ونواصل حيث يضيف السكري في ذات المقال واقرأ ما قاله عن سعادة الاستاذ احمد حمزة بك وزير التموين في حكومة الوفد تحت عنوان الوزير مع القرآن( هو صاحب المعالي الاستاذ احمد حمزة بك وزير التموين نعرف عنه مواقف وطنية ليس هنا موضع ذكرها, ولكننا نكشف اليوم عن ناحية لا تقل عظمة وروعة تلك هي ناحيته الدينية.. فقد نشرت احدي المجلات ان جرس تليفون منزله دق وسأله المتكلم عمن معه, وكان معاليه عندئذ جالسا منفردا يتلو في كتاب الله ويرتل القرآن خير صديق له كما يقول, فأجاب محدثه( أنا مع القرآن) وقد حج معاليه إلي الأراضي المقدسة منذ عامين وهو حريص علي صلاة الفجر حاضرا, وهذا مثل طيب وقدوة حسنة للذين يسخرون من الصلاة ويهجرون القرآن, وما أحوجنا إلي هذه المثل العليا بين حكامنا وولاة أمورنا..) واقرأ ما قاله أيضا عن سعادة الاستاذ محمود بك سليمان غنام وزير التجارة في حكومة الوفد تحت عنوان( وزير التجارة في المسجد): أدي صاحب المعالي الاستاذ محمود سليمان غنام وزير التجارة فريضة الجمعة في مسجد الامبابي, وما كادت الصلاة تنتهي حتي جلس معاليه وسط المسجد يتلقي الشكايات ويسمع التظلمات من جمهور المصلين واعدا بتحقيق كل شكوي وانصاف كل مظلوم, هذه السطور القليلة التي نشرتها الصحف بمعناها إن لم تكن بمبناها قد نقلتنا إلي العصر الذهبي في صدر الاسلام يوم كان المسجد هو برلمان الامة المحمدية.. إلي أن قال ولم يعد الوزير طلسما تقفل دونه سبعة ابواب.. بل أصبح الوزير يقف جنبا إلي جنب أبسط الفقراء واصغر الخفراء واصبح يتلقي الشكايات والظلامات دون واسطة ولا حجاب! مثل صالح نسجله لمعالي وزير التجارة نرجو أن يكون فيه قدوة لغيره... الخ..)( السكري نفسه المقال الثامن صوت الأمة) الإخوان يعددون مناقب زعماء الوفد: وفي مقاله التاسع يشرح السكري, مدي ما وصلت اليه العلاقة بين الإخوان والوفد إبان أن كان الأخير في السلطة, واقرأ معي ما كتبه في العدد الثامن من مجلة الاخوان المسلمون المؤرخ في5 ديسمبر سنة1942 تحت عنوان محمد صبري أبو علم باشا نشأ في بيت مسلم ونما وسط بيئة صالحة, فكان والده عالما معروفا, ترك لولده مكتبة عامرة بالكتب الدينية القديمة فأقبل الولد علي تراث ابيه يستوعبه وهو جد يافع وهكذا وضعت اصول الدين في نفسه منذ الصغر وغرست في قلبه منذ النشأة, تخرج في مدرسة الحقوق وآثر العمل الحر علي الوظيفة الحكومية علي ما بها من جاه وسلطان وما عرف بعد ذلك الا حياة الكفاح والجهاد في سبيل عمله ووطنه ودينه( السكري المقال التاسع صوت الأمة) ويضيف: أما في سبيل عمله فقد برز اسم وزير العدل منذ ايامه الأولي في المحاماة, فانتقل بمكتبه سريعا من منوف إلي القاهرة.. فهو المجاهد لنصرة المظلوم واعلاء كلمة الحق امام القضاة أما كفاحه في سبيل دينه فيظهر من اهتمامه بالمسائل الدينية, لم يخرج كتاب ديني إلا اقتناه, ولم يفته التقرب إلي العلماء والأخذ عنهم, عرف الناس عنه هذا الاهتمام فانتخب