اعتاد محمد مساعدة والدته سواء في عملها كصانعة خبز للإنفاق علي الأسرة أو مساعدتها في أعمال المنزل, وكان يتمتع بحسن الخلق وتعتمد عليه أسرته رغم حداثة سنه في كثير من شئونها خاصة بعدما أقعد المرض والده الذي كان يعمل حرفيا ولديه9 أولاد لسنوات مديدة. كان محمد يدرس بالصف الثالث الإعدادي, ورغم الظروف المعيشية القاسية التي نشأ فيها إلا أنها لم تكن حائلا بينه وبين دراسته وأصر علي أن يمضي في مشواره الدراسي. كان والد محمد لا يترك فرصة إلا ووجه إليه الإهانة دون سبب حتي اعتاد محمد علي ذلك ولم يبد شيئا من الحزن الذي تولد داخل قلبه وكان الأب دائما ما يقسو علي أطفاله ويصر علي إهانتهم وافتعال المشاجرات معهم, ودائما ما كانت زوجته تتدخل وتحاول أن تعرف منه سبب تعنيفه الدائم لأبنائه الذين أصبحوا يشعرون بالتعاسة بسبب سوء معاملة والدهم الذي لم يكتف بقسوة الحياة عليهم وإنما كان يخرج حنقه وسخطه علي دنياه بتعنيف أبنائه. وذات يوم خرج محمد مع والدته للعمل, وبعد يوم شاق جلست الأسرة تتناول طعام الغداء وإذ بوالده يوبخه حتي دفع الصغير لإلقاء الخبز والدخول لغرفته وهو يجهش بالبكاء, وفي تلك الأثناء صعدت إليه شقيقته الصغيرة وهي تمسك بالحبل الذي تلعب به وأخذت تداعبه وسرعان ما تولدت إليه فكرة الانتحار وأخذ الحبل من شقيقته وطلب منها إحضار كوب ماء وإذا به يغلق باب حجرته ويشنق نفسه ليتدلي جثة من سقف الغرفة. صعدت فاطمة في خطوات متمهلة وقرعت الباب, ولكن محمد لم يجبها وفجأة استيقظت الأم علي صوت قرع الباب وصغيرتها وهي تنادي محمد حينها شعرت الأم بالقلق وصعدت لغرفته وهي تصرخ بشدة فتحت الباب بكل ما تملك من قوة لتجد طفلها يصارع الموت وجسده تدلي من السقف احتضنته وهي متلهفة وأخذت تصرخ بهستيرية وتضم صغيرها حتي فاضت روحه بين يديها ليلقي مصرعه منتحرا ليتخلص من معاملة والده السيئة ويرتمي في أحضان الموت. كان اللواء أسامة متولي مساعد وزير الداخلية لأمن المنيا قد تلقي إخطارا من اللواء هشام نصر مدير البحث الجنائي يفيد بوصول طفل لمستشفي ملوي العام جثة هامدة متأثرا بإصابته باسفكسيا الخنق وبه أثار قطع وريد برقبته. تبين من تحريات البحث الجنائي التي أجراها النقيبان محمود أبو السعود ومصطفي دوغباج معاونا مباحث قسم ملوي أن الجثة لطفل يدعي محمد ناصر شعبان15 سنة, وأنه لقي مصرعه منتحرا بسبب سوء معاملة والده له, وبسؤال والدته لم تتهم أحدا بالتسبب في وفاته وأكد صحة ما جاء بالتحريات وأنه اشتكي لها مرات من سوء المعاملة, وكانت تخبره بأن والده يقسو عليه لكي يقومه ويصلح من شأنه. وأمام أحمد عز وكيل نيابة ملوي أكدت والدة الطفل المنتحر صحة حسن خلق نجلها, وأنه لا يعاني أي مشكلات نفسية أو دراسية وأنه مرهف المشاعر, ولا يقبل الإهانة وأن سبب الانتحار هو إهانة والده المستمرة له.