قبل بضعة أسابيع احتفلت مؤسسة الأهرام العريقة بمرور140 عاما علي صدور الجريدة الأم الأهرام وكان الاحتفال رائعا عظيما يليق بمكانة الجريدة التي تمثل منارة شامخة انطلقت منها أشعة الفكر المستنير والثقافة والأدب وألوان المعرفة وقبل ذلك الخبر الصادق والمعلومة الصحيحة الموثقة. وقد حضر الاحتفال رئيس وزراء مصر المهندس إبراهيم محلب وكوكبة من السادة الوزراء ورجالات العلم والصحافة والفن والأدب والاقتصاد وتضاعفت قيمة الاحتفال عندما اقترن بها إحتفاء المؤسسة بالمؤتمر الاقتصادي الذي عقد في شرم الشيخ كقاعدة تنطلق منها مصر إلي آفاق المستقبل المشرق, وهكذا دائما وأبدا تكون الأهرام سباقة إلي رسم طريق الأمل أمام هذا الوطن تستعرض طموحاته وآماله وتساهم في تخفيف مواجعه وآلامه حقيقة أن الأهرام هي ديوان الحياة في مصر وهي المرآة التي تعكس كل شئون الوطن وهي السباقة إلي التعريف بهذه الشئون شارحة لها وداعية لكل ما من شأنه نشر السعادة في ربوع ومناحي هذا البلد الطيب, ودائما تبث الأهرام في صفحاتها التفاؤل والأمل ودائما ما تدخل السعادة إلي القلوب بما تقدمه من موضوعات ترسم طريق العزة والكرامة للمواطنين مما يجعل الأهرام قريبة إلي قلوبهم وعقولهم ووجدانهم وتحية حارة للأهرام في عيدها مع دعاء لها أن تزداد توهجا وبريقا وأن تكون دائما عونا للوطن والمواطنين وللأهرام في قلبي وعقلي مقام كبير فمن خلال سطورها تفتحت مداركي الباكرة علي أخبار مصر وأخبار العالم ومن صفحاتها غصت في مواضيع وأبحاث أثرت الوجدان وضاعفت المعرفة والثقافة, ولي مع الأهرام ذكريات حلوة لا أنساها ما حييت ولقد تعلقت بالأهرام في بواكر الصبا وأنا بعد طالب بالسنة الأولي الثانوية عندما كنت أتصفحها خاصة في الإجازات الصيفية بعد أن ينتهي عمي العمدة الذي كان يحرص علي أن يتابعها يوميا وفي سبيل هذه المتابعة كانت هناك مشقة وصعوبة خاصة عملية الذهاب إلي البندر لإحضار الأهرام من متعهد الجرائد. كان عم عنتر غفير العمدة لزاما أن يمتطي الركوبة أي الحمار ليذهب إلي نجع حمادي علي مسافة كيلو مترات من العزبة في رحلة تستغرق ساعتين ومثلهما في العودة حيث لم تكن هناك مواصلات إلا الحمير كانت الأهرام لا تصل إلي نجع حمادي إلا بعد الظهر في قطار الجرائد ولم نكن نتصفحها إلا قبيل المغرب بعد انتهاء العمدة من قراءتها, هكذا زودتنا بالعلم والمعرفة والثقافة عامة ولكنني لا أنسي ما حييت الفرحة التي غمرتني بها الأهرام عندما كنت أترقب نتيجة شهادة الثقافة سنة1944 حيث لم تكن هناك وسيلة اتصال تجعلني أتعرف علي النتيجة بالاتصال بالمدرسة الثانوية في قنا وأنا في العزبة علي بعد حوالي خمسين كيلو مترا وفجأة تصفحت الأهرام وكانت المفاجأة السارة وطرت من الفرحة وأنا أطالع رقم جلوسي بين الأرقام الناجحة وبعدها انطلقت الزغاريد من منزلنا فرحا بالنجاح هذه واحدة أما الثانية فكانت في السنة التالية سنة1945 عندما وصلت الجريدة إلي العزبة وفي صفحاتها أرقام جلوس الناجحين في شهادة التوجيهية وكان رقمي من بين الأرقام الناجحة ولقد كان يوما حاشدا امتلأ بالفرحة وذبح والدي يرحمه الله عجلا سمينا التهمه الأقارب والأصدقاء ورجال الحضرة التي يتمايل فيها الناس علي أنغام الإنشاد الديني وكان الأهرام سباقا في الأخبار المفرحة بالنسبة لي وذلك عندما تلقيت خبر صدور قرار رئيس الوزراء بتعييني رئيسا للإذاعة في نوفمبر1982 وقد جاءني صوت بلدياتي الأستاذ مصطفي الضمراني أحد أبناء الأهرام جاءني صوته مليئا بالفرحة وهو يقول مبروك يا خال فسألته من أين لك هذا الخبر فقال في صعيدية محببة. واه وأنا واجف علي الديسك في الأهرام والخبر قدامي ملعلع وحتقرأه بكرة إن شاء الله. حيا الله الأهرام وامتعنا بما تقدمه للقاريء من خبر صادق ومقالات مثقفة وأدب رفيع.