العشرة والأصدقاء ورفقاء الدرب، أيام الصبا والشباب، التنافس الشريف والإصرار على النجاح، الصبر والكفاح والعرق، ومواصلة الليل بالنهار، اليأس والعزيمة، الاحباط والأمل، الفرح والألم، الحلو والمر، شريط سينمائى طويل لمشوار عمره بضع وثلاثون عاما، فى بلاط صاحبة الجلالة. والمكانة. والمهابة، مر أمام عينى فى لحظات أثناء احتفال أسرتنا "كتيبة الأهرام المسائى" قبل أيام بمرور 24 عاما على صدور العدد الأول، وحفنة سنوات أخرى سبقت انضمامى لمجموعة المسائيين الأوائل، الذين كانوا بمثابة فرقة "كوماندوز"، واجهوا ظروفا غير طبيعية، وتجاوزوا عقبات صعابا، وتغلبوا على كل ما اعترض طريقهم، من عراقيل وضغوط ومحن، فدانت لهم الصنعة، واضحوا "أسطوات" فى مهنة البحث عن المتاعب. أغمضت عينى فتلاحقت المشاهد وتداخلت، منها ما حاولت نسيانه واستطعت، ومنها ما لم أستطع، ومشاهد مرت مرور الكرام، وأخرى ما زالت عالقة بالذهن، تأبى الا تبرحه، استطعت أن انسى إساءات من زملاء سبقونى إلى المهنة وتجاوزت، ولم استطع نسيان رفقاء طريق رحلوا عنا بأجسادهم فقط وبقيت صورهم وأعمالهم خالدة فى البوم ذكريات القلب، عرفة محمد، مراد عز العرب، مصطفى بشندى، محمد عبدالغنى، سيد إمام عمر، سمير عبدالرحيم، مأمون محمود، والقلب الطيب "عم نبيل"، ومرت بسرعة كما "الكومبارس" الصامت فى أفلام حسن الإمام مشاهد بلا ملامح لأفعال وتصرفات ترجع فى المقام الأول إلى الغيرة المهنية، أما ماخلد بالذهن ووقر بالفؤاد فهى مقاطع متعددة تستطيع دون مجهود أن تجمعها فى مشهد كبير عنوانه الوفاء، لثلاثة أساتذة أو قل ثلاث مدارس صحفية مهدت لنا الطريق عبر رحلة الشقاء والحب، الراحل حمدى النحاس رئيس تحرير "الكورة والملاعب" سابقا وأحد أبرز أعمدة الصحافة الرياضية، فبعد أن طلب من المحررين الكبار فى الاجتماع الاسبوعى البحث عن لاعب النادى الأهلى الهارب آنذاك محمد عباس وعندما لم يعثر عليه أحد، طلبت منه القيام بالمهمة وأنا المتدرب الجديد، وافق ووفقنى الله بعد رحلة بحث بين أحياء عابدين حيث أهله وأقاربه، والدقى فوالده حارس عقار هناك، وانتهاء ببولاق الدكرور ووالدته التى سكنها الهم والمرض حزنا على ما آلت إليه حال ابنها، وقدمت موضوعا لم يجد أستاذنا النحاس ما يمنع أن يحكى وبنفسه ما قمت به فى عموده الأشهر "من الأحد إلى الأحد"، مشجعا. ومحفزا وأسند لى مهام لايقوم بها إلا أصحاب الباع الطويل، ففتح لى الطريق إلى عالم الصحافة. أما الكبير أنيس منصور يرحمه الله فقد كان متحمسا للشباب، يقدمهم الصفوف، ويصنع منهم نجوما، ومن حسن الحظ أننى عملت معه، وتعلمت منه كثيرا، فقد منحنى والزميلين العزيزين نبيل الطاروطى رئيس تحرير مجله لغة العصر وجمال عفيفى سكرتير التحرير الفنى لمجلة أخبار النجوم الفرصة كاملة، ولم يبخل علينا بوقته، وعلمه وخبراته. فكان نعم الأستاذ والمعلم، وفى مدرسة "الأهرام المسائى" كان الوضع مختلفا، الاختبارات متعددة، والسنوات أطول، والمنهج أصعب، وناظرالمدرسة وأستاذها الأوحد مرسى عطا الله الذى تحمل مسئولية صعبة، فى ظروف أصعب، يخوض تجربة فريدة، وبعين الخبير التقط كما "الجواهرجى" النفيس، وتجنب "الفالصو"، وبفكر الكاتب المستنير، وبحنكة الإدارى، وبحزم القائد أدار "كتيبة" شباب متوهج، "طفح الكوتة"، وبذل الجهد، وتعلم بسرعة لأنه كان على المحك. كل التحية لمؤسس "الأهرام المسائى"، ولزملاء تقاسمنا معا كل الأوجاع والأفراح، وقضينا أوقاتا داخل جريدتنا أطول من التى نقضيها مع أولادنا وأسرنا. وإن كان من تحية باقية فهى واجبة للفنانة ليلى علوى، التى نفت تصريحات لها كنت قد أنفردت بها فى أول يوم عمل لى بالجريدة، واستقبلنى وقتها الأستاذ مصطفى الضمرانى متعه الله بالصحة قائلا: "أنت كتبت شهادة وفاتك كصحفى. بتفبرك!"، فهمت الحكاية من الدكتور إسماعيل إبراهيم، وأحضرت شريط الكاسيت المسجل عليه الحوار، ودخلت على الأستاذ مرسى، استمع لنص الحوار، وأعتذرت ليلى علوى على هذا الخطأ غير المقصود، والذى لولاه لما وثق بى رئيس التحرير، ولما قال لى من الأن أعمل بلا تسجيل.