في العاشر من ديسمبر1984 وضعت الأممالمتحدة وثيقة حقوق الانسان, في هذا الكوكب المعذب حيث تنتشر الحروب والفوضي والاقتتال من جراء سياسات بعض الدول الساعية للهيمنة ومن جراء الإرهاب الأعمي الظلامي بل ومن جراء الكوارث الطبيعية لا موضع للتحدث عن تقدم في تحقيق المقاصد التي نصت عليها تلك الوثيقة. ولذا يتشكك الكثيرون في جدواها. وفي الواقع إننا نخطئ إذا اردنا ان نحمل هذه الوثيقة المثالية اكثر مما تحتمل, فننعي عليها قصورها في تحقيق العدالة التي تنادي بها, وإعادة الحقوق الي اهلها المشردين في الارض, ضحايا الظلم, والبغي, والجبروت والاستغلال في ابشع صوره, فالوثيقة ذاتها لا تعدو أن تكون أملا يراود البشرية, وفكرة قام علي وضعها مفكرون عظام, وسخر بها و منها صغار رجال السياسة وهكذا شان عالمنا, يعيش فيه رجل الفكر, والعالم,والفنان والكاتب والشاعر, يرسمون للبشرية طريقها إلي السمو, ويتولي أموره أفاكون ظلمة منافقون, فأمريكا تلقي المواعظ علي العالم عن حقوق الانسان وهي تنتهك حقوق الإنسان كل يوم, تساند الارهاب الاسرائيلي وتغطي علي الارهاب الإخواني وتعتبره إرهابا معتدلا! بل وترتكب مآسي يشيب لها الولدان, انظر إلي فظائعها في سجن أبو غريب حين كانت تحتل العراق وتمزقه, وانظر الي التقريرالذي نشره الكونجرس حول أساليب الاستجواب القسرية التي استخدمتها وكالة الاستخبارات المركزيةCIA, بعد هجمات11 سبتمبر وفترة رئاسة جورج بوش. وجاء في التقرير المكون من نحو6000 صفحة كشفت400 صفحة كملخص أن أساليب استجواب الCIA كانت غير فعالة ولم يتم استخلاص معلومات استخباراتية تساعد بالحفاظ علي الأرواح, وأن برامج الاستجواب كانت أعنف مما بينته الوكالة للبيت الأبيض ووزارة العدل والشارع الأمريكي. وألقي التقرير الضوء علي أن119 محتجزا خضعوا لبرامج استجواب الCIA26 منهم كان احتجازهم خاطئا, وأن الوكالة أدارت هذه البرامج بشكل ضعيف بما في ذلك من ضياع معلومات المحتجزين وأخذ معلومات غير صحيحة أدت إلي ضياع الوقت والجهد. ومع ذلك يخرج علينا الرئيس الأمريكي باراك أوباما ليقول للعالم زاعما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية فعلت أكثر مما فعلت أي دولة أخري للدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والكرامة المتأصلة لبني البشر في جميع أنحاء العالم. وأن الأمريكيين مدينون عميق الامتنان لمواطنيهم, ومن بينهم العاملون في أجهزة الاستخبارات الأمريكية, بما في ذلك وكالة الاستخبارات المركزية. وأنه منذ وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر المروعة, عمل هؤلاء الموظفون بلا كلل لتدمير أسس تنظيم القاعدة وتحقيق العدالة بمقتل أسامة بن لادن, ومنع وقوع عمليات إرهابية وإحباط هجمات إرهابية. واستطرد بأن تلك النجوم المصفوفة بإجلال علي الحائط التذكاري في وكالة الاستخبارات المركزية إنما تكرم وتحتفي بأولئك الذين قدموا حياتهم فداء من أجل حماية أمريكا. والأمر الغريب والمريب هو مواصلة المسئولين الأمريكيين في واشنطن وحول العالم علي إصدار بيانات شبه يومية ينتقدون فيها سجلات حقوق الإنسان في الدول الأخري, لكن الدواء الذي كانت تصفه الولاياتالمتحدة للآخرين أصبح يوصف لها. علي لسان مجموعة من خبراء الأممالمتحدة التي انتقدت معاملة الأقليات في الولاياتالمتحدة وما الشاب الامريكي الذي كان يبيع سجائر مهربة وتم خنقه عبر رجال الشرطة الامريكيين في نيويورك لأبلغ دلالة علي انتهاكات الإنسان الأبيض لحقوق السود. بل عديد المقالات الامريكية أضحت تتحدث عن حقوق الإنسان الامريكي المهدرة. لا نريد من السيد أوباما أن يتواري ومخابراته خجلا. وإنما نطالبهم بأن يقلعوا عن الفاظ يلوكونها في ندواتهم الدولية الكبري وخطاباتهم الرنانة ودروسهم للعالم عن احترام حقوق الإنسان دون أن يصدقوا منها حرفا, ودون ان نصدق نحن كلمة تخرج من أفواههم كبرت أم صغرت, وبدون أن يدور بخلدهم هم أن أحدا من سامعيهم أو قارئيهم أو مشاهديهم علي استعداد لتصديقهم. فلنحتفل نحن المثاليين, بعيد حقوق الانسان وقلوبنا متجهة إلي المعذبين في الارض, اولئك الذين فقدوا ذويهم وحرثهم وضرعهم وأرضهم ومنازلهم؟, وسكت موثقو حقوق الإنسان عنهم, ولا يعلم إلا الله متي يسكتون؟ خبير في الشئون السياسية والاستراتيجية