تطرح قضية تجديد الخطاب الديني اليوم وكأنها الطريق الملكي الجاهز للنهوض والتقدم إلي مصاف الأممالغربية, رغم أن التجديد والإلحاح عليه مع أهميته لا يجب أن يكون غاية في حد ذاته, خصوصا في ظل أوضاع محلية وإقليمية متغيرة ومضطربة قد تؤثر بالسلب علي مشروعية التجديد المطلوب ومن ثم نقع في المحظور, فيكون طرح هذه القضية ضارا علي نحو يثير الفتنة والبلبلة بدلا من إثارة العقل والتفكير الخلاق للمضي قدما نحومستقبل أكثر إشراقا وأملا. وفي هذا السياق عقدت ندوة بالمجلس الأعلي للثقافة تحت عنوان تجديد الخطاب الثقافي والديني في القرية المصرية, ترأسها الدكتور محمد عفيفي الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة, وشارك بها أشرف عامر رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث بالهيئة د. أنور مغيث رئيس المركز القومي للترجمة والكاتب حلمي النمنم رئيس دار الكتب والوثائق المصرية ود.حيدر إبراهيم ود.مجدي عاشور. وقال د.محمد عفيفي إن تجديد الخطاب الثقافي الديني موضوع ضروري وهام جدا مشيرا إلي أن القرية المصرية تعاني من أزمات كثيرة و بطبيعة الحال هناك مشكلة تاريخية حول هذا الموضوع, وهو أن مستوي خطيب القرية يقل عن مستوي خطيب المدينة, وطالب بضرورة إصدار توصيات هامة وفعالة في هذا الموضوع. ومن جانبه أشار الشاعر أشرف عامر إلي أن عبارة تجديد الخطاب الثقافي والديني أصبحت جملة تقال علي كل لسان, وتساءل هل نحن بحاجة إلي تجديد الخطاب ام تنقيته؟, وكيف يمكننا تجديد الخطاب الثقافي في القرية المصرية؟ وهل يتم ذلك بمعزل عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية؟, موضحا أنه لا يمكن لأي دولة في العالم أن تقوم بتنمية ثقافية بعيدا عن التنمية الشاملة. و أكد د. أنور مغيث أن مفهوم تجديد الخطاب الديني في الوقت الحالي هو التحدث بالعامية فقط, مشيرا إلي أن الثقافة العقلانية مهمة لأبناء القرية كما أنها مهمة لأبناء المدينة ولكن هناك فجوة بينها. وأكد مغيث أنه لكي يتم تجديد الخطاب الثقافي والديني فأمامنا طريقان الأول: العمل علي المدرسة وضرورة وجود مراقبة, ولا يحق للمدرس أن يقول أشياء عنصرية لكي تصل إلي التلميذ ثقافة حقيقية, والثاني: ضرورة إدخال الممارسة الديمقراطية إلي القرية المصرية وبذلك نساهم في إدخال الثقافة العقلانية. وأشار الكاتب حلمي النمنم إلي أن الدولة منذ سبعينيات القرن الماضي ساعدت علي ظهور نوع جديد من الدعاة مثل عمرو عبد الكافي وعمرو خالد وهؤلاء لم يغيروا شيئا في الخطاب الديني غير أنهم يتحدثون باللغة العامية, وساهموا في سحب البساط من الأزهر وهذه الأسماء اخترعتها الدولة, والمشكلة تنطوي في الأفكار وليست في الخطاب, وأضاف النمنم أن الدولة المصرية منذ عهد الرئيس السادات وعقب حرب1973 تحولت إلي دولة العاصمة, فالصحافة هي صحافة العاصمة والثقافة هي ثقافة العاصمة والوظائف محجوزة للعاصمة وهذا أدي إلي اكتساح المدن والقري الإقليمية. ومن جانبه أكد د.حيدر إبراهيم علي ضرورة تجديد وتحديث الانسان المصري, قائلا لا يهمني ماذا قال الاسلام ولكن يهمني ماذا فعل المسلمون و كيف مارس المسلمون الدين, لذلك الحل ليس في تجديد الخطاب الثقافي والديني ولكن المطلوب كيف نجعل الانسان المسلم يتميز بعقلانية وانسانية من خلال رفع مستوي التعليم وتوفير حياة اجتماعية كريمة, وطرح عدة أسئلة وهي كيف ننتج المعرفة؟ ومن له السلطة المعرفية؟, ومن الذي يحق له أن ينقل المعرفة؟, منوها إلي أننا ليس لدينا القدرة علي الإرشاد الديني في ظل وجود الإسلام السياسي, وأشار الدكتور مجدي عاشور إلي تقسيم الدين إلي عقيدة وشريعة, وهما بدون منظومة القيم يكونان عامل هدم وليس بناء, والتجديد بمعني الاحياء ولابد لنا أن نحيي الدين الحقيقي في قلوب الناس, مشيرا لوجود ثلاث مشكلات في الخطاب الديني في القرية المصرية وهي اولا خطيب المسجد, وثانيا المدرسين فلابد من تدريب المدرسين والأئمة علي كيفية إخراج النشء, وثالثا ضرورة الاهتمام بالمرأة, فهي مظلومة في قضية المواريث, ويجب أن تكون الثنائية بين الرجل والمراة ثنائية تكامل وليس تنافر. وأوضح أن الجماعات المتطرفة دخلت القرية بسبب سوء أحوال المعيشة, موضحا أن الشكل او المظهر الإسلامي انتشر ولكن الاخلاق اصبحت قليلة, وأن منظومة القيم الأخلاقية خلاصة ما جاء به الإسلام والرسول( ص) وأن الرحمة فوق الحب.