المصادفة قد تلعب دورا كبيرا في إنجاح بعض الأعمال الفنية.. فهناك مشاهد في بعض الأفلام او المسلسلات تصل الي ذروة كمالها بتدخل المصادفة فيها دون مجهود من المؤلف او السيناريست او المخرج او الممثل داخل الاستوديو.. المشهد للبطل يجلس في بيت مهجور وحيدا يجتر الماضي.. هاربا من الحاضر.. يغمض عينيه عن المستقبل.. الحوار في المشهد ولكن علي الكاميرا أن تجوب المكان في لقطة متصلة من وجهة نظر البطل.. لنري المكان الموحش الذي اختاره ليعيش فيه. وهو منزل هجرته أسرته منذ30 عاما.. بيت الأجداد جاء اليه البطل هاربا من حياة الحاضر.. وبدأ الصمت يلف المكان مع دوران الكاميرا.. فجأة دخلت قطة بيضاء الي مكان التصوير.. وصعدت الي حيث الأريكة التي يجلس عليها البطل.. وجلست بجواره بهدوء.. تتأمله.. وهو غائب عنها في تأملاته وبصمت الاشارة بين المخرج ومدير التصوير والعاملين بالاستوديو بضرورة التصوير دون تدخل من أحد او ايقاف التصوير.. فالمشهد يستمر لأن البطل في هذا المشهد صامت والكاميرا تدور وسوف يصاحب المشهد أنغام موسيقية بعدين.. استمر مدير التصوير وبجواره المخرج في التصوير.. وبدأت الكاميرا في تصوير القطة وحركاتها ونظرتها للبطل الصامت استغل المخرج وجودها وأخذ يوزع اللقطات بينها وبين البطل.. وكأن القطة تعرف التمثيل جيدا.. فقد أتت حركاتها ونظراتها للبطل مطابقة تماما للجو المطلوب.. ثم مدت يدها الي البطل تلاعبه وكأنها توقظه من تأملاته.. وفعلا استيقظ وتأملها بود طيب وأكمل هو الآخر المشهد مع القطة.. أخذ يداعبها كما تداعبه والتصوير مستمر الي أن انتهي المشهد.. وضج الاستوديو بالتصفيق فأسرعت القطة واختفت بين يدي البطل مذعورة.. الي أن قام البطل بتهدئتها وهدأت. وخرجت من الاستوديو ببطء النجمة التي أدت دورها. كان هذا المشهد من أنجح المشاهد تعبيرا والسبب القطة والمصادفة.. وحكاية القطة لم تنته فقد أصبح وجودها مهما ويشكل خطا دراميا في الموضوع.. وتعبيرا رائعا عن الوحدة التي يعيش فيها بطل الحكاية الدرامية. وبعد يومين تم تصوير بعض المشاهد خارج بيت العائلة.. وعدنا لاستكمال الوحدة في داخل البيت وبدأ المخرج والمساعد وكل من في الاستوديو يبحثون عن القطة.. من أجل التصوير.. ولكنهم لم يجدوها ويفقد الجميع الأمل.. ودخل البطل.. وجلس علي نفس الأريكة.. واستعد الجميع للتصوير بدون القطة.. ولكن فجأة ظهرت القطة وهي تدخل الي حيث يجلس البطل.. وتسير بهدوء الواثقة.. وكأنها نجمة تعرف دورها جيد.. وتلتزم بمواعيدها.. وجلست بجوار البطل في هدوء.. ودارت الكاميرا.. وبدأت القطة تلعب دورها بابداع.. وتلاطف البطل بحب ليكمل المشهد ويخرج من تأملاته.. ويقدم لها كل الحب والمداعبة. والكل مندهش من تصرفات قطة الاستوديو النجمة العجيبة!! وكثير من المصادفات تخدم بلا قصد كثيرا من المشاهد الدرامية.. ويكون ابطالها حيوانات او جمادا او انسان عابر في مشهد نظر فيه الي البطل دون قصد.. ولكن الموقف كان يحتاج هذه النظرة ليكتمل.. او مرور قطار فجأة دون أن يتوقف علي المحطة التي تنتظر عليها البطلة حبيبها.. او فرمة سيارة بعيدة تساعد علي مشهد التوتر.. ومصادفات غير مقصودة تصنع عالما من الفن المتكامل دون قصد.. فقط عن طريق المصادفة. وان كان أجملها مصادفة القطة نجمة البلاتوه العجيبة!!