الفساد أشر ماتبتلي به الشعوب وهو الذي يأتي علي الدول والممالك علي نحو أسرع ما تأتي به الحروب والأعداء.. فهو العدو الأكثر فتكا والأكثر دمارا وهذه ليست مجرد مقولة ولكنها حقيقة قد سبق أن وصل اليها جدنا عبدالرحمن بن خلدون في كتابه علم الاجتماع والذي تحدث فيه عن اسباب قوة الدولة وبقائها وأيضا أسباب ضعفها وزوالها.. وقد عزي ذلك الي ضعف ما أطلق عليه وهو مفهوم العصيةkinship وقال إنه بضعف العصيبة تضعف الدولة وتزول قوتها.. اذ أنه نتيجة ركون الحاكم واعتماده علي أهل الثقة من أقاربه ومحاسبيه وتفضيلهم علي أهل الخبرة يؤدي الي ضعف الدولة ورخاوتها وأيضا انتشار حياة الدعة والترف والفساد فتضعف الدولة وتهدم وتنهار.. لذلك ندرك أن آفة الفساد وضعف العصبية التي يحل محلها في العصر الحديث مفهوم القومية والوطنية والذي يعني الانتماء والولاء للدولة نتيجة وجود العديد من الأسباب التي تؤدي الي ضعف الانتماء والولاء منها انتشار المفاسد والمظالم والاعتماد علي أهل الثقة والذين لم يعدون الآن بأهل للثقة بل هم أهل المنفعة والمصلحة علي حساب أهل الخبرة والذين هم في الوقت نفسه أهل ثقة وذلك ماتحتاج اليه مصر في هذه الأيام.. وذلك مانوه اليه وشدد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في كل مناسبة وفي كل حديث له وهو علي علم وعلي يقين بأن الفساد مازال منتشرا وأنه يحاول الآن أن يتلون ويتدثر بعباءات الشرف والوطنية ولعل كم الشكاوي التي ترسل الي سيادته والأجهزة المعنية منذ توليه بغض النظر عن المبالغة في بعضها أو عدم صدقها وكيديتها الا أن الغالبية العظمي منها تعبر بصدق عن ذلك الفساد.. ومن المؤكد أن هؤلاء المارقين والفاسدين يعلمون تماما أن الوقت ليس في صالحهم وأن أمامهم زمنا يسيرا وهم يعلمون أن النهاية آتية لاريب فيها لذلك سوف يحاولون بقدر الامكان الحصول علي ماتطوله أيديهم من مكاسب لتأمين مستقبلهم وتلك هي القاعدة الشائعة والمعمول بها فهم ينظرون الي هذه المناصب والمواقع كأحد مصادر تأمين مستقبلهم وليتهم يكتفون بتلك الدخول الباهظة التي يحصلون عليها ولكن يسعون الي التكويش بكل الطرق والوسائل المشروعة وغير المشروعة أيضا ولكن الأغلب هي أنهم يحاولون تستيف الأوراق وتظبيطها من الناحية المستندية والقانونية وهناك ترزية وأسطوات يعملون معهم ولهم نائبا.. ولكن ذلك كله لم يعد مقبولا الآن فالظروف التي تمر بها البلاد صعبة للغاية وأن الحكومة بل وعلي نحو أدق القيادة السياسية تسابق الزمن لكي ما تنجو بالسفينة وتخرج بها من ذلك البرزخ الضيق.. أن القوات المسلحة تتحمل العبء الأكبر ليس فقط من النواحي الأمنية في تأمين البلد ولكن أيضا من الناحية التنموية فنحن نري بعيوننا تلك المشروعات العملاقة التي تقوم بها في مختلف المجالات كمؤسسة قوية وهي تضخم المشكلات التي يتلظي منها المواطن العادي محدود الدخل وذلك هو المنفذ الذي يتنفس منه المواطن وهي التي تخفف حدة العبء الذي يقع عليه.. رأينا ذلك في ال21 مشروعا الجديد الذي افتتحه السيسي والذي حرص أن يؤكد أن من يعملون في ذلك المجال ليس المجندين كما يدعي الكثيرون ولكنه50 مواطنا مدنيا.. ولكن علي ذلك الجهاز المترهل الذي قوامه يفوق تعداد القوات المسلحة علي نحو كبير آن له أن ينقي من الفساد الضارب فيه والذي يتلون مع الأحداث ويرتدي عباءات كثيرة والذين معظمهم من النظام الأسبق والسابق وبعضهم عمل لصالح النظامين ولم يكن له موقف نزيه أو وطني.. ولكن مما يؤسف له سيادة الرئيس أنهم قد تم تصعيدهم بعد رحيل الاخوان وقد يكون السبب هو ضيق الفترة الزمنية وسرعة الأحداث وذلك مانحن علي يقين منه وتعلم أيضا أن المعلومات التي لدي سيادتكم أكثر مما قد يتصوره أحد ولكن الأولويات هي التي تدفع الي التأني.. ولكن قد يكون من المفيد أن يتم التغيير علي الأقل علي القيادات التي تشغل مناصب حساسة ولها صلاحية اتخاذ القرار حتي لاتستخدم ذلك لتسكين ممن يمكن أن يكونوا ظهيرا لهم بعد ازاحتهم وخروجهم ومن ثم يتركون أذنابهم ويصبحون أصحاب جميل عليهم ينتظرون أن يردوه لهم ذلك هو مايفعلونه الآن أي أنهم يقومون بازاحة الشرفاء أو تغل يدهم أو افشالهم ومحاولة تشويه تاريخهم الوظيفي المشرف وانجازاتهم علي المستوي القومي والخارجي أيضا ومكانتهم العلمية هؤلاء هم الذين تتحدث عنهم ياسيادة الرئيس والذين تقصدهم في رسائلك الصريحة.. ولكن مايحدث هو العكس تماما.. أن الفساد سيادة يحاول أن يثبت أقدامهم ويزرع له طابورا خامسا أن ما يهمهم هو مصالحهم الشخصية أن مايحتل المناصب ولو مؤقتا هو ليس أهل لها ولايملك القدرات أو الامكانيات المهنية والعلمية وأيضا الأخلاقية وذلك هو الأهم هو الفساد بعينه لأنه سوف ينتشر الفساد ويصبح له ذيول وأعوان وذلك الفساد أخطر من فساد الرشاوي والتربح من المال العام أو الاستحواذ علي الأراضي أو تمكين البعض منها بأسعار رخيصة.. ذلك هو الفساد الذي لايجب التهاون معه أو ترك أية مساحة من الوقت له.. أن ذلك يعد مطلبا صعبا ولكن لابد منه ولايكفي أن يتم الاعلان عن الزيارات الميدانية في الكشف عن الفساد والتقصير ولكن ذلك ليس هو الأساس اذ أن تقصير هؤلاء قد يكون مصدره عدم توافر الامكانات لديهم أو إصابتهم بالاحباط نتيجة تجاوزهم في الترقيات وعدم حصولهم علي حقوقهم.. اذ بعد أن كان رؤساء قد أصبحوا مرءوسين لهم بين عشية وضحاها.. علينا أن نضع الفأس علي اصل الشجر لنقطعها وأقصد شجرة الفساد وليس فقط فروعها وأغصانها علينا أن نسحق رأس الحية ولانركز علي الذيل.. إن رءوس الفساد قد أينعت وقد حان الآن قبل أية وقت مضي وقت قطافها فهي معركة لاتقل عن معركة الارهاب الذي سوف نقضي عليه باذن الله وعن قريب.