لا يستطيع إخضاع القصة لرؤي وإحتمالات مسبقة.. لأنه يتحرك مع الشخوص.. يعش بهم ومعهم وكثيرا ما يتركهم يتحركون بحرية في سياق يختلف عما يرغبه.. متفهم لأدواته وحرفية كتابة القصة التي كثيرا ما تأتي في شكل مختلف وغير متوقع.. لكنه مرضي للأحداث والنهايات.. قرب شاطئ البحر وعلي صخرة وحيدة.. جلس يتأمل اللوحة الجميلة التي أبدعت الطبيعة في رسمها.. وقتما كانت الشمس تسطع بأشعتها الذهبية فوق سطح البحر فتحوله إلي سبائك من الذهب.. الصور تمر بعقله خاطفة والأحداث مترابطة.. شيء أشبه بالبرق الذي يتسارع ويومض في السماء في إشراقة بديعة حينا وباهتة أحيانا.. تتراءي أمامه الطيور محلقة في أسراب مجتمعة.. ومعها روحه التي إنفصلت عنه ورحلت إلي حيث لا يدري أين تحط هذه الطيور..؟! الشمس أوشكت علي المغيب.. ومعها طوي الصيادون شباكهم العامرة بالصيد الوفير.. ويبقي وحيدا في حالة عشق ووجد للبحر الذي يعشقه.. مأخوذا بتلك المرأة وعيناها الأشبه بقمرين.. تفتحهما مساء ليضيئا الظلمة.. يحدق فيهما.. يستكشف ألقاهما للمرة الأولي.. وكأن العالم بدأ خلقه من هاتين العينين.. تقترب منه.. تمسح دمعاته التي تشكل منها الموج..بملامح غريق يتوسل النجاة.. هي المرأة المستحيل أشبه بشقشقات الفجر.. تأتي علي شكل نورس مائي ثم يغيب.. يفتح عينه علي كثير أسماك وطيور وأصداف وسحابات وأقمار.. ليس من بينها امرأة النورس.. كم حلم بها.. وكم دوخه عطرها المزروع في وسادته يتمني لو يطول النوم.. حتي لا يستيقظ علي غيابها... يكتب القصة لوفرة المخزون عنده من قراءات وسنوات التجريب التي قفزت به نحو الخمسين.. يكتب لرغبته الملحة في مشاركة الأشياء والتأملات والأفكار والأراء ولمقاومة الموت.. يعيش وحيدا في شقة متواضعة أشبه بدكانة مليئة بالكتب.. الكتاب لديه خير صديق يبثه همومه ومتاعبه.. دون أن يضجر منه.. لولا الكتابة ما عرفت البشرية الحضارة..كانوا يسألونه: لماذا لم تتزوج...؟ ويجيب بإجابة.. الزواج مسئولية لم استعد لها بعد..!! هرول غير مقنع مع وظيفته المرموقة ويسر حاله... يري أن الحياة قصيرة كالزهور التي ما تلبث أن تذبل.. وعلي المرء أن يستمتع بها طالما يتنفس بالحياة.. طقوسه اليومية تختلف عن الأخرين.. في عشقه للكتابة وللبحر.. ولتلك المرأة النورس التي تأتي وتغيب. moc.oohay@1ayadohg