إذا كانت هناك رسالة وحيدة يمكن استخلاصها من كل ما يدور من دراسات وأحاديث تتعلق بقضية السكان فهي أن مصر تواجه سباقا مع الزمن لأسباب لاتعد ولا تحصي لتعويض ما فات من زمان ضاع في استخدام سئ قبل وبعد عهد الثورات ولمواجهة تحديات لاتحصي.. أمنية واقتصادية وحضارية وحتي أخلاقية ودينية وحتي تعود مصر إلي مكانتها التاريخية والحضارية اقليميا ودوليا فإنه لم يعد هناك اختيار في وقت السباق العالمي, فإما أن نقبل بالمسابقة أو نداس بأقدام من يتسابقون بالفعل ولربما كان هناك ماهو أكثر من كل ذلك والخلاصة انه لا مفر من السعي الحثيث الذي لا يترك زمنا ليضيع ولا فرصة لعمل لايتم ولا مساحة علي أرض مصر لايجري استخدامها ولاموارد لايجري تعبئتها في كل الأحوال لدينا ضغوط لاتتوقف ولايمكن تجاهلها ولامفر من مواجهتها. يأتي علي رأس كل ذلك قضية الانفجار السكاني التي تتكالب الشواهد علي أنه عاد خلال المرحلة الحالية لانه سوف يبتلع كل جهود التنمية والبناء, ولكن أيا ما كانت الاعتبارات السياسية المرتبطة بالموضوع فإن الاحصائيات الناتجة عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء وتلك التي أنتجتها مراكز البحث العلمي المصرية قبل الأجنبية كلها تقول إن مصر مقبلة علي فترة من الضغوط السكانية الكثيفة. وفي شهر مايو الماضي أصدر منتدي البحوث الاقتصادية ورقة بحثية تدور حول الضغوط السكانية علي مصر وضعها الخبيران كارولين كرافت ورجوي أسعد تسجل بوضوح هذه القضية التي لايمكن تجاهلها والأهم أنها تجعل سباقنا مع الزمن في التنمية والبناء أكثر إلحاحا وأهمية من أي وقت مضي فإما ان ننجح ونخرج من أزماتنا الكثيرة أو تنهار البلاد فوق رؤوسنا جميعا لأن الضغوط علي النظم التعليمية وعلي سوق العمل وعلي الغذاء والمياه والكهرباء والخدمات العامة والمواصلات سوف يكون مستحيلا تحملها من قبل قدراتنا الراهنة أو المتصورة. الحقائق الإحصائية والبحوث التي لدينا تقول إن الضغوط السكانية في مصر والتي وصلت إلي قمتها خلال السبعينيات من القرن الماضي أخذت في التراجع في الثمانينيات والتسعينيات لأن معدل المواليد والخصوبة تراجعت بأسرع وأعلي من التراجع الذي حدث في معدل الوفيات أسباب ذلك يعرفها الباحثون والسياسيون ولكن النتيجة كانت تراجع معدلات الفقر وارتفاع في معدلات النمو مع العقد الأول من القرن الواحد والعشرين.. ولكن العقد الثاني بدأ يشهد ما يدعو إلي القلق والانتباه من زاويتين الأولي أن هناك قفزة في الزيادة السكانية في البلاد ربما تعود بدايتها الي عام2005 وبعد أن كان معدل الخصوبة يجعل مصر يزيد عدد سكانها عام1988 بما مقداره109 ملايين نسمة هبط إلي105 ملايين ولكن الزيادة قفزت إلي206 ملايين مع عام.2012 الورقة المشار لها عاليه تقول إن هناك أسبابا رئيسية لما حدث في الحالة السكانية المصرية أولها التركيبة العمرية في الدورة الشبابية المصرية حيث تعني مزيدا من إنتاج الأطفال.. وثانيها أن سن الزواج وإنتاج الأطفال أخذ في التراجع ومن ثم فإن الداخلين إلي دنيا إنتاج الأطفال يتزايدون بأكثر من قدراتنا علي إنتاج المدارس وفرص العمل.. وثالثها أن هناك حالة من الثبات في عملية تنظيم الأسرة باستخدام الوسائل الطبية حيث ثبتت عند60% من عدد الأسر, ومع الزيادة المطلقة في عدد السكان دون زيادة في هذه النسبة فإن النتيجة هي إضافة للقفزة السكانية.. ورابعها أن فرص المرأة في العمل تراجعت وبعد أن كان22% من النساء الحاصلات علي التعليم الثانوي يعملن في عام1988 فإن هؤلاء انخفضت نسبتهن إلي17% عام2012, وبعد أن كان59% من الحاصلات علي التعليم الجامعي يعملن عام1998 فإنهن صرن41% في عام2012 النتيجة هي انتقال كتلة سكانية من النساء من ساحة العمل إلي ساحة الزواج المبكر وإنتاج الأطفال. خبير تنموي