رئيسا لجماعة تيسير الحج ووكيلا لجماعة البر بفقراء مكة والمدينة المنورة. ويضيف البنا: ولسنا في حاجة إلي القول بان وزير العدل يؤدي الصلاة في أوقاتها ويصوم رمضان, وقد أدي فريضة الحج منذ سنوات, وكان من حديث معاليه عن هذه الرحلة ان قال انه قد زار الملوك والعظماء ودخل علي ذوي الجاه والسلطان لم يشعر في حياته بمثل الروعة والجلال والتأثر والمهابة التي شعر بها حين فتحت له الحجرة النبوية الكريمة فمثل بين يدي رسول الله صلي الله عليه وسلم ودار بخلده انه الآن في البقعة المباركة التي ضمت أطهر جثمان لأعظم رسول وأكرم مصلح وافضل هاد ومرشد.. ولا يزال أثر هذه الرحلة الطيبة ماثلا في نفسه يتحدث عنه ويتغني به ويود أن لو أتيح له أن يسعد بها مرات( وقد سعد فعلا رحمه الله). وعطف معالي صبري باشا علي اقاربه بمعروف مشهور, فهو يصل الرحم ويعين الفقراء منهم والمحتاجين دون تكبر أو صلف, وفي غير من ولا أذي, بل هو يشعر أنهم من لحمه ودمه, ويتودد اليهم كما يتوددون اليه لا فرق بين كبيرهم وصغيرهم. وحياة محمد صبري باشا ابو علم في منزله وبين اسرته حياة يملؤها الايمان الصحيح والتمسك بأحكام الدين القويم, وقد انشأ انجاله وكريماته علي الصلاة, والأخذ بأوامر الدين, والابتعاد عن نواهيه, وهو لا يتسامح مع احدهم قط وان صغر إذا بدرت منه بادرة تدل علي الابتعاد عن هذا الخلق القويم ومعاليه يضرب المثل الصالح لاولاده جميعا فهو بينهم صباحا وظهرا ومساء, يرعي شئونهم ويؤدبهم ويعلمهم بنفسه بالرغم مما كان وما لا يزال فيه من مشاغل فهو يعد بحق مثلا أعلي يسير علي نهجه الشباب حتي يصلوا بفضل حسن الاخلاق والتمسك بالدين إلي أرفع المناصب والدرجات. الإخوان يستقبلون وزراء الوفد بالترحيب الشديد: ويورد السكري في مقاله العاشر وصفا شاملا لحفل استقبال وزراء الوفد عندما قدموا لزيارة المركز العام للإخوان يوم الأحد16 يونيو عام1947, وذلك من خلال ما كتب عن الحفل في مجلة الاخوان المسلمون في عددها الثامن عشر الصادر يوم12 يونية سنة1943 بالصفحة الرابعة: تفضل بزيارة المركز العام للاخوان المسلمين حضرات اصحاب المعالي فؤاد سراج الدين باشا وزير الزراعة, عبدالحميد عبدالحق بك وزير الشئون واحمد حمزة بك وزير التموين, محمود سليمان غنام بك وزير التجارة وسعادة صلاح الدين بك سكرتير عام مجلس الوزراء, وبعض حضرات الشيوخ والنواب المحترمين يتقدمهم صاحب العزة عبدالحميد الوكيل بك ومحمود لطيف بك.. الخ, وقد أخذ الزوار طريقهم من أول الشارع الذي تقع فيه الدار إلي حيث استقروا بين صفين طويلين من جوالة الاخوان وبعد الصلاة دعي الحاضرون إلي شاي اسلامي بسيط علي سطح الدار وكانت المائدة الرئيسية مجهزة بمكبرات الصوت القوية التي أوصلت كلمات الخطباء إلي الوف الحاضرين من الاخوان والسامعين من أهل الحي, ولا يتسع المقام هنا لتسجيل خطب اصحاب المعالي الوزراء الاربعة التي استغرقت نحو ساعتين ولكن الكلمات الطيبات والتحيات المباركات التي وجهت إلي الاخوان ودعوة الاخوان في هذه الخطب قد سجلت علي صفحات قلوب الالوف الحاضرين قبل أن تسجل حروفا علي ورق.. وهي تدل علي روح عالية مشكورة ابرز صفاتها التواضع والفضل والحرص علي التمسك بآداب الدين الحنيف. كما وضح جليا في قول معالي وزير التجارة والصناعة انه هو وزملاؤه يصرون علي تعلم الاسلام وأداء فرائضه, ويودون أن يكون كل فرد من أفراد الشعب عاملا بهذه التعاليم لأن هذه هي السبيل القويمة ولا شك للرقي والنجاح. وقد ذكر اصحاب المعالي الوزراء ما قامت به الحكومة من مناصرة الفكرة الاسلامية وتحقيق كثير مما يطالب به الاسلام ويعمل له الاخوان المسلمون كإلغاء البغاء والشروع في تنظيم الزكاة ومناصرة اللغة العربية لغة القرآن وتحريم تعاطي الخمور في أيام المواسم والاعياد الاسلامية. وانها ستمضي قدما في هذه السبيل وان رفعة رئيسها حريص كل الحرص علي تحقيق هذه المطالب الفاضلة, وهو لهذا يسره ان تنهض فكرة الاخوان وتنتشر في كل مكان.. الخ.. كيف استفاد الإخوان من حكم الوفد؟! وفي مقاله الحادي عشر يقول السكري: لقد ازدهرت الدعوة أيام حكم الوفد ازدهارا لم يخطر لنا علي بال, وقد كسبنا ألف شعبة في الف بلد غير ما كان لدينا, ولم يطلب الوفديون منا في المقابل شيئا, حتي الدعم, فلم يطلبوا منا أن نؤيدهم في موقف من مواقفهم, بل كانوا حريصين كل الحرص علي أن تظل دعوتنا اسلامية خالصة مستقلة نبغي بها وجه الله كما كان ينصحنا دائما رفعة رئيس الوفد ووزراء الوفد, وهم بهذا شجعوا الدعوة كل التشجيع سواء برجالهم أو بأموالهم أو بحكم مراكزهم في الدولة, واذا شئت دليلا علي ذلك فاذهب إلي وزارة الشئون الاجتماعية ووزارة الداخلية لتري بنفسك ان الاعانات التي كانت تحصل عليها شعب الاخوان في القطر المصري قبل وزارة الوفد من وزارة الشئون والمجالس البلدية والمحلية والمديريات كانت لا تتجاوز بضع عشرات من الجنيهات, ومع ذلك فقد اوقفت وأوصد بابها, فلما وليت حكومة الوفد, اعادت الي الاخوان حريتهم, وأمر صاحب المقام الرفيع رئيس الحكومة ووزير الداخلية بصرف الاعانات الموقوفة وزيادة الاعانات المقررة كما أمر صاحب المعالي فؤاد سرج الدين باشا وزير الشئون الاجتماعية بصرف اعانات لمئات من الشعب الاخري حتي بلغ مجموع تلك الاعانات الألوف من الجنيهات. بل وصل الأمر والكلام مازال للسكري الي اشتراك عدد من وزراء الوفد في الجماعة فقد نشرت جريدة الإخوان المسلمون في عددها الصادر في12 يونيو1943 تحت عنوان اشتراك كريم أرسل صاحب المعالي فؤاد سراج الدين باشا إلي صندوق المركز العام مبلغ خمسين جنيها مصريا قيمة اشتراك معاليه والإخوان يشكرون لمعاليه هذه الأريحية ويسألون الله ان يديم عليه نعمة التوفيق في خدمة الوطن والإسلام. ويؤكد السكري أن ذلك لم يكن لغرض ولا علة وانما هو ابتغاء وجه الله والحق البنا يمتدح الوفد ورجاله: وفي مقاله الرابع عشر وتحت عنوان كيف كان أيام حكم الوفد وفديا أكثر من الوفديين! يذكر السكري كيف أزجي البنا المديح في حفل استقبال وزراء الوفد للحزب الكبير وزعيمه ورجاله ويسرد بعضا مما جاء في خطبة المرشد الأول ونشرته جريدة الإخوان المسلمون في عددها الثامن عشر الصادر في12 يونيو من عام1943. وكان مما ظن بعض الناس أن الاخوان المسلمين فكرة موضوعة وهيئة مصنوعة صنعتها أيد وأهواء لتنال من الوفد أو من غيره( كذا...) فتناصر حزبا علي حزب أو تظاهر قوما علي قوم, وذلك وهم باطل لا أصل له ولا خير فيه( إن يتبعون إلا الظن وما تهوي الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدي وان الظن لا يغني من الحق شيئا) فالإخوان المسلمون ليسوا حزبيين ولن يكونوا كذلك, بل هم دعاة وحدة وسلام وصفاء ووئام يجمعون ولايفرقون, ويبنون ولا يهدمون.. ولا صلة لهم بفريق معين ولا بطائفة خاصة, ولكن فكرتهم للاسلام والمسلمين في كل زمان ومكان, وهم يحترمون كل الهيئات ما دامت تعمل علي رفعة الاسلام وحمايته والتمسك بمبادئه( ثم استمر فضيلته ارتجالا كما قالت مجلته في تعداد ما قامت به الحكومة وقتذاك من التشريعات والاصلاحات الاسلامية التي ذكرها رئيس الاخوان في المنصورة نقلا عن تسجيل فضيلة المرشد). ثم قال:( وهم, أي الاخوان) بعد هذا يأملون من الوفد وهو الهيئة السياسية الكبري, ومن رفعة رئيسه الجليل وهو الرجل المسلم الغيور علي دينه والمؤدي لفرائضه, أن يكون عونا للإخوان علي أداء رسالتهم وتحقيق غايتهم, فيقدمو بذلك للمجتمع المصري خدمة جليلة يكتب له أجرها ويسجل له أثرها.! وقال بعد ذلك مخاطبا اصحاب المعالي الوزراء ان مهمة رجال السياسة في هذه البلاد بعد الحرب ليست أقل منها حين الحرب مع فداحة عبئها الآن, وهذه المهمة تتطلب منذ الساعة توحيد الجهود واليقظة التامة.. والإعداد المنظم الكامل, ولستم في حاجة إلي من ينبهكم إلي هذا وأنتم صفوة رجال هذا البلد, الامناء علي حقوقه والمسئولون عن مستقبله..! ويعلق السكري قائلا: هذا ما قاله الاستاذ حسن البنا المرشد العام للاخوان المسلمين سنة1943 ايام حكم الوفد عن حضرة صاحب المقام الرفيع مصطفي النحاس رئيس الوفد أيام كان رفعته علي رأس الحكومة المصرية, وهذا ما قاله عن رجال الوفد, وما وصفهم به وصفا لايقل ان لم يكن يزيد عما يقوله الوفديون أنفسهم, فما الدي حدث بعد ذلك, ومن الذي ضغط علي أنامله الرقيقة فجعله يكتب خطابا آخر لرفعته في3 مايو سنة1947 وأصبح بذلك سعديا أكثر من السعديين..!! كانت هذه شهادة, لابد من سردها, لواحد من أهم رجال الإخوان في تلك المرحلة بل كان الرجل الثاني فيها, لولا اعتراضه علي الفضيحة الأخلاقية لصهر البنا آنذاك عبد الحكيم عابدين الملقب براسبوتين الجماعة, والتي اطاحت به( السكري) وعدد من أنبل وأشرف رجالات الجماعة في ذلك الوقت ممن لم يوافقوا علي تصرفات البنا, وسماحه بالتلون حسب الحكومة التي تتولي السلطة, ومدي قربها أو بعدها من القصر والملك. والي لقاء. [email protected]