي العربي. وحول هيكل العمل بالإذاعة الوطنية اللبنانية والامكانات المتاحة للقيام بهذا الدور وتلك الرسالة يقول إبراهيم ان هناك ثلاثة محاور اساسية يقوم عليها العمل هي: الجوانب الفنية, والإنتاجية وتتضمن إنتاج البرامج بجميع ألوانها40 برنامجا في كل دورة, والتقنية وتتضمن أعمال التحديث والصيانة وتطوير الاستوديوهات, والبث المباشر وذلك بميزانية لا تزيد علي مليون ونصف المليون دولار سنويا وهي ميزانية متواضعة ازاء إدارة مؤسسة بهذا لحجم وبهذا النوع من الأهداف. وحول جهود التطوير والخطط المستقبلية في هذا الصدد خلال عام2011 يضيف: ان هناك خطة عمل وضعها الوزير طارق متري ويشرف المدير العام للوزارة حسان فلحة علي تنفيذها تتعلق بتطوير أجهزة الارسال وإعادة البث علي الموجة المتوسطة, إلي جانب تقديم منتج إذاعي متنوع المضمون والألوان والأشكال الفنية علي مستوي عال من المنافسة مع برامج الإذاعات العربية الكبيرة الأخري في مصر وسوريا وغيرها من البلدان العربية, مشيرا في هذا الصدد إلي ان الإذاعة اللبنانية الوطنية ستشارك في المهرجان العربي الذي ستنظمه الإذاعة المصرية بنحو15 برنامجا كونه المحفل الاعلامي العربي الأكبر الخاص بالإذاعات العربية, وذلك ضمن جهود تبذل لتحقيق الانتشار حيث يبدي الوزير طارق متري اهتماما بالغا بتحقيق الانتشار للإذاعة الوطنية اللبنانية علي مستوي الوطن العربي كله.