على ناصية شارع أحمد عصمت بعين شمس كان متولى يقف منزويا بآلته يمسك "ساندوتش فول" هو إفطاره الذى يسد أوده طوال النهار. اقتربت منه ونقلت إليه دهشتى من أن مهنة سن السكاكين والمقصات مازالت موجودة ولم تنقرض وسألته إن كان يكسب منها أم أنها من المهن التى اندثرت وضاق رزقها. نظر إلى الرجل بعينين ملؤها اليأس والألم وقال: مهنتى لم يعد لها وجود يا أستاذ أكلها الزمن وراحت ولم يبق منها غيرنا نحن السنانون. رحلت المهنة ورحل معها مصدر الرزق الكريم فلم يعد هناك من ينادى علينا لسن سكين أو مقص إلا نادرا وبات رزقنا أقرب للتسول منه للعمل. فى الماضى كانت الدنيا تفتح زراعيها لنا فما أن تعلن الشمس مقدمها حتى يكون الواحد منا فى الشارع حاملا عجلته الحديدية لاهثا على لقمة العيش. يتعالى صوته مناديا ربات البيوت ويلتقط لقيماته على حد المسن. فى الأيام الغابرة كنا نكسب من الدوران فى الشوارع مع دوران المسن ما يكفينا القوت وحفظ ماء الوجه عن السؤال ولكنها الأقدار التى غيرت من كل شىء فلم يعد للنساء حاجة إلينا فكل واحدة منهن بات لها مسنها الخاص. بارت حرفة مسن السكاكين وتحول أصحابها إلى شحاذبن يجوبون الشوارع للسؤال لا العمل